الحصار المستمر على قطر عرّض عائلات كثيرة لها جذور مشتركة في منطقة الخليج العربي للضرر، نتيجة منع دول الحصار مواطنيها من دخول قطر، ومنع مواطني قطر من دخولها، ما أدى إلى اتخاذ الكويت مكاناً للمّ شملها
عانت عائلات خليجية كثيرة من آثار حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر، فاضطرت إلى اتخاذ دولة الكويت كنقطة للالتقاء والزيارات العائلية وإقامة مراسم العزاء أو الزفاف للضرورة، فيما يعاني الآباء المنفصلون كثيراً في نقل أطفالهم للزيارة الزوجية المقررة من قبل المحاكم. وهو تصرف يرى الخليجيون أنّه غريب عن العادات والتقاليد، خصوصاً أنّ الخلافات الخليجية - الخليجية المتعلقة بالجانب السياسي ليست وليدة اليوم، لكنّها لم تصل إلى حد محاولة إرهاب المجتمعات الواحدة ومحاولة الفصل بينها.
تحكي مريم، وهي والدة لطفلين، تطلقت من زوجها السعودي، لـ"العربي الجديد"، عن معاناتها وطليقها السعودي في ترتيب أمور الحضانة العائلية لطفليهما. تقول: "اتفاق ما بعد الزواج الذي كان بيني وبين طليقي والذي يرتبط بصلة قرابة معي، إذ أننا نتحدر من العائلة نفسها، كان ينص على أن يلتقي طليقي بابنينا مرة كلّ نصف شهر في الدوحة، إذ إنّه يسكن الآن في منطقة الهفوف، شرق السعودية، والتي تبعد 160 كيلومتراً عن قطر". تضيف: "تغيّرت الترتيبات الآن، وأصبحت الأوضاع أكثر صعوبة على الأطفال، إذ اتفقنا على زيارة ربع سنوية للكويت، لأنّها باتت البلد الوحيد المتاح لوجود أقارب لنا فيها، خصوصاً أنّنا مشغولون، إذ إنّني متزوجة الآن ولديّ أبناء أيضاً ولا أستطيع إهمالهم، كما أنّ طليقي متزوج أيضاً ولديه عمل، ولا نستطيع تعطيل دراسة الأطفال وأخذهم في الطائرة كلّ 15 يوماً". تروي مريم كيفية تأثر طفليها بشدة في ظل الحصار وعدم لقائهما لوالدهما السعودي، مع مشاهدتهما مسلسل التخوين ضد المجتمع القطري على قنوات دول الحصار: "كثرة التنقل والجلوس في فنادق الكويت أو بيوت بعض الأقارب هناك، ولّد إحساساً عميقاً لدى طفليّ بالخوف والتشرد، بالإضافة إلى خوفي وخوفهما من أن تطول الأزمة ويصبحان مبعدين عن بلدهما السعودية مجبرين".
اقــرأ أيضاً
كانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر قد ذكرت أنّ أكثر من 13 ألف شخص ينتمون إلى مئات العائلات المختلطة قد تضرروا بفعل الحصار المفروض على قطر من الدول الخليجية الثلاث: السعودية والإمارات والبحرين. وقامت اللجنة بالترافع أمام المحاكم الدولية نيابة عن الأفراد والعائلات المتضررة من الحصار، لكنّها قالت إنّ "ما تم توثيقه يبقى في الحد الأدنى، خصوصاً أنّ كثيرين ممن تعرضوا للانتهاكات لا يعلمون بوجود آليات تقديم الشكاوى، كما أنّ لدى كثيرين منهم خوفاً حقيقياً من اتخاذ إجراءات انتقامية في حقهم من قبل سلطات بلدانهم، بالإضافة إلى وقوع انتهاكات بحق أطفال ممن هم دون سن 18 عاماً".
يروي رائد، وهو شاب قطري متزوج من قريبته السعودية، لـ"العربي الجديد"، التأثير السلبي لدول الحصار على جميع العائلات التي لها جذور في دول الخليج: "آخذ شهرياً إجازة من العمل، فأسافر برفقة أطفالي وزوجتي إلى الكويت للقاء عائلتها التي تأتي من السعودية خصيصاً للقائها، إذ إنّها تخاف على نفسها من الذهاب إلى بلادها كون أبنائها قطريين، بالرغم من أنّنا ننتمي للقبيلة نفسها وللعائلة نفسها الموزعة بين الكويت والسعودية والإمارات وقطر".
يضيف: "سمة عدم الأمان والإحساس بالتشرد باتت لصيقة بالعائلات الموجودة بين السعودية وقطر، إذ إنّ السعوديين يخافون التصريح بوجود فرع قطري للعائلة خوفاً من نقمة السلطات، خصوصاً مع الاعتقالات الكثيرة من قبل السلطات السعودية لمواطنين قطريين في الخارج، كان آخرهم المواطن نواف الرشيد. هذا الاعتقال نبّه كثيرين إلى أنّ دول الخليج المحايدة قد لا تكون آمنة أيضاً بالنسبة للمطلوبين للسلطات السعودية، بفعل الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدان الخليجية قبل الحصار". عن مدى جدوى تقديمه شكوى للمنظمات الدولية، يقول رائد: "لا فائدة من هذا، ما الذي سيحدث؟ لا شيء، والتعويضات بكلّ أموال الدنيا لن تكون ذات فائدة أمام قطع الصلات والأرحام وحزن وخوف الأطفال وعدم فهمهم للأزمة".
تترابط المجتمعات الخليجية في ما بينها جغرافياً وسكانياً، إذ إنّ الكثير من سكان الكويت وقطر والبحرين والإمارات وبشكل أقل عمان، لهم جذور قبلية أو عائلية في المملكة العربية السعودية، وهو ما يعني استخدام السلطات السعودية لهذه الورقة للضغط على العائلات والقبائل وإرهابها واستغلال الزواجات المختلطة بين الدول.
اقــرأ أيضاً
يقول بادي الدوسري، وهو مواطن كويتي يعيش جزء من أفراد قبيلته في قطر والسعودية ويلتقون في منزله ومنزل عائلته أحياناً في الكويت، لـ"العربي الجديد": إن الكثير من القطريين والسعوديين يخشون التصريح بالألم الذي يتعرضون له والضغوط النفسية الناتجة من الحصار خوفاً من السلطات السعودية التي لها أذرع في كلّ مكان، والألم الأشد يقع على الأطفال الذين يعيشون معاناة طويلة وشائكة للقاء أخوالهم أو أعمامهم، كما أنّ مسألة تسليم نواف الرشيد أدت إلى خوف السعوديين المقيمين في قطر والذين رفضوا الرجوع للبقاء مع عائلاتهم القطرية، أو السعوديات اللواتي بقين مع أزواجهن القطريين ويخفن من السفر إلى أيّ بلد خليجي، إذ إنّ السلطات السعودية صعّدت بشكل غير مسبوق ومخيف ضد المدنيين القطريين. يختم الدوسري: "كنا نسمع عن هذه التصرفات في الدول القمعية العسكرية، مثل سورية والعراق أيام صدام حسين، لكن أن يصل الأمر إلى الخليج الذي يعدّ دولة واحدة فهو أمر مؤسف وينافي العادات والتقاليد الخليجية بأكملها، وأنا أعلم أنّ كثيرين يخافون من الحديث أو الإشارة إلى أسماء عائلاتهم أو قبائلهم خوفاً من الانتقام. كلّ ذلك يترافق مع جهود دولية غير كافية، لأنها تتعلق بالإدانة والشجب فقط من دون خطوات ملموسة".
عانت عائلات خليجية كثيرة من آثار حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر، فاضطرت إلى اتخاذ دولة الكويت كنقطة للالتقاء والزيارات العائلية وإقامة مراسم العزاء أو الزفاف للضرورة، فيما يعاني الآباء المنفصلون كثيراً في نقل أطفالهم للزيارة الزوجية المقررة من قبل المحاكم. وهو تصرف يرى الخليجيون أنّه غريب عن العادات والتقاليد، خصوصاً أنّ الخلافات الخليجية - الخليجية المتعلقة بالجانب السياسي ليست وليدة اليوم، لكنّها لم تصل إلى حد محاولة إرهاب المجتمعات الواحدة ومحاولة الفصل بينها.
تحكي مريم، وهي والدة لطفلين، تطلقت من زوجها السعودي، لـ"العربي الجديد"، عن معاناتها وطليقها السعودي في ترتيب أمور الحضانة العائلية لطفليهما. تقول: "اتفاق ما بعد الزواج الذي كان بيني وبين طليقي والذي يرتبط بصلة قرابة معي، إذ أننا نتحدر من العائلة نفسها، كان ينص على أن يلتقي طليقي بابنينا مرة كلّ نصف شهر في الدوحة، إذ إنّه يسكن الآن في منطقة الهفوف، شرق السعودية، والتي تبعد 160 كيلومتراً عن قطر". تضيف: "تغيّرت الترتيبات الآن، وأصبحت الأوضاع أكثر صعوبة على الأطفال، إذ اتفقنا على زيارة ربع سنوية للكويت، لأنّها باتت البلد الوحيد المتاح لوجود أقارب لنا فيها، خصوصاً أنّنا مشغولون، إذ إنّني متزوجة الآن ولديّ أبناء أيضاً ولا أستطيع إهمالهم، كما أنّ طليقي متزوج أيضاً ولديه عمل، ولا نستطيع تعطيل دراسة الأطفال وأخذهم في الطائرة كلّ 15 يوماً". تروي مريم كيفية تأثر طفليها بشدة في ظل الحصار وعدم لقائهما لوالدهما السعودي، مع مشاهدتهما مسلسل التخوين ضد المجتمع القطري على قنوات دول الحصار: "كثرة التنقل والجلوس في فنادق الكويت أو بيوت بعض الأقارب هناك، ولّد إحساساً عميقاً لدى طفليّ بالخوف والتشرد، بالإضافة إلى خوفي وخوفهما من أن تطول الأزمة ويصبحان مبعدين عن بلدهما السعودية مجبرين".
كانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر قد ذكرت أنّ أكثر من 13 ألف شخص ينتمون إلى مئات العائلات المختلطة قد تضرروا بفعل الحصار المفروض على قطر من الدول الخليجية الثلاث: السعودية والإمارات والبحرين. وقامت اللجنة بالترافع أمام المحاكم الدولية نيابة عن الأفراد والعائلات المتضررة من الحصار، لكنّها قالت إنّ "ما تم توثيقه يبقى في الحد الأدنى، خصوصاً أنّ كثيرين ممن تعرضوا للانتهاكات لا يعلمون بوجود آليات تقديم الشكاوى، كما أنّ لدى كثيرين منهم خوفاً حقيقياً من اتخاذ إجراءات انتقامية في حقهم من قبل سلطات بلدانهم، بالإضافة إلى وقوع انتهاكات بحق أطفال ممن هم دون سن 18 عاماً".
يروي رائد، وهو شاب قطري متزوج من قريبته السعودية، لـ"العربي الجديد"، التأثير السلبي لدول الحصار على جميع العائلات التي لها جذور في دول الخليج: "آخذ شهرياً إجازة من العمل، فأسافر برفقة أطفالي وزوجتي إلى الكويت للقاء عائلتها التي تأتي من السعودية خصيصاً للقائها، إذ إنّها تخاف على نفسها من الذهاب إلى بلادها كون أبنائها قطريين، بالرغم من أنّنا ننتمي للقبيلة نفسها وللعائلة نفسها الموزعة بين الكويت والسعودية والإمارات وقطر".
يضيف: "سمة عدم الأمان والإحساس بالتشرد باتت لصيقة بالعائلات الموجودة بين السعودية وقطر، إذ إنّ السعوديين يخافون التصريح بوجود فرع قطري للعائلة خوفاً من نقمة السلطات، خصوصاً مع الاعتقالات الكثيرة من قبل السلطات السعودية لمواطنين قطريين في الخارج، كان آخرهم المواطن نواف الرشيد. هذا الاعتقال نبّه كثيرين إلى أنّ دول الخليج المحايدة قد لا تكون آمنة أيضاً بالنسبة للمطلوبين للسلطات السعودية، بفعل الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدان الخليجية قبل الحصار". عن مدى جدوى تقديمه شكوى للمنظمات الدولية، يقول رائد: "لا فائدة من هذا، ما الذي سيحدث؟ لا شيء، والتعويضات بكلّ أموال الدنيا لن تكون ذات فائدة أمام قطع الصلات والأرحام وحزن وخوف الأطفال وعدم فهمهم للأزمة".
تترابط المجتمعات الخليجية في ما بينها جغرافياً وسكانياً، إذ إنّ الكثير من سكان الكويت وقطر والبحرين والإمارات وبشكل أقل عمان، لهم جذور قبلية أو عائلية في المملكة العربية السعودية، وهو ما يعني استخدام السلطات السعودية لهذه الورقة للضغط على العائلات والقبائل وإرهابها واستغلال الزواجات المختلطة بين الدول.
يقول بادي الدوسري، وهو مواطن كويتي يعيش جزء من أفراد قبيلته في قطر والسعودية ويلتقون في منزله ومنزل عائلته أحياناً في الكويت، لـ"العربي الجديد": إن الكثير من القطريين والسعوديين يخشون التصريح بالألم الذي يتعرضون له والضغوط النفسية الناتجة من الحصار خوفاً من السلطات السعودية التي لها أذرع في كلّ مكان، والألم الأشد يقع على الأطفال الذين يعيشون معاناة طويلة وشائكة للقاء أخوالهم أو أعمامهم، كما أنّ مسألة تسليم نواف الرشيد أدت إلى خوف السعوديين المقيمين في قطر والذين رفضوا الرجوع للبقاء مع عائلاتهم القطرية، أو السعوديات اللواتي بقين مع أزواجهن القطريين ويخفن من السفر إلى أيّ بلد خليجي، إذ إنّ السلطات السعودية صعّدت بشكل غير مسبوق ومخيف ضد المدنيين القطريين. يختم الدوسري: "كنا نسمع عن هذه التصرفات في الدول القمعية العسكرية، مثل سورية والعراق أيام صدام حسين، لكن أن يصل الأمر إلى الخليج الذي يعدّ دولة واحدة فهو أمر مؤسف وينافي العادات والتقاليد الخليجية بأكملها، وأنا أعلم أنّ كثيرين يخافون من الحديث أو الإشارة إلى أسماء عائلاتهم أو قبائلهم خوفاً من الانتقام. كلّ ذلك يترافق مع جهود دولية غير كافية، لأنها تتعلق بالإدانة والشجب فقط من دون خطوات ملموسة".