تحاول سيدات المنتخب الفلسطيني الظهور بأداء لافت ومُميز في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى بطولة كأس آسيا 2018، ورغم كل المصاعب التي تعاني منها اللاعبات على صعيد التدريب وتطوير الأداء على أرض الملعب، إلا أن أحلامهن تبدو أكبر من المصاعب.
تلقى منتخب سيدات فلسطين خسارة قاسية في المباراة الأولى من التصفيات أمام منتخب تايلاند بستة أهداف نظيفة، ورغم هذه الخسارة الكبيرة إلا أن اللاعبات يتحلين بقدر كبير من الثقة، لأنهن على دراية أن الوصول إلى ملعب التدريب صعب جداً بسبب الحواجز التي يضعها العدو الصهيوني لعرقلة مسار وتحركات المنتخب.
وتبدو الأمور أسهل بالنسبة لمنتخبي تايلاند والصين المنافسين في مجموعة المنتخب الفلسطيني، وذلك لأن المنتخبين تحضرا بشكل جيد للتصفيات من دون مشاكل، واللاعبات تشاركن اللعب ويعرفن بعضهن جيداً على أرض الملعب.
في المقابل قبل مواجهة منتخب تايلاند في مباراة التصفيات، عانت سيدات المنتخب الفلسطيني صاحبات القميص "الأحمر" كما يُعرفن في فلسطين من صعوبات كبيرة، ولم يلعبن مع بعضهن كثيراً وشاركن في التدريبات سوياً خلال 20 يوماً فقط.
وفي هذا الإطار تقول قائدة فلسطين كلودي سلامة للوكالة الفرنسية: "ممارسة كرة القدم بالنسبة لنا في فلسطين هو تحدٍّ كبير، نحن نواجه العالم، وقي بلدنا نواجه الأفكار المناهضة لممارسة النساء لكرة القدم في الوقت الحالي والفكرة ما زالت غريبة بالنسبة لهم". وتابعت سلامة: "علينا أن نُثبت لشعبنا أن الفتيات قادرات على ممارسة كرة القدم مثل الرجال".
وستلعب كلودي سلامة مع سيدات فلسطين في المباراة الثانية من التصفيات الآسيوية الأربعاء في مواجهة المنتخب الصيني، حيثُ سيحاول المنتخب تحقيق فوزه الأول والمشاركة في البطولة التي ستقام على الأراضي الأردنية العام المقبل.
ولا يُعتبر منتخب سيدات فلسطين قديم العهد وذلك لأنه ظهر في عام 2009، ومنذ التأسيس عانت فتيات هذا المنتخب من الكثير من المشاكل في بداية الأمر بسبب اندماج المرأة في هذه الرياضة، وهو الأمر الذي صعب مهمة اندماج المنتخب الوطني في المجتمع الذي لم يتقبل الفكرة كثيراً.
توسع دائرة الانتشار
يوجد في فلسطين حالياً حوالى أربعة أندية كرة قدم نسائية كبيرة تلعب على ملاعب دولية، في وقت يوجد حوالى 12 فريقاً يلعب على ملاعب صغيرة. في وقت يصل عدد المسجلين في الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى حوالى 400 لاعبة فوق الـ 14 سنة.
ومنذ دخول الفتيات إلى عالم كرة القدم، تعرضن للكثير من المضايقات بسبب اللباس المعتمد في هذه الرياضة وهو "الشورت"، حتى إن الموضوع أخذ طابعاً دينياً في فلسطين لجهة انخراط المرأة في هذه الرياضة وابتعادها عن الزواج، الأمر الذي خلق صعوبات كبيرة لهؤلاء اللاعبات الفلسطينيات.
وبسبب وجود جدار فاصل في فلسطين، تعاني اللاعبات من مشكلة عدم الوصول إلى الملعب الموجود في منطقة "البنك الشمالي" مكان تواجد الكيان الصهيوني، فتلجأ بعض الفتيات للتدرب في ملاعب مغلقة وصغيرة، في وقت تأتي بعض عناصر المنتخب الفلسطيني من المجتمعات العربية المنتشرة في الكيان الصهيوني.
ولا تواجه سيدات فلسطين المشاكل من الشعب الفلسطيني فقط بسبب انخراطهن باللعبة، بل تواجه أيضاً المضايقات من جيش الكيان الصهيوني الذي يعرقل تحركاتهن دائماً ويمنعهن أحياناً من التدرب بشكل طبيعي وبالتالي يفقدن الانسجام في المباريات الرسمية.
ثورة رياضية؟
تعاني سيدات فلسطين أيضاً من فرض قيود السفر المفروضة بشكل عام على جميع السكان الفلسطينيين من العدو الإسرائيلي (خصوصاً المقيمين في غزة)، حتى إن المعدات والملابس الرياضية تُشكل أزمة بسبب صعوبة إيصالها إلى اللاعبات والتدقيق الكبير من سلطات الكيان الصهيوني.
وتحاول سيدات المنتخب الفلسطيني اليوم إلى جانب تسجيل الأهداف والفوز في المباريات، تثبيت أقدامهن في الملعب والحضور بقوة في المجتمع الفلسطيني الذي ما زال يجد صعوبة في تقبل فكرة انخراط السيدات في رياضة كرة القدم.
ويتلقى منتخب سيدات فلسطين كل الدعم من النساء في فلسطين اللواتي يأتين لمتابعة مباريات المنتخب ومساندته في المدرجات، وتعتبر هؤلاء المشجعات أنه من حق المرأة لعب أي رياضة تُحبها وإن كانت كرة القدم، وتعتبرها هواية وليست عارا أو خطيئة كما يُحاول البعض تسميتها.
وعلى الصعيد الرسمي، يدعم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم منتخب السيدات ويريد تطويره لكي يصل إلى مستوى العالمية وإثبات وجوده بين أقرانه في منتخبات السيدات في المستقبل، وإلى حين انتهاء هذه المشاكل ستحاول سيدات فلسطين الفوز في المباريات القادمة ورفع العلم الفلسطيني في البطولات القارية، ليحققن كل أحلامهن الكبيرة رغم كل الصعوبات التي يواجهنها.
(العربي الجديد)