تتسارع الأزمات في بيروت، بما يشبه حفلة جنون لا تجد من يوقفها. يشتري اللبنانيون الشموع بكميات كبيرة، ويلجأون للمبات الكيروسين التقليدية، ويضطرون للتخلص من الطعام الفاسد بسبب الانقطاع المطوّل للكهرباء الذي أغرق البلاد في الظلام هذا الأسبوع، وزاد من قتامة الوضع في الدولة التي تعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة.
وفيما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم عن سعر جديد للصرف بقيمة 3900 ليرة "سيحاول" تثبيته على الصرافين والاستيراد، إلا أن سعر الدولار الواحد في السوق السوداء وصل إلى أكثر من 9 آلاف ليرة، مرتفعاً بنسبة هائلة، وصلت إلى أكثر من 500 في المائة، عن السعر الذي لا يزال ثابتاً رسمياً عند 1500 ليرة.
وقال سلامة في مؤتمر صحافي "إن سعر الـ1500 لليرة يبقى سارياً على المحروقات والقمح والمستلزمات الطبية، وهو يساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية لأنه يستخدم في تسديد القروض". وأضاف أن "احتياطي مصرف لبنان من العملة الأجنبية وصل إلى 20 مليار دولار". لكن الكثير من المحللين والخبراء يؤكدون أن هذا الرقم مبالغ به، ولا يعكس حقيقة المتوافر في الاحتياطي.
وتخفض شركة الكهرباء في لبنان الطاقة منذ أواخر يونيو/ حزيران بسبب تراجع إمدادات الوقود، وسط انعدام يقين حول موعد الشحنة المقبلة.
سعر الدولار الواحد في السوق السوداء وصل إلى أكثر من 9 آلاف ليرة، مرتفعاً بنسبة هائلة وصلت إلى أكثر من 500 في المائة، عن السعر الذي لا يزال ثابتاً رسمياً عند 1500 ليرة
وقد شهد لبنان أزمات مالية واقتصادية عدّة أدت إلى انهيار العملة المحلية، ما أثر بشكل كبير على قدرة لبنان على استيراد السلع الأساسية.
وتعتبر واردات الوقود مدعومة، لكن ندرة العملة الأجنبية تزيد من صعوبة تأمين الموارد. ووعد مسؤولو الحكومة بشحنات وقود جديدة تصل إحداها الثلاثاء.
لكن السكان في أجزاء من لبنان أبلغوا عن نحو 20 ساعة من انقطاع الكهرباء منذ الأسبوع الماضي. وكانت بعض الشوارع الرئيسية مضاءة فقط بالإعلانات التجارية، بينما غرقت شوارع أخرى في ظلام دامس.
وشوهدت الأضواء الخافتة للشموع من النوافذ، بينما قيّدت الحياة الليلية الصاخبة عادة للعاصمة بيروت بسبب انقطاع الكهرباء والأزمة الاقتصادية.
وفي تطور مقلق، قالت مستشفيات خاصة في لبنان الثلاثاء إنها ستقلل عدد العمليات وتقتصر على الطارئة منها فقط، وتتضمن الغسيل الكلوي وخدمات مرضى السرطان، بسبب قلة الموارد، ومنها الوقود.
وقبل يوم، أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المستشفى الوحيد الذي يعالج مرضى كوفيد-19، أنه سيلجأ لإغلاق وحدات تكييف الهواء في منطقته الإدارية وبعض الأروقة لتقليل استخدام الطاقة وضمان استمرار العناية بالمرضى كأولوية. وقال المستشفى إنه يعمل بكفاءة 85 بالمائة.
يعاني لبنان منذ عقود الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والديون العامة الضخمة لشركة الكهرباء الوطنية التي تشهد عجزاً يبلغ زهاء ملياري دولار سنوياً. كذلك تعاني البنية التحتية للكهرباء في البلاد من الفوضى منذ نهاية الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاماً، فضلاً عن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المستشفى الوحيد الذي يعالج مرضى كوفيد-19، أنه سيلجأ لإغلاق وحدات تكييف الهواء في منطقته الإدارية وبعض الأروقة لتقليل استخدام الطاقة
يعوّل لبنان بشكل كبير على المحروقات التي تشحن على سفن من دول مجاورة، واستورد الديزل من أجل مجموعة المولدات القوية التي توفر الشبكة الوطنية غير المكتملة من الكهرباء.
في غضون ذلك، رفع مزودو المولدات الأسعار لديهم، في حين يتم تهريب بعض الوقود إلى سورية لأنه أكثر ربحا هناك.
وعادة، لا تستطيع شركة الكهرباء اللبنانية توفير أكثر من ثلثي الطلب الصيفي على الكهرباء. كما أن الانهيار الاقتصادي في لبنان متجذر منذ عقود، بسبب الفساد الممنهج وسوء الإدارة من قبل الطبقة اللبنانية الحاكمة التي ترفض الإصلاح، على الرغم من الانتفاضة التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.