08 نوفمبر 2024
القضية بلا أصحابها
كان المشهد في باريس يوم الجمعة الماضي مثيراً للاهتمام في ما يخص القضية الفلسطينية. الإثارة لم تكن في أهمية ما حصل في الاجتماع الوزاري الذي خصصته السلطات الفرنسية لبحث آفاق القضية، بل في شكله والحاضرين فيه، إضافة إلى بيانه الختامي الذي لم يخرج عن أيٍّ من سياقات الديباجات الدولية التي تتناول القضية الفلسطينية بين حين وآخر.
قبل الدخول في تفاصيل الاجتماع، ونقاط ضعفه وقوته وبيانه الختامي، ربما يجب توجيه شكر أو تحية إلى باريس التي أصرّت على إعادة إثارة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، في وقتٍ تتصدّر فيه قضايا أخرى اهتمامات العالم. لفرنسا لا شك حساباتها وغاياتها من الأمر، والمؤكد رؤيتها التي ترى في محاولة إيجاد حل للوضع في فلسطين جزءاً أساسياً من إيجاد مخرج للأوضاع العامة في المنطقة وانتشار التطرّف. وبغض النظر عن صوابيّة مثل هذه الرؤية في مرحلة ما قبل عقدٍ على الأقل، إلا أنها اليوم جاءت متأخرة جداً، ولم تعد تؤدي غرضها، هذا في حال تم الأخذ بالمبادرة الفرنسية، والتي حكم عليها بالفشل قبل انطلاقها.
فشل المبادرة، كما هو واضح من بيانها الختامي، مرّ بمراحل عديدة، لعل أولها في الموقف الإسرائيلي منها، والذي يرى باريس منحازة للطرف الفلسطيني. رؤية غير واقعية عملياً، بقياس الخدمات التي قدمتها باريس لإسرائيل منذ إنشائها، غير أنها نابعة من الرفض الإسرائيلي المطلق للدخول في عمليةٍ سياسيةٍ جديدة حالياً، ولا سيما أن لا عناصر ضاغطة تدفع باتجاه ذلك، فالأمور على الأرض، فلسطينياً وإقليمياً، تسير على خير ما يرام بالنسبة إلى دولة الاحتلال، وبالتالي، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحلفاؤه من اليمين المتطرف، ليسوا في وارد المضي في مسار يمكن أن يؤدي إلى "تنازلات"، بحسب التعريف الإسرائيلي لمنح السيادة للفلسطينيين على أراضيهم.
الرفض الإسرائيلي للمشاركة في المؤتمر، انعكس على الفلسطينيين، إذ منعوا من المشاركة، ضمن المنطق الفرنسي لـ "الحفاظ على التوازن" في الاجتماع، بالتالي تغييب وجهتي النظر الإسرائيلية والفلسطينية، مكتفين بإشراك أطرافٍ عربيةٍ ودوليةٍ على صلة بالقضية. الأمر أن الأطراف الدولية، وخصوصاً الأميركية، تمثل الموقف الإسرائيلي خير تمثيل، بل وربما تزاود عليه. ومن هذا المنطلق، كان الحرص الأميركي على عدم انعقاد المؤتمر من دون مشاركة وزير الخارجية جون كيري. ولهذا، تم تأجيل الموعد إلى حين يتسنى لكيري الوقت للمرور العابر على باريس للمشاركة، وهو ما حصل فعلياً. الأمر نفسه بالنسبة إلى الموقف الروسي، الذي لا يقل حرصاً على "إسرائيل وأمنها" عن حال الموقف الأميركي، بل ربما أكثر، خصوصاً بعد ما بدا من تعاون استخباري بعد الدخول الروسي إلى سورية.
في المقابل، كان الحضور المصري والسعودي باعتبارهما طرفين عربيين يعوّضان الغياب الفلسطيني. الأمر يجافي الحقيقة بدرجة كبيرة، ولا سيما أن القضية الفلسطينية، وكما هو الحال بالنسبة إلى الأطراف الدولية، لم تعد مدرجةً على جدول الأعمال العربي، أو على الأقل لم تعد لها الأولوية، إلا من باب المصالح المباشرة، على غرار النظرة المصرية التي ترى في الوضع الفلسطيني تهديداً لأمنها القومي. وبالتالي، تتعامل معها من منطقٍ قمعي لا علاقة له بأساس القضية وأحقيتها والبحث عن حل لها. هذا ما عبر عنه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في خطابه أخيراً، والذي وجهه إلى الإسرائيليين خصوصاً، واعتمد فيه منطق الحياد المطلق.
الحياد المصري والتمسك السعودي بالمبادرة العربية، بصرف النظر عن مدى بقائها صالحة، لا يعبران فعلياً عن الموقف الفلسطيني من التطورات الحديثة على الأرض، والتي كان من المفترض أن يحضر أصحاب القضية لشرحها، وهو ما انعكس في البيان الختامي الذي جاء باهتاً وخاضعاً لتوازن القوى داخل الاجتماع.
فشل المبادرة، كما هو واضح من بيانها الختامي، مرّ بمراحل عديدة، لعل أولها في الموقف الإسرائيلي منها، والذي يرى باريس منحازة للطرف الفلسطيني. رؤية غير واقعية عملياً، بقياس الخدمات التي قدمتها باريس لإسرائيل منذ إنشائها، غير أنها نابعة من الرفض الإسرائيلي المطلق للدخول في عمليةٍ سياسيةٍ جديدة حالياً، ولا سيما أن لا عناصر ضاغطة تدفع باتجاه ذلك، فالأمور على الأرض، فلسطينياً وإقليمياً، تسير على خير ما يرام بالنسبة إلى دولة الاحتلال، وبالتالي، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحلفاؤه من اليمين المتطرف، ليسوا في وارد المضي في مسار يمكن أن يؤدي إلى "تنازلات"، بحسب التعريف الإسرائيلي لمنح السيادة للفلسطينيين على أراضيهم.
الرفض الإسرائيلي للمشاركة في المؤتمر، انعكس على الفلسطينيين، إذ منعوا من المشاركة، ضمن المنطق الفرنسي لـ "الحفاظ على التوازن" في الاجتماع، بالتالي تغييب وجهتي النظر الإسرائيلية والفلسطينية، مكتفين بإشراك أطرافٍ عربيةٍ ودوليةٍ على صلة بالقضية. الأمر أن الأطراف الدولية، وخصوصاً الأميركية، تمثل الموقف الإسرائيلي خير تمثيل، بل وربما تزاود عليه. ومن هذا المنطلق، كان الحرص الأميركي على عدم انعقاد المؤتمر من دون مشاركة وزير الخارجية جون كيري. ولهذا، تم تأجيل الموعد إلى حين يتسنى لكيري الوقت للمرور العابر على باريس للمشاركة، وهو ما حصل فعلياً. الأمر نفسه بالنسبة إلى الموقف الروسي، الذي لا يقل حرصاً على "إسرائيل وأمنها" عن حال الموقف الأميركي، بل ربما أكثر، خصوصاً بعد ما بدا من تعاون استخباري بعد الدخول الروسي إلى سورية.
في المقابل، كان الحضور المصري والسعودي باعتبارهما طرفين عربيين يعوّضان الغياب الفلسطيني. الأمر يجافي الحقيقة بدرجة كبيرة، ولا سيما أن القضية الفلسطينية، وكما هو الحال بالنسبة إلى الأطراف الدولية، لم تعد مدرجةً على جدول الأعمال العربي، أو على الأقل لم تعد لها الأولوية، إلا من باب المصالح المباشرة، على غرار النظرة المصرية التي ترى في الوضع الفلسطيني تهديداً لأمنها القومي. وبالتالي، تتعامل معها من منطقٍ قمعي لا علاقة له بأساس القضية وأحقيتها والبحث عن حل لها. هذا ما عبر عنه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في خطابه أخيراً، والذي وجهه إلى الإسرائيليين خصوصاً، واعتمد فيه منطق الحياد المطلق.
الحياد المصري والتمسك السعودي بالمبادرة العربية، بصرف النظر عن مدى بقائها صالحة، لا يعبران فعلياً عن الموقف الفلسطيني من التطورات الحديثة على الأرض، والتي كان من المفترض أن يحضر أصحاب القضية لشرحها، وهو ما انعكس في البيان الختامي الذي جاء باهتاً وخاضعاً لتوازن القوى داخل الاجتماع.