القضاء في يد السلطة
من أكثر العبارات المثيرة للجدل، خصوصاً في الدول المستبدة الراسخة في الاستبداد، ويكون القضاء فيها إحدى أدواته ووسائله، عبارة "لا تعليق على أحكام القضاء"، والتي تعني، في مضمونها، أن من غير الجائز الاعتراض على الحكم القضائي، من الموجه ضدهم، أو الفاصل في خصومة تخصهم، أو فيما قضى به من نزاعٍ يخص المجتمع بصفة عامة، ويتصل به الرأي العام.
والتعليق على أحكام القضاء، تجاه الأحكام القضائية المنوط بها تسيير حركة العدالة، هو من أبجديات الدولة الدستورية القانونية الحديثة، عندما تكون الأحكام فيها مستندة إلى دستور عادل واضح. ولأن التعليق على الحكم القضائي يعني، فيما يعنيه، التعبير الضمني عن ثقة المجتمع في قضائه العامل، وهذه الثقة محلها الوجدان والوعي الجمعي للمجتمع، لكن المصيبة تقع عندما يتحول القضاء إلى أداة من أدوات القمع والاستبداد في يد السلطة المستبدة، بدلاً من أن يكون الحصن الحصين للمجتمع من توحش السلطة التنفيذية، وتغولها على حقوقه.
ولهذا، لا تعني هذه العبارة التي تتردد كثيراً في الفضاء الإعلامي، خصوصاً في مصر بعد الانقلاب العسكري، الذي أعادها إلى نادي الاستبداد، سوى تبرير قبول الحكم القضائي وقبوله في أي صورة كانت على الرأي العام!