ووصف الفيصل في تصريحات لوكالة "أسوشييتد برس"، نشرت اليوم السبت، مقتل جمال خاشقجي الشهر الماضي بأنه "حادث غير مقبول يقضي على المكانة التاريخية للمملكة العربية السعودية في العالم"، وأردف قائلا "سنضطر إلى تحمّل ذلك.. إنه شيء لا يجب مواجهته. لكننا نواجهه".
وبشأن قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين الأسبوع المقبل، قال الفيصل إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سيشارك فيها، وسواء انخرط رؤساء الدول الذين يتجمعون في القمة بحرارة معه أم لا، فإنه شخص "عليهم أن يتعاملوا معه".
ويقول مسؤولو مخابرات ومحللون إن عملية قتل خاشقجي، الذي كان ينتقد ولي العهد في مقالاته بصحيفة "واشنطن بوست"، لم تكن لتحدث من دون علم الأخير. بيد أن المملكة التي قدمت روايات متضاربة عن مقتل خاشقجي تنفي أي تورط لولي العهد في الجريمة. وبدأ بن سلمان في وقت متأخر الخميس أول جولة خارجية منذ مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة. من المتوقع أن يزور دولا أخرى في الشرق الأوسط قبل التوجه إلى بوينس آيرس في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني للمشاركة في قمة مجموعة العشرين التي تستمر يومين، حيث سيلتقي قادة العالم وجها لوجه. من بين الذين يتوقع حضورهم الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال الأمير السعودي "سواء انخرط القادة في تلك القمة بحرارة مع ولي العهد أم لا، فإنني أعتقد أنهم جميعا يدركون أن المملكة كدولة والملك سلمان وولي العهد هم أشخاص يتعين عليهم التعامل معهم". وشدد على أن الرياض سوف تستمر في لعب دور على المسرح العالمي وأن بيان ترامب الداعم للمملكة يقر بأهمية المملكة.
ويصر ترامب على عدم وجود أدلة كافية لإلقاء اللوم على ولي العهد في مقتل خاشقجي، بالرغم من أن تقريرا للاستخبارات الأميركية يقول عكس ذلك. ويقول ترامب إن المملكة حليف مهم ساعد على خفض أسعار النفط. في هذا السياق، قال الفيصل لـ"أسوشييتد برس": "أعتقد أن الرئيس ترامب كان يعبر عما يشعر بأنه في مصلحة الولايات المتحدة. لقد أكد على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين في البيان نفسه، وكيف كانت السعودية مفيدة في الكثير من الحالات، وليس النفط فحسب".
كما رفض الأمير بشدة تقديرات الاستخبارات الأميركية بأن ولي العهد أمر بقتل خاشقجي، قائلا إن هذه الأجهزة الاستخبارية نفسها لديها "تقييم معيب بشكل ملحوظ" عام 2003 في الفترة التي سبقت الغزو الأميركي للعراق. وقال عن تقارير الاستخبارات الأميركية "لا نتعامل معها باعتبارها وحياً إلهياً". الأمير الفيصل، الذي قاد المخابرات السعودية لأكثر من عقدين من الزمن وخدم سفيراً لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، كان على علاقة مع خاشقجي قبل أن يصبح الكاتب منتقداً للحكومة. وكان خاشقجي مستشاراً للأمير الفيصل في مرحلة ما، وكان مدعوماً من الملك خلال فترة عمله القصيرة، بصفته رئيس تحرير صحيفة "الوطن" السعودية.
وفي محاولة لتلميع صورة السعودية في الخارج، أقام تركي الفيصل، قبل أيام، حفل كوكتيل في نيويورك، رفض خلاله أي تحقيق دولي في قضية خاشقجي، وأكد أن بلاده ستعتمد في مواجهتها مع إيران على إسرائيل.
وفي وقت سابق ذكر موقع "ديلي بيست" أنّ الفيصل الرئيس السابق للاستخبارات السعودية، والذي يعيش في فرجينيا ودرّس في جامعة "جورج تاون"، شرع، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بحملة للتواصل مع السياسيين ورجال الأعمال وقادة الفكر، لاستعادة العلاقات التي تعتمد عليها المملكة للحفاظ على صوتها مسموعاً في واشنطن.
وخلال حفل الكوكتيل الذي ضم حوالى 50 شخصاً معظمهم كتاب وصحافيون وسياسيون، وجه إلى الفيصل عدد كبير من الأسئلة، حول جريمة إسطنبول.
Twitter Post
|
وأخبر الفيصل الحاضرين، أنّه على الرغم من القتل الوحشي لخاشقجي من قبل عملاء سعوديين، "ليس هناك ما يدعو للقلق"، مضيفاً أنّ "الرياض في النهاية تعمل على إجراء تحقيق شامل في العملية في إسطنبول وستعاقب المسؤولين عنها وفقاً للنتائج"، بحسب ما ذكر للموقع ثلاثةُ أشخاص حضروا الحفل.
ولاحقاً، قال الفيصل إنّ السعودية سترفض إجراء تحقيق دولي في مقتل خاشقجي، متذرّعاً في ذلك بأنّ الولايات المتحدة رفضت التحقيق بأعمالها في سجن أبو غريب بالعراق، مكرّراً بذلك مضمون تصريحاته أمام المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية.
وقال مشاركون في الحفل، للموقع، إنّ الفيصل "لم يحاول تغيير رأي الحاضرين بشأن ما حدث لخاشقجي، بل حاول بدلاً من ذلك، إقناعهم بأنّه على الرغم من كل ما حدث، بإمكان الولايات المتحدة العمل كالمعتاد مع المملكة العربية السعودية".
ونقل "ديلي بيست" عن مصادر، أنّ وجهة نظر الفيصل، بأنّ أي شيء لن يتغير في العلاقات الأميركية السعودية، على الرغم من الجريمة، "أزعجت كثراً من الحاضرين".