الفرق بين الحزن والاكتئاب: أخطر ممّا تظن

18 ابريل 2017
( أويفيند هوفلاند)
+ الخط -
خلال الفترة التي قضيتها في الممارسة الخاصّة، التقيت بالعديد من الأشخاص الذي يعانون من الاكتئاب، والذين كانوا يظنّون بأنهم مجرّد أشخاصٍ حزينين على الأكثر. والتقيت أيضًا بالعديد من الأشخاص الذين كانوا في غاية الحزن والذين كانوا يظنون أو يخشون من أن يكونوا مصابين بالاكتئاب.

وهذا اللبس يحصل لأننا نربط الاكتئاب بأول أعراضهِ الظاهرة، ألا وهو الحزن المفرط، وكثير منّا يحاولون جاهدين أن يعرفوا الفرق بين هاتين الحالتين النفسيتين المشتركتين.

يُمكن أن يؤدّي هذا الخلط إلى إهمال حالة خطيرة تتطلّب العلاج (الاكتئاب)، أو على النقيض من ذلك، أن نفرّط في ردّة الفعل تجاه حالة عاطفية معيارية (الحزن). ويُعدّ من المهم التفرقة بين المصطلحين والحالتين، لأنه إذا كنت أنت مكتئبًا (أو أحد أفراد أسرتك)، فإن للأمر آثارًا كبيرة على صحّتكم العقلية على المدى الطويل والصحّة البدنية وطول العمر أيضًا.


الفرق بين الحزن والاكتئاب
يُنظر للحُزن على أنه أحد المشاعر الإنسانية الطبيعية، التي يجرّبها الإنسان بين فترة وأخرى دون انقطاع (إلا في بعض الحالات المرضية، حيث لا يكون الشخص قادرًا على الحزن – ملاحظة المترجم). ويكون الحزنُ عادة ناجمًا عن تجربة أو حادثة سيئة أو مؤلمة أو مخيّبة للآمال. ولتوضيح الأمر أكثر، نحن نشعر بالحزن حيال أمرٍ ما، وهو ما يعني أنه وبعد غياب هذا الأمر ومروره وعند مرور الأذى العاطفيّ، فإن هذا الشعور يختفي أو يتلاشى في تلك النقطة.

أما الاكتئاب، فهو حالة عاطفية غير طبيعية، لأنه مرض عقلي يؤثّر على التفكير والعواطف والتصوّرات والسلوك بشكل قويّ ومزمن. وعندما تُصاب بالاكتئاب، فإنك ستكون حزينًا حيال كل شيء. حيث إن الاكتئاب لا يتطلّب بالضرورة وجود حدثٍ صعبٍ أو حالة سيئة أو خسارة قاسية كظرف محفّز للحالة. بل إنه يحدث غالبًا لغياب أي من هذه المحفّزات. قد تبدو حياة الناس ظاهريًا بخير، وقد يعترفون هم بذلك حتى، ولكنهم يشعرون في الواقع بالفراغ واللاشيء.

يؤثّر الاكتئاب على جميع مناحي حياتنا، مما يجعل كل شيء أقل متعة وأقل إثارة للاهتمام وأقل أهمية وأقل جدارة بالانتباه. يستنزف الاكتئاب طاقتنا ودافعنا وقدرتنا على تجربة الفرح والمتعة والإثارة والترقّب والارتياح والاتصال والمعنى. كل شيء بعدها يميل إلى أن يكون أقلّ من المفترض. وستكون أقل صبرًا، وأسرع غضبًا ومحبطًا، وأسرع في الوصول إلى الحضيض، وسيأخذ الأمر منك الكثير من الوقت لتعود مرّة أخرى إلى ما كنتَ عليهِ.

وفي خلال محاضراتي التي ألقيتها في مؤتمرات TED، ناقشت أحد أكثر النتائج المؤسفة لهذا اللبس: كيف يتوقّع الآخرون من المصاب بالاكتئاب "أن يخرج من الحالة بسرعة وأن يقولوا له "كل شيء في رأسك" و"أنت تختار أن تكون سعيدًا" لأن مثل هذه الجُمل تعبّر عن سوء فهم كبير للاكتئاب، بل وتجعل المصاب بهِ يشعر بالسوء والعجز أكثر حيال نفسه ووضعه.


الأعراض الحقيقية للاكتئاب
لتشخيص أي أحد بالاكتئاب، فعلى الأقل 5 من الأعراض التالية يجب أن تنطبق عليهِ لمدّة مستمرة (أسبوعين كحد أدنى). ويجب أيضًا أن تأخذ في الاعتبار شدة هذه الأعراض، لذا يُرجى استخدام هذه النقاط فقط كمبادئ توجيهية ودعوة لزيارة خبير صحّة النفسية للحصول على تشخيص قاطع.

1- مزاج محبط أو نزق أغلب الوقت.

2- ضياع أو نقصان في المتعة أو الاهتمام في معظم الأنشطة، بما في ذلك تلك التي كانت مثيرة للاهتمام أو ممتعة سابقًا.

3- تغييرات واضحة في الوزن أو الشهية.

4- اضطرابات في النوم أو النوم أكثر من اللازم.

5- الشعور بتباطؤ في الحركة أو غياب للراحة معظم الأيّام.

6- الشعور بالتعب والكسل ووجود طاقة منخفضة معظم الأيام.

7- الشعور المفرط بالذنب وفقدان الشعور بالأهميّة معظم الأيام.

8- مشاكل في التفكير والتركيز والإبداع والقدرة على اتخاذ القرارات معظم الأيام.

9- التفكير بالموت أو الانتحار.

إذا كنت تشعر بأنك أنت أو أحد أفراد أسرتك يعاني من الاكتئاب، فلا تتردّد في التواصل مع أخصائي صحة نفسية للتشخيص والعلاج، لأن الاكتئاب مرض عقلي شائع للغاية وهناك العديد من العلاجات التي تفيد معظم الناس.


(النص الأصلي)