بُعيد ساعات من إعلان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مساء الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي من مدينة البصرة، قراراً لمجلس الوزراء يقضي بعدم السماح لأي جهة حزبية أو عشائرية في البصرة بحمل أو حيازة السلاح، ملوحاً بفرض ذلك عبر الجيش والقوات الأمنية الأخرى؛ كشف مسؤول في رئاسة الوزراء العراقية، لـ"العربي الجديد"، عن إيعاز الكاظمي، عقب عودته إلى العاصمة بغداد، بتشكيل لجنة أمنية عليا من وزارات الدفاع والداخلية وبمشاركة هيئة "الحشد الشعبي"، لبدء تنفيذ قرار سحب سلاح الأحزاب والعشائر، المتوسط والثقيل على وجه التحديد.
ويرى مراقبون أن خطوة الكاظمي ستكون مؤشراً على قدرة الحكومة التعامل بالمستقبل مع سلاح المليشيات، لا سيما أن البصرة وحدها، كما يقول المسؤول ذاته، "تحتوي على ربع السلاح المنفلت الموجود جنوب العراق وفقاً لتقديرات أمنية محلية موجودة لدى العشائر والأحزاب السياسية في المحافظة، وهذا السلاح يشكل تهديداً بالغاً على الأمن والسلم الأهلي، وبسببه باتت البصرة بيئة غير مناسبة للشركات الأجنبية التي ترغب بالعمل، خاصة شركات الطاقة منها، وهذا السلاح متورط بكثير من قضايا القتل والاغتيال، وعمليات السرقة والتهريب، وغيرها من العمليات الإجرامية، ولهذا رئيس الحكومة وجد أنه من الضروري البدء من البصرة بخطة سحب السلاح".
البصرة وحدها تحتوي على ربع السلاح المنفلت الموجود جنوب العراق
وأضاف أن "الحكومة العراقية لا تنوي مهاجمة الأحزاب أو العشائر، بل ستكون في بداية الأمر جلسات حوار وتفاوض مع العشائر والجهات المالكة للسلاح، وستتم الموافقة على ترخيص أسلحة خفيفة، لكن المتوسط والثقيل لن يبقى بالبصرة بعد الآن، وسيحول للقضاء كل من يرفض الاستجابة للحكومة وستكون هناك مكافآت للمتجاوبين مع خطة سحب السلاح".
وأكد أن "أي جهة حزبية أو عشائرية، ترفض التعاون في تنفيذ قرار مجلس الوزراء، خاصة بما يتعلق بالسلاح المتوسط فما أعلى، سيتم التعامل معها على أن سلاحها خارج على القانون، وهذا الأمر يتطلب تدخلا أمنيا وعسكريا، وبكل تأكيد ستكون هناك جهات متمردة في تنفيذ القرار الحكومي، لكن في الوقت نفسه هناك عزم حكومي على تنفيذه، والمواجهة المسلحة مع بعض الجهات واردة جداً، خصوصاً في مدن العراق الجنوبية، حيث تعتاش بعض الجهات الحزبية والعشائرية على هذا السلاح المنفلت".
أي جهة حزبية أو عشائرية، ترفض التعاون في تنفيذ قرار مجلس الوزراء سيتم التعامل معها على أن سلاحها خارج على القانون
القيادي في ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي، اعتبر أن هناك إمكانية للنجاح في الخطة إن توفرت نية حكومية حقيقية وقوات كافية لتطبيق القرار، مع منحها أيضاً صلاحيات واسعة لسحب سلاح العشائر والأحزاب، إلا أنه استدرك بالقول: "نعتقد أنه من الصعب جداً تطبيق قرار مجلس الوزراء وسيبقى القرار حبراً على ورق، كمئات القرارات الحكومية السابقة التي لم تر النور منذ سنين طويلة، خصوصاً ان تطبيق هذا القرار بحاجة لإرادة سياسية، وليس فقط قرارات حكومية".
وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تحرك الكاظمي نحو تجريد الأحزاب والعشائر، دون وجود دعم سياسي حقيقي له، ربما سيفتح باب المواجهة المسلحة بين تلك الجهات والقوات الأمنية، وهناك سندخل في مشكلة وأزمة جديدة، بدل حل أزمة سلاح الاحزاب والعشائر، ولهذا نرى صعوبة في تطبيق هذا القرار، خصوصاً في الوقت الحالي، لما يمر به العراق من أزمات كبيرة وخطيرة".
تحرك الكاظمي نحو تجريد الأحزاب والعشائر، دون وجود دعم سياسي حقيقي له، ربما سيفتح باب المواجهة المسلحة بين تلك الجهات والقوات الأمنية
ويؤيد عضو "جبهة الإنقاذ" العراقية، أثيل النجيفي، ما يصفه بـ"القرارات الحاسمة التي يجب أن تتسم بها الحكومة دون منح استثناءات لأي حزب أو عشيرة بتطبيق القرار". ويضيف النجيفي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "إذا كانت الحكومة حاسمة بهذا الأمر، ولن تسمح بأن تكون هناك استثناءات لبعض الأحزاب والعشائر، فالجميع هنا سيضطر إلى الالتزام، وأما إذا كانت هناك استثناءات لأي جهة، فهذا يعني أن القرار لم ينفذ ولن تستطيع الدولة تنفيذه".
وأضاف أن "المخاوف من حدوث مواجهات بين الدولة والجهات الحزبية والعشائرية الرافضة لتسليم سلاحها، غير منطقية، فليس هناك أي جهة في العراق، بما فيها الفصائل المسلحة، تريد المواجهة مع الدولة العراقية، ومن يواجه الدولة يكون مشابهاً لتنظيم (داعش) الإرهابي، كما ستكون منبوذة من المجتمع العراقي، لذا يمكن للحكومة الشروع بالخطوة".
الناشط البصري أحمد الفتلاوي قال إن الخطوة لاقت ترحيبا كبيرا من قبل سكان البصرة البالغ تعدادهم قرابة الثلاثة ملايين نسمة، لكه حذر من أن تكون هناك مشاكل أمنية وأيضاً عشائرية، "لذا يجب أن تكون خطوات الحكومة مدروسة وبعناية في ملف سحب السلاح حتى لو تطلب عاماً كاملاً من التنفيذ".
ويضيف الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن السلاح في البصرة تطور وباتت هناك عشائر تمتلك قذائف ومدافع هاون وصواريخ قصيرة المدى ومشاكل وثارات عشائرية كبيرة، وكل عشيرة تريد أن تبدأ الحكومة بسحب سلاح العشيرة الخصم، وهناك أحزاب تمتلك أجنحة مسلحة ضمن الحشد، وبنفس الوقت تستخدمها في أغراضها وأنشطتها الخاصة، وهناك مافيات مخدرات وتهريب نفط وسطو مسلح، وكلها تحتاج إلى جهد حكومي كبير؛ لذا الخطوة مباركة، لكن نهايات القرار أو الخطة في حال تنفيذها لن تكون معلومة النتائج".