يعاني الأميركيون والمهاجرون إلى الولايات المتحدة من فروق واسعة جداً بالدخل ما بين الأغنياء والفقراء. وهو ما يدحض حقيقة "الحلم الأميركي".
لطالما راجت في البلاد عبارات تصفها بـ"أرض الإمكانيات غير المحدودة" وما إلى ذلك. وتعطي أيّ شخص فيها أملاً بأن يتحول من "عامل غسل صحون إلى مليونير" في "أرض الميعاد الأميركية" كما وصفها المستعمرون الأوروبيون الأوائل.
ومع عدم إغفال بعض التجارب الناجحة على هذا الصعيد، فإنّ الغالبية الساحقة من السكان قديماً وحديثاً لم يتسنّ لها تحقيق ذلك الحلم، وبقي حلماً بالنسبة لهم، خصوصاً في ظلّ المؤشرات الواضحة في العقود الأخيرة لازدياد العقبات أمام صعود السلم الاجتماعي- الطبقي.
ولعل الصورة تصبح أكثر وضوحاً عند النظر إلى تقسيم نسب الثروات في الولايات المتحدة. فعشرة بالمائة فقط من العائلات تملك 73 بالمائة من ثروات البلاد. فيما يستحوذ 1 في المائة من العائلات الأميركية على نحو 25 في المائة من معدل الدخل العام في الولايات المتحدة. وهو ما يجعل البلاد في المرتبة الثالثة عالمياً بين الدول الصناعية، في ما يتعلق باللامساواة والفروق الشاسعة في معدلات الدخل.
مثل هذه الفروق تظهر من خلال ارتفاع نسبة البطالة والفقر وعدد المشردين والفروقات الجندرية في الدخل وما إلى ذلك. وعلى الرغم من اقتصار البطالة اليوم على 5.8 في المائة فقط، فإنّ ذلك لا يعكس الواقع، مع عدم تقليص الفروق الاقتصادية، وعدم ارتفاع معدل الدخل للشرائح المتوسطة والفقيرة. فما يحكم سوق العمل اليوم هو انخفاض الأجور وعدم وجود قوانين تحدد الحد الأدني للأجر، وغياب الضمانات الاجتماعية المرتبطة بالعمل. وهو ما يضطر الكثير من العائلات إلى العيش على مساعدات الدولة، على الرغم من أنّ المعيل فيها يعمل في وظيفة أو أكثر أحياناً. فالراتب وحده لا يكفي.
من جهتها، قدرت وزارة الزراعة الأميركية في إحصاءاتها لعام 2010، أن نحو 15 في المائة من العائلات الأميركية "لا يمكنها تأمين الطعام بشكل دائم". وهو ما يعني أنّ فرداً واحداً على الأقل في كلّ عائلة لا يمكنه الحصول على الحد الأدنى من الغذاء، لكي يعيش حياة صحية وفعالة.
أما مكتب الإحصائيات الوطنية، فيقدّر نسبة الأميركيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بنحو 15 في المائة. فيما نسبة الفقر بين الأطفال في الولايات المتحدة تصل إلى نحو 21 بالمائة، وهي المرتبة الرابعة بين 40 دولة صناعية. في المقابل، فإنّ نسبة الأطفال الفقراء في دول كالدنمارك مثلاً تصل إلى نحو 3 في المائة.
كما يعيش في الولايات المتحدة أكثر من 750 ألف مشرد، بحسب معهد "ستانفورد". ولا تعكس هذه الاحصائيات الأرقام الحقيقية لأنها تأخذ بعين الاعتبار فقط أولئك الذين ينامون كل ليلة في مأوى للمشردين. أما النساء فما زلن يعانين أكثر من الذكور. فالمرأة في الولايات المتحدة تتقاضى أجراً يقل بمعدل 20 في المائة عن الرجل في نفس مهنتها ومستواها المهني.
وفي هذا الإطار، يشير الباحث البريطاني في علم الاجتماع ريتشارد ويلكسون إلى أنّ "المفاجئ في ما يتعلق بالمداخيل هو مدى انعكاس الفروق في الدخل في الدول الصناعية على الكثير من المشاكل الاجتماعية". ويؤكد أنّ "هناك نسبة أعلى من الأمراض النفسية والجسدية والعنف والأمية واللجوء إلى المخدرات، ونسبة أقل من المعرفة في الحساب بين الشباب، وصولاً إلى انخفاض احتمالات الصعود الطبقي، في تلك المجتمعات". ويشير ويلكسون كذلك إلى أنّ دولاً كالولايات المتحدة وبريطانيا، والتي تتجاوز معدلات الفروقات في الدخل فيها دولاً صناعية أخرى، تشهد معدل انتحار أكبر. ففي الولايات المتحدة ينتحر 50 شخصاً من كلّ مليون نسمة، مقارنة بـ 18 شخصاً لكل مليون في كندا، و5 أشخاص لكل مليون في اليابان.
وبالعودة إلى "الحلم الأميركي" تبقى الخلفية الطبقية لسكان الولايات المتحدة، ذات تأثير رئيسي على إمكانية صعود الفرد أو العائلة في السلم الاجتماعي والعيش في ظل حياة أفضل. ولا يؤثر معدل الدخل والطبقية فقط في الفروقات بين الأكثر غنى والأكثر فقراً، بل حتى على أبناء الطبقات الوسطى بحسب ويلكسون. ويذهب الباحث أبعد من ذلك في واقع استحالة تغيير الأوضاع تلك في قوله: "إذا أراد الأميركيون تجربة الحلم الأميركي، فعليهم العيش في الدنمارك".
إقرا أيضاً: عائلات مشرّدة في نيويورك
لطالما راجت في البلاد عبارات تصفها بـ"أرض الإمكانيات غير المحدودة" وما إلى ذلك. وتعطي أيّ شخص فيها أملاً بأن يتحول من "عامل غسل صحون إلى مليونير" في "أرض الميعاد الأميركية" كما وصفها المستعمرون الأوروبيون الأوائل.
ومع عدم إغفال بعض التجارب الناجحة على هذا الصعيد، فإنّ الغالبية الساحقة من السكان قديماً وحديثاً لم يتسنّ لها تحقيق ذلك الحلم، وبقي حلماً بالنسبة لهم، خصوصاً في ظلّ المؤشرات الواضحة في العقود الأخيرة لازدياد العقبات أمام صعود السلم الاجتماعي- الطبقي.
ولعل الصورة تصبح أكثر وضوحاً عند النظر إلى تقسيم نسب الثروات في الولايات المتحدة. فعشرة بالمائة فقط من العائلات تملك 73 بالمائة من ثروات البلاد. فيما يستحوذ 1 في المائة من العائلات الأميركية على نحو 25 في المائة من معدل الدخل العام في الولايات المتحدة. وهو ما يجعل البلاد في المرتبة الثالثة عالمياً بين الدول الصناعية، في ما يتعلق باللامساواة والفروق الشاسعة في معدلات الدخل.
مثل هذه الفروق تظهر من خلال ارتفاع نسبة البطالة والفقر وعدد المشردين والفروقات الجندرية في الدخل وما إلى ذلك. وعلى الرغم من اقتصار البطالة اليوم على 5.8 في المائة فقط، فإنّ ذلك لا يعكس الواقع، مع عدم تقليص الفروق الاقتصادية، وعدم ارتفاع معدل الدخل للشرائح المتوسطة والفقيرة. فما يحكم سوق العمل اليوم هو انخفاض الأجور وعدم وجود قوانين تحدد الحد الأدني للأجر، وغياب الضمانات الاجتماعية المرتبطة بالعمل. وهو ما يضطر الكثير من العائلات إلى العيش على مساعدات الدولة، على الرغم من أنّ المعيل فيها يعمل في وظيفة أو أكثر أحياناً. فالراتب وحده لا يكفي.
من جهتها، قدرت وزارة الزراعة الأميركية في إحصاءاتها لعام 2010، أن نحو 15 في المائة من العائلات الأميركية "لا يمكنها تأمين الطعام بشكل دائم". وهو ما يعني أنّ فرداً واحداً على الأقل في كلّ عائلة لا يمكنه الحصول على الحد الأدنى من الغذاء، لكي يعيش حياة صحية وفعالة.
أما مكتب الإحصائيات الوطنية، فيقدّر نسبة الأميركيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بنحو 15 في المائة. فيما نسبة الفقر بين الأطفال في الولايات المتحدة تصل إلى نحو 21 بالمائة، وهي المرتبة الرابعة بين 40 دولة صناعية. في المقابل، فإنّ نسبة الأطفال الفقراء في دول كالدنمارك مثلاً تصل إلى نحو 3 في المائة.
كما يعيش في الولايات المتحدة أكثر من 750 ألف مشرد، بحسب معهد "ستانفورد". ولا تعكس هذه الاحصائيات الأرقام الحقيقية لأنها تأخذ بعين الاعتبار فقط أولئك الذين ينامون كل ليلة في مأوى للمشردين. أما النساء فما زلن يعانين أكثر من الذكور. فالمرأة في الولايات المتحدة تتقاضى أجراً يقل بمعدل 20 في المائة عن الرجل في نفس مهنتها ومستواها المهني.
وفي هذا الإطار، يشير الباحث البريطاني في علم الاجتماع ريتشارد ويلكسون إلى أنّ "المفاجئ في ما يتعلق بالمداخيل هو مدى انعكاس الفروق في الدخل في الدول الصناعية على الكثير من المشاكل الاجتماعية". ويؤكد أنّ "هناك نسبة أعلى من الأمراض النفسية والجسدية والعنف والأمية واللجوء إلى المخدرات، ونسبة أقل من المعرفة في الحساب بين الشباب، وصولاً إلى انخفاض احتمالات الصعود الطبقي، في تلك المجتمعات". ويشير ويلكسون كذلك إلى أنّ دولاً كالولايات المتحدة وبريطانيا، والتي تتجاوز معدلات الفروقات في الدخل فيها دولاً صناعية أخرى، تشهد معدل انتحار أكبر. ففي الولايات المتحدة ينتحر 50 شخصاً من كلّ مليون نسمة، مقارنة بـ 18 شخصاً لكل مليون في كندا، و5 أشخاص لكل مليون في اليابان.
وبالعودة إلى "الحلم الأميركي" تبقى الخلفية الطبقية لسكان الولايات المتحدة، ذات تأثير رئيسي على إمكانية صعود الفرد أو العائلة في السلم الاجتماعي والعيش في ظل حياة أفضل. ولا يؤثر معدل الدخل والطبقية فقط في الفروقات بين الأكثر غنى والأكثر فقراً، بل حتى على أبناء الطبقات الوسطى بحسب ويلكسون. ويذهب الباحث أبعد من ذلك في واقع استحالة تغيير الأوضاع تلك في قوله: "إذا أراد الأميركيون تجربة الحلم الأميركي، فعليهم العيش في الدنمارك".
إقرا أيضاً: عائلات مشرّدة في نيويورك