القضية الفلسطينية في الأزمة الخليجية

11 يونيو 2017
+ الخط -
هل علينا أن نشعر بالصدمة من المطالب السعودية والإماراتية من قطر؟ بالتأكيد نعم، ذلك أنّ من جملة ما تتهم به قطر من دعم الجماعات "الإرهابية"، دعم الإخوان المسلمين، وتحديداً حركة حماس التي تتلقى دعماً سياسياً معروفاً لا يخفى على أحد، ومالياً في قطاع غزة الذي تسيطر عليه، لا يتعدى الشؤون الإنسانية من تأمين السولار للكهرباء، ودفع رواتب الموظفين أحياناً، ودعم إعمار غزة، ولديها سفير في غزة يتابع هذه المسائل.
صدمتي مستوحاة من برنامج الصدمة، وهو برنامج يعرض على قناة أم بي سي السعودية، إذ يثير مواضيع إنسانية في بث استعراضي حقيقي يشارك فيه ممثلون، ويقع في مصيدته مواطنون عاديون، يعرض ويكشف ردة الفعل الإنسانية، سلباً أو إيجاباً تجاه قضايا إنسانية، وهي مواقف من المفترض أن تحرّك مشاعر أي إنسان. توقفت إنسانية "الصدمة" في نظر كل فلسطيني عبر المطالب السعودية والإماراتية السياسية عند فلسطين، فأقحمت حركة حماس بجملة التصنيفات الإرهابية، وإن لم تصنّف بالاسم منها، لكن تمّ التعبير صراحة أنّها غير مرغوب بها خليجياً، فهل وجود "حماس" في قطر هو المشكلة؟ أم وراء الأكمة ما وراءها؟ وما يعنينا من الموضوع فلسطينيا؟
واضح أنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ينتهج سياسة غيّرت الانطباع والسلوك المبني على ما تمّ اعتبارها "العدائية تجاه إسرائيل والخليج"، وهذا ما أشارت له دوائر التفكير والمراكز البحثية الإسرائيلية، فالبروفيسور إيتان جيلبوا، من مركز بيغن السادات، اعتبر أنّ مرحلة جديدة بدأت مع ترامب، وهي مختلفة عن مرحلة سلفه باراك أوباما، تجمع المصالح الخليجية مع إسرائيل ضد إيران، يوافقه في الرأي إلى أبعد من ذلك، إيدي كوهين، من صحيفة إسرائيل اليوم، معتبراً أنّ أغلبية العرب استفاقوا من سبات استغرق عشرات السنين، فلم يعودوا يعتبرون إسرائيل عدوا بل إيران.
كان الهدف من مشاركة ترامب في قمة الرياض، حسب لوري بوغارت من مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تلّقي الدعم الأميركي بشكل ثابت، ووضع الإدارة الأميركية الجديدة في المعسكر السعودي، لتنفيذ الأجندة السعودية التي أصبحت واضحة. لكن ترامب أيضا قال، في قمة الرياض، بوضوح: "لا يمكن تحقيق مستقبل أفضل، إلا إذا طردت دولكم الإرهابيين والمتطرفين.. اطردوهم"، فهي أجندة من إذا؟
سبق هذا اللقاء استفاقة من السلطة الفلسطينية، فبعد 11 سنة من سيطرة "حماس" على قطاع غزة، وفشل كلّ اللقاءات لإنهاء الانقسام، والتي تتحمل السلطة الفلسطينية قسطاً منه، بدأت بإجراءات تضغط فيها على "حماس" شعبيا، من قطع للكهرباء عن غزة، وحسم 30% من رواتب الموظفين، وصولاً إلى قطع رواتب الأسرى، وانتهاءً بقطع رواتب نواب حركة حماس في المجلس التشريعي، والمطلوب تسليم قطاع غزة.
لا يمكن فصل هذه التحركات في فلسطين والمنطقة، فهي ليست اعتباطية، وليست وليدة المصادفة، فالضغط الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على مشروع المقاومة، والذي لا يختصر بحركة حماس، يترافق مع ضغوط على قطر لطرد "حماس" وقطع الدعم المالي لغزة، في سبيل مشروع تسوية يتناسب مع الرؤية الأميركية الإسرائيلية، المبني على تطويع الفلسطينيين، وإضعافهم للقبول بحلٍّ ليس من الضروري أن يكون مبنياً على حل الدولتين، فنتنياهو، خلال سنواته الثماني، عمل كلّ ما في وسعه لمنع اتفاق سلام. ما يريده نتنياهو حقاً، كما يفيد تسفي برئيل من صحيفة هآرتس أن يعيش الفلسطينيون في كانتونات مغلقة وليس بينها تواصل، وأن يعملوا في التجارة والقمامة، فهل هذا ما رضيه العرب لنا؟
نشرت صحيفة إسرائيل اليوم استطلاعاً للرأي، أجرته القناة الثانية العبرية يفيد أنّ 84% من الإسرائيليين يعارضون أيّ تسوية سياسية مقابل سيادة فلسطينية كاملة (دولة فلسطينية على حدود 67)، وأما الجواب على سؤال: هل أنت مستعد لتسوية سياسية مقابل سيادة جزئية للفلسطينيين في البلدة القديمة (القدس)؟ صوّت 67 ضد، و33% مع، أما إذا كان ولا بدّ من تسليم القدس للفلسطينيين لإجراء سلام؟ فصوّت 87% ضد و13% مع، وحول الاعتقاد بحدوث سلام قريب؟ صوّت 75% بعدم حدوث ذلك قريبا، و25% بحدوث ذلك.
هل المطلوب أن يقبل الفلسطينييون بدولة مفككة الأوصال، تنتشر فيها المستوطنات الإسرائيلية، وليست ذات سيادة، مستباحة عسكرياً ومسيطر عليها أمنياً، ولا تتضمن القدس عاصمة لها، فـ 87% من الإسرائيليين يرفضون ذلك، فكيف لنتنياهو أن يتنازل؟
من أخبركم أنّ الفلسطينيين بلا كرامة ولا روح، أما سمعتم أخيرا أصوات الشهداء، محمد طه من كفر قاسم، والشهيدة الطفلة نوف انفيعات التي كتبت في مذكراتها عن رحلتها إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى أنّها "رحلة الروح"، إن فلسطين بلا قدس كالجسد بلا روح، فهل من يطلب منا أن نضيع القدس يقبل أن تضيع الكعبة؟
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)