القضاء الفرنسي يدين لاغارد بالإهمال دون توقيع عقوبات

أصدرت محكمة العدل الفرنسية، اليوم الإثنين، حكماً بإدانة رمزية لمديرة الصندوق الدولي، كريستين لاغارد، المتواجدة، حالياً، في واشنطن، بتهمة الإهمال، في ما يخص قضية برنار تابي، دون فرض أي عقوبات عليها، علماً أنها كانت مهددة بسنة سجن و15 ألف يورو غرامة في حال إدانتها.

ويبدو أن هذا القرار القضائي لم  يذهب في نفس اتجاه النيابة العامة، التي كانت قد طلبت، يوم الخميس الماضي، بتبرئة كريستين لاغارد من تهمة الإهمال، بشكل كامل.

ولم يُخف القاضي، أن المحكمة أخذت بعين الاعتبار مكانة لاغارد الوطنية والدولية.   

وتجدر الإشارة إلى أن مديرة صندوق النقد الدولي، وزيرة الاقتصاد في حكومة نيكولا ساركوزي عام 2007، كريستين لاغارد، مثلت، منذ اليوم الإثنين الماضي، أمام 15 قاضياً في "محكمة العدل الجمهورية"، بسبب دورها في إدارة الخلاف بين برنار تابي، رجل الأعمال والوزير السابق في حكم فرانسوا ميتران، ومصرف "كريدي ليوني"، والذي كلّف الدولة أكثر من 400 مليون يورو.

وأبصرت محكمة العدل الجمهورية النور بعد المراجعة الدستورية، في 27 يوليو/تموز 1993، وهي مختصة بمحاكمة الوزراء على جرائم وجُنَح ارتكبت أثناء أداء وظيفتهم.

وبحسب دوائر القضاء الفرنسي "فهي غير متهمة بالمشاركة في التحكيم الذي لا يخلو  من خداع لصالح رجل الأعمال، بل تلام على "إهمال" في ما يخص استخدام الأموال العامة، حين اختارت طريق "التحكيم" (وليس القضاء العادي) لإغلاق "ملف برنار تابي" "ملف برنار تابي، وهو قرار لم يَسْلم من أصوات معارضة في حينه، رغم تأكيد لاغارد أنها وحدها من قرر التحكيم، معتبرةً إياه "أفضل الحلول".

وتعود القضية إلى عام 1993، حين لجأ برنار تابي إلى القضاء، معتبراً أن مصرف "كريدي ليوني" خدعه وسرقه حين باع له شركة أديداس، ثم توالت القرارات القضائية المتناقضة، إلى حين اقترح برنار تابي الوصول إلى اتفاق مع الدولة، بعد تأميم المصرف عبر التحكيم. وهو ما انتهى إلى قرار من ثلاثة قضاة عام 2008، بتعويضه بمبلغ 403 ملايين يورو.

وقد أثار هذا القرار حفيظة الطبقة السياسية بعد وصول الاشتراكيين إلى السلطة عام 2012، إذ لم ينظُرُوا بعين الرضى إلى العلاقات الجيدة بين برنار تابي ونيكولا ساركوزي، ووزير الداخلية كلود غيون. وما زاد من الشكوك حول قرار التحكيم، ثبوت علاقات قرابة بين عائلة برنار تابي وأحد المُحكّمين، إضافة إلى زيارات متكررة لبرنار تابي إلى قصر الإليزيه ولقاءاته مع كلود غيون وستيفان ريشارد، المدير السابق للوزيرة لاغارد. وفي عام 2012 تقرر إلغاءُ التحكيم ومطالبة رجل الأعمال بإعادة الأموال.

ولا يشكك القضاء في نزاهة الوزيرة السابقة كريستين لاغارد، ولا يرى أي علاقة لها مع مختلف أطراف الملف، لأنها لم تتدخل في اختيار المحكّمين.

ولكن القضاء يلقي اللوم على طريقتها اللامبالية التي قررت بها اللجوء إلى التحكيم، وأيضاً قرارها عدم اللجوء إلى الطعن، بعد أن غُرّمت الدولة بدفع مبلغ 403 ملايين يورو، وهو مبلغ كبير جداً.

وكان كريستين لاغارد قد شددت في "استراتيجيتها الدفاعية، "الهجومية"، على أنها ليست مسؤولة عن شبهة "الإهمال" كما أنها لم تتدخل في التحكيم، وأنها أنجزت هذا التحكيم لـ"مصلحة الدولة وفي إطار احترام القانون"، إلا أن أي إدانة لها، قد تكلّفها سنة سجناً و15 ألف يورو غرامة، وأكثر من هذا، مغادرة مقعدها في صندوق النقد الدولي.

وفي تصريح لمحامي لاغارد أوضح أنه سيتشاور مع موكلته حول إمكانية استئناف هذا الحكم. وحول الموقف الذي يمكن أن تتخذه لاغارد بخصوص بقائها على رأس صندوق النقد الدولي أو عدمه، أجاب أن الأمر لا يعني سوى موكلته، خصوصاً وأن من بين حيثيات الحكم بقاء سجّلها العدلي نظيف.