كَثُرت في الآونة الأخيرة حوادث منع دخول فنانين سوريّين إلى لبنان. وتمّ تداول أخبار تُفيد أنّ الأمن العام اللبناني ساهم في إتاحة قرار منع الدخول لأسباب مجهولة نسبيّاً أمام الرأي العام، لكنّها واضحة بالنسبة للفنان والجهة المانعة. فبعد التضييق الذي حصل على تنقّل المواطنين السورييّن بين الدّول العربية، بسبب الحرب في سورية، تساوى المواطن العادي بالفنان المشهور الذي اعتاد على استقبالات وردية، فبات التدقيق بأوراق الجميع ضرورياً، والانتظارعلى الحدود روتيناً لا بدّ منه.
ولعلّ لبنان ومصر كانا من أكثر البلدان التّي وضعت النجوم السوريين في مأزق الانتظار لساعات طويلة في المناطق الحدوديّة، على الرغم من تساهل القانون اللبناني بالسماح للسوريين بدخول الأراضي اللبنانيّة من دون تأشيرة دخول.
ولعلّ لبنان ومصر كانا من أكثر البلدان التّي وضعت النجوم السوريين في مأزق الانتظار لساعات طويلة في المناطق الحدوديّة، على الرغم من تساهل القانون اللبناني بالسماح للسوريين بدخول الأراضي اللبنانيّة من دون تأشيرة دخول.
الممثلة السورية أمل عَرَفة كانت إحدى ضحايا التوقيف، إذ عند دخولها الحدود اللبنانيّة في نقطة المصنع تلاسنت مع عنصر من الأمن العام اللبناني، وكان ذلك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014. إذ بادر العنصر إلى منعها من الدخول قبل تدخل مسؤول أعلى لحلحلة سوء التفاهم.
وفي التفاصيل، أنّه عند عودة النجمة السورية أمل عرفة من دمشق إلى بيروت لمتابعة تصوير مسلسلها، أوقفها أحد عناصر الأمن اللبناني محاولاً منعها من عبور الحدود اللبنانية السورية من دون تبرير واضح ومصرّاً على تذكيرها، أنّها ستكون بحاجة إلى فيزا قريباً تمكّنها من الدخول إلى لبنان، بحسب تصريح أمل. مصدر في الأمن العام أوضح أنّ المسألة تمت معالجتها بسرعة وأنّ اللغط حصل بسبب زحمة عدد المسافرين ما أخّر عملية دخولها. وتكرّرت الحادثة مع الفنانتين نادين تحسين بيك وكاريس بشار في محطات حدودية مختلفة في لبنان.
الممثلة كاريس بشار التي كانت متجهة من مدينة اللاذقية إلى بيروت عبر بوابة العريضة الحدودية تعرضت لموقف مشابه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. عنصر من الأمن العام كما روت كاريس للإعلام أصرّ على طلب ترخيص عمل من الأخيرة على الرغم من تفسيرها له أنّها متجهة إلى بيروت بهدف الإقامة الدائمة مبرزة عقد الإيجار.
وكانت هناك أيضاً محاولة لمنع الممثلة السوريّة ندين تحسين بك من دخول لبنان في شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت، علماً أنّها دائمة السفر إلى لبنان. لجأت إلى أحد الضّباط ونقلت له شكواها عن تأخير دخولها، فعالج الموضوع وسُمح لها بالعبور. كما أشار الفنّان السوري مظهر الحكيم إلى تعرّضه لموقف مُشابه أيضاً على الحدود السّوريّة اللبنانيّة، لكنّه تكتّم عن الموضوع لتفادي البلبلة.
من جهته، أكّد مصدر رفيع في الأمن العام لـ "العربي الجديد" أنّ ما حصل مع الفنانة أمل عرفة تحديداً كان خطأ فرديا حوسب عليه العسكري الذي بادر إلى دعوة الفنانة لشرب فنجان قهوة والاعتذار منها لاحقاً. أما بالنسبة للحوادث الأخرى فأوضح المصدر: "لدينا ما لا يقلّ عن ألف حالة دخول يومياً عبر حدود المصنع، ما يُحتّم علينا التدقيق في أوراق كل داخل بعيداً عن الاعتماد على نظرنا. لدينا برامج متخصصة على الكمبيوتر تكشف على الأوراق الثبوتية لكل من يدخل، لمعرفة ما إذا كان مطلوباً أم لا. وبالتالي، وحتى ولو كنّا نعرف شكل الفنان أو الفنانة شخصياً، يقضي عملنا قانونيّاً ومهنيّاً التدقيق بأوراقه، ما يعني أنّ على الفنان/ة الانتظار بالدور. وفي حالة عرفة التي كانت تستقل باصاً، ما يتوجّب عليها الانتظار فترة أطول للتدقيق بأوراق كل الموجودين معها". وأضاف: "أيّ تأخير أو تدقيق إضافيّ مع أي فنان سوري حصل بشكل قانوني بعيداً عن العنصرية والإهانة".
صعوبات الدخول إلى العواصم العربية والتنقل فيها، لم تقتصر على الفنانات أو الفنانين المذكورين. فعدّة فنانين سوريين واجهوا صعوبات مماثلة في عدة مطارات عربية بسبب التعقيدات التي تحاصر أوراق السوريين من ناحية منحهم تأشيرات دخول إلى بعض العواصم، الأمر الذي ازداد تعقيداً في السنة المنصرمة. أما في مطار القاهرة، فيُذكر أن إشكالات مماثلة كانت قد حصلت مع الممثلين السوريين عابد فهد ودريد لحام بسبب مشاكل تتعلق بتأشيرات دخولهم.
وكانت سميرة البارودي، نقيبة الفنانين المحترفين في لبنان قد صرّحت في مؤتمر صحافي لمسلسل "بنت الشهبندر" قبل عشرة أيام عن أهمية وضرورة تسهيل أمور دخول وخروج الفنانين السوريين من لبنان والدول العربية قائلةً، "إنهم إخواننا". مضيفةً، أنّ النقابة لن توفّر جهداً في تسهيل دخولهم حتى وإن تطلب الأمر ذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية.
وفي إطار مشابه كانت أجهزة الأمن اللبنانية قد أوقفت المغنية السورية أصالة في مطار بيروت الدولي 24 سبتمبر/أيلول2014 حيث تم سحب جواز السفر الخاص بها وكافة أوراقها الثبوتية، وأحيلت إلى النيابة العامة التمييزية في جبل لبنان، وذلك استجابة لمذكرة توقيف دولية صادرة عن الشرطة الدولية (الإنتربول).
وبحسب البيان الصادر يومها، فقد "جرى اعتقال المغنية السورية، الأشهر على الساحة الفنية العربية، على خلفية دعوى رفعتها الدولة السورية ضدها بتهمة "الخيانة وإهانة الدولة"، وذلك بسبب مشاركتها في مهرجان "ليالي برك سليمان" في بيت لحم في فلسطين المحتلة، بناء على تأشيرة حصلت عليها من إسرائيل"، ليعود الجهاز الأمني ويطلق سراح المغنيّة في اليوم الثاني.
إنّ ما تعرّض له الفنانون السوريون من تأخير على الحدود اللبنانية ليس إلاّ جزءاً صغيراً من معاناة المواطنين السوريين الروتينية اليومية. مواطنون ينتظرون في البرد والشمس إذن دخول لبلد يحميهم من نار الحرب الدائرة فتصادفهم حرب عنصريّة باردة. يبقى أنّ الفارق الوحيد هو أنّ لا حول ولا قوة للمواطن العادي الذي يرضخ وينتظر بعكس الفنان الذي تساعده علاقاته الاجتماعية ووجوده على شبكات التواصل الاجتماعي للتشهير بأي حادث صغير أو كبير يحصل معه، حتى وإن كان مجرد سوء تفاهم أو تأخير لوجيستيّ.