الكتابة جريمة ؟

02 ديسمبر 2014
+ الخط -

ما أصعب أن تعمل تحت ظروف غير مهيأة للعمل، خصوصاً في بلدنا مصر! فما أصعب أن تعمل صحافيا في زمن تقصف فيه أقلام الصحافيين، وفي بلد تدّعى حرية الصحافة! فأين حرية الرأي التي نادى بها شعب، بعد صمت امتد عقوداً طويلة؟ كيف تكون الصحافة لسان الشعب في عصر أصبحت فيه الصحافة سلاحاً من أسلحة السلطة التي أصبحت موجهة ضد عقول هذا الشعب العظيم؟

عندما كنت صغيراً، كنت أتمنى أن أكون صحافياً، مثل الذين أراهم في التلفاز، أو الكتاب الذين يكتبون في الصحف، كنت أتمنى أن يكون اسمي بين هؤلاء الكتاب، كنت أعتبر أن من يكتب هو من يعبر عن رأيه بصدق، كنت أرى أن الصحافي مثال لحرية التعبير. لكن، عندما حاولت ممارسة تلك المهنة الجميلة، رأيت عكس ذلك، وكأنني أرى مسلسلاً من النفاق في هذا العمل الذي أصبح ملوثاً بالكذب والخداع، في زمن أصبحت فيه الحقيقة جريمةً، يعاقب عليها القانون. فهل أصبح الكذب هو الطريق إلى الجنة؟ لماذا أصبحت الحقيقة جريمة؟ سؤال لا يقبله العقل، ولا تقبله النفس البشرية. فمن صدق ذلك فهو مريض، وليس صحافياً كما يدعي، أصبح مرضه من الصعب الشفاء منه، مرض النفاق والكذب، والذي ليس له دواء، فمن تعود على شيء شاب عليه. فما بالكم بمن يكذب ويصدق كذبه، ويسوقه على الآخرين، تحت اسم أنه يعرف الحقيقة.
ما أصعب أن تسير في الشوارع، وتتلقى الشتائم بأنك تكذب، ومتهم بخداع ضمير الشعب، بعد أن كان الصحافي يتمنى أن يسير في الشوارع، ويسمع ما يرضيه من الآخرين، بدلاً من تلقي الاتهامات المفزعة!

لماذا أصبحت الكتابة جريمة، يكاد يكون الحكم على من يمارس تلك المهنة الجميلة هو الإعدام، إعدام حرية الرأي، إعدام الأقلام؟ وكأن من يكتب في زمننا هذا أصبح يكتب دماً، أو سُماً، يريد به قتل عقول كثيرين تحت عباءة الحقيقة. أخجل من نفسي كثيراً، عند كتابة هذه الكلمات التي تحمل بين طياتها اعترافاتٍ كثيرة أخجل من قولها أمام كثيرين، فقد أصبحت أخجل من مهنتي أمام كثيرين، فلم أعد أتحمل القيل والقال. ربما أكون مظلوماً أمام هؤلاء، ولكني ظلمت نفسي، فلم أدر هل أنا الجاني أم المجني عليه؟ هل أصبح الطريق إلى الحقيقة هو الطريق إلى النار، وأصبح النفاق والكذب هما الطريق إلى الجنة؟ هل أصبح رضا رؤساء العمل، أو السلطة، أعظم من رضا الله؟ يؤسفني أن أقول إن في زمننا أصبح هذا الحال، فالبقاء لله على حرية الصحافة.

avata
avata
أمير أحمد عبدالله (مصر)
أمير أحمد عبدالله (مصر)