حقق الطالب مؤمن مسك حلم حياته، وتمكن بإصراره وعزيمته المتواصلة، والتحدي الكبير أن يحصد مجموع 97.1 في الثانوية العامة الفلسطينية "الإنجاز" بعد سنوات طوال من استشهاد والده منفذ عملية فدائية في حافلة إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة عام 2003.
مؤمن وهو من مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة، لا يقدر على وصف شعوره، ففرحة النجاح أعادت له هيبة استشهاد والده، "في هذا اليوم يجب أن يكون بجانبي" يقول مؤمن لـ"العربي الجديد"، ويتابع: "منذ صغري كنت أحلم بكلمة بابا".
يبحث مؤمن عن الفرح في وجه والدته، وجده كما قال لـ"العربي الجديد" وهو ما عوضه عن حاجته لمساندة والده وقيادة مراسم فرح تخرج الطبيب الصغير كونه يحلم بأن يكون طبيبا، في حين سيكمل مشوار والده في حب العلم والتعلم، ليصبح طبيبا "لاختياري مساعدة الناس وخدمتهم".
أن تكون ابن شهيد هو التحدي بذاته بحسب مسك، فهو تمثيل لقضية الشعب، وعنوان للإصرار على أن تكون مختلفا ومميزا، وأن تجتهد لتحصل على مجموع مميز، ما يبرز قضية الشهداء ويعيدهم إلى الساحة من جديد.
ويقول طبيب المستقبل مؤمن مسك، إنه عاش هو ووالدته وأشقاؤه في بيت جده لأمه، حيث تلقى الدعم الكامل من الوالدة والأخوال، وهو ما أمّن له النجاح، فالدورات والدروس والنصائح كان يحصل عليها باستمرار ما عوضه عن فقدان الأب.
"الشعور صعب" عندما تعيد فرحة النجاح، وجع الفراق، عادت الذاكرة بمؤمن إلى الوراء لمّا كان طفلا وبحاجة إلى حضن الأب، والآن بعد أن أصبح كبيرا وبحاجة إلى فرحة والده ووقوفه إلى جانبه، لكن فرحة النجاح حوّلت صعوبة المشاعر تلك، إلى رسالة للعالم بأن أبناء الشهداء قادرون على الإبداع والتميز، بحس مؤمن.
"حملت وصية من والده، بتربيته على العلم" تقول أم مؤمن لـ"العربي الجديد" ، وتضيف "كون الوصية في مسارها الصحيح، سيصبح مؤمن طبيبا"، والمسؤولية التي كانت على عاتقها في التربية الصحيحة، رمت بثمارها اليوم.
"الله وقف مع ولدي" تضيف، وتنصح زوجات الشهداء والأسرى، بأن مهمة النجاح والتربية الحسنة ليست صعبة، لأنها تؤمن أن قضيتها عادلة عند الله، ومهمة زوجات الشهداء والأسرى التوجيه والتشجيع وشحن العزيمة للأطفال.
نجاح مؤمن مسك، أعاد والده الاستشهادي رائد مسك إلى الحياة، وهو رائد من حركة "حماس" نفذ عملية فدائية في حافلة اسرائيلية بمدينة القدس المحتلة، في 19 أغسطس/آب عام 2003 عندما تخفى بزي يهودي متدين، وصعد إلى الحافلة رقم2 من أمام ساحة البراق، وفجر جسده فقتل ما يزيد عن 20 مستوطنا وأصاب العشرات.