على الرغم من هيمنة حزب "روسيا الموحدة" على مقاليد السلطة في موسكو، إلا أن المفارقة تتمثل في أن العاصمة الروسية والمدن الكبرى في الشطر الأوروبي من البلاد، هي الأقلّ مشاركة في الانتخابات البرلمانية الروسية، والأقل ولاء للحزب الحاكم والرئيس فلاديمير بوتين.
في هذا السياق، بلغت نسبة المشاركة في موسكو، خلال انتخابات مجلس الدوما (البرلمان) نهاية عام 2011، 61.5 في المائة. صوّت حوالى 55 في المائة من هؤلاء لصالح "روسيا الموحدة"، ما يعني في الواقع أن الحزب يحظى تقريباً بتأييد نحو 30 في المائة فقط من سكان العاصمة.
وقد شهدت موسكو نهاية عام 2011 والنصف الأول من عام 2012 تظاهرات حاشدة، للمطالبة بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة ورفضاً لعودة بوتين إلى الكرملين، قبل أن تتراجع وتيرتها بعد تشديد قانون التظاهر في يونيو/حزيران 2012، وصدور أحكام بالسجن بحق عدد من المحتجين بتهمة "الاعتداء على أفراد الأمن".
لكن خسارة الأصوات في موسكو يعوّضها التأييد التام الذي يناله الحزب الحاكم في الجمهوريات التي تقطنها قومية واحدة في القوقاز الروسي، وفي مقدمتها جمهورية الشيشان الانفصالية سابقاً، التي عُرف زعيمها رمضان قديروف بولائه للكرملين، وهو عضو بالمجلس الأعلى لـ"روسيا الموحدة".
وفي عام 2011، بلغت نسبة المشاركة في انتخابات الدوما في الشيشان 99.5 في المائة، صوّت 99.4 في المائة منهم لصالح "روسيا الموحدة". وفي جارتها داغستان، شارك في التصويت 91 في المائة من الناخبين المدرجة أسماؤهم على القوائم، صوّت 89.5 في المائة منهم لصالح الحزب الحاكم، بالإضافة إلى عدد محدود أيدوا الحزب الشيوعي.
وفي جمهورية كاباردينو ـ بالكاريا، نال "روسيا الموحدة" تأييد 96.1 في المائة من الناخبين، الذين فاقت نسبة مشاركتهم 98 في المائة. وفي جمهورية كاراشاي ـ شيركيسيا، فاقت نسبة المشاركة والتصويت لصالح الحزب الحاكم 90 في المائة أيضاً. وقبل انتخابات 2011، وصل الأمر إلى إعلان رئيس برلمان الشيشان عن إمكانية حصول "روسيا الموحدة" حتى على أكثر من 100 في المائة من أصوات الشيشانيين إذا اقتضى الأمر.
ولم يكن الوضع مختلفاً أثناء الانتخابات الرئاسية في عام 2012، إذ نال بوتين تأييد 99.76 في المائة من الناخبين في الشيشان، مقابل أقل من 50 في المائة في موسكو. وسبق لبوتين أن أوضح أن الإجماع أثناء الانتخابات في شمال القوقاز يعود إلى العادات والتقاليد المحلية، بينما تعتبر المعارضة الروسية هذه النسب العالية نتيجة لتوجيه الناخبين.
وبالتزامن مع انتخابات الدوما، تجري في الشيشان في يوم التصويت الموحد انتخابات حاكم الجمهورية، وسط توقعات مؤكدة بفوز قديروف المدعوم من بوتين. أما شبه جزيرة القرم التي كانت تتبع لأوكرانيا وضمتها روسيا في عام 2014، فسيصوت سكانها في الانتخابات التشريعية للمرة الأولى، وهي تعتبر أيضاً من مراكز نفوذ بوتين والحزب الحاكم.