29 يونيو 2016
اللعبة القذرة
زكي الدروبي (سورية)
في فيديو منشور على الإنترنت يتساءل طفل حلبي صغير: بدي أفهم ليش عم يضربنا؟ صحيح أن الفيديو يعود لـ 2013، لكن الوضع لم يتغير، فالقصف بالبراميل والصواريخ وبكل أنواع الأسلحة مستمر. التغيير الوحيد المؤكد ازدياد أعداد الأطفال ممن فقدوا عائلاتهم.
ربما نضيف على سؤال هذا الطفل أسئلة آخرى، طالما رددها الشعب السوري طويلاً خلال الفترة الماضية: أين الأمم المتحدة؟ أين حقوق الإنسان؟ أين الخطوط الحمر والصفر؟ وأين التصريحات النارية؟ وأين الجيوش والتحالفات التي أعلنت وهددت بالتدخل العسكري؟ لماذا لا أحد يتدخل ليوقف هذا الإجرام؟ ربما نضيف أسئلة أخرى، وأخرى و..، لكن إجاباتها تبقى دائماً غير مفهومة من الناس، هل ندفع هذا الثمن الكبير فقط، لأننا طلبنا الحرية، وناضلنا لأجلها؟
الأسئلة تتداعى، لنسأل هل صحيح أن تحرّرنا من الاستعمار الفرنسي في 1946 كان تحرّراً شكلانياً؟ أي خرجت القوات العسكرية الفرنسية، وبقيت مخلفات تلك القوى الاستعمارية ونوابها على الأرض.
نعم، كان الاستقلال استقلالاً وهمياً، بقي الجيش الذي صنعته فرنسا، وبقيت المخابرات التي بنتها فرنسا، وكذلك الدولة العميقة. وفي أول تجربة حقيقية لممارسة القرار السيادي، تم الانقلاب على الرئيس المنتخب شكري بيك القوتلي من الجيش، وتربى التالي على يد السابق في العمالة الذي استمرأ فيما بعد لعبة السياسة، واستدعائه من السياسيين ليقصي خصومهم، وانقض على جزء الحرية التي نلناها، حتى وصلنا إلى حكم المافيا الأسدية.
لم تكن مطالبنا كشعوب سهلة، يمكن أن تمرّرها القوى الاستعمارية، فاقتصاد تلك الدول بني على نهبنا، وهذا ليس بالكلام الإنشائي الشعاراتي، بل هو حقيقي، وتجلى في عصرنا الحالي فيما نقله عبد الحليم خدام لبشار الأسد عن رغبة الرئيس الفرنسي بإعطاء شركة توتال الفرنسية عقود نفط في سورية، فرفض بشار وفضل الشركات الأميركية، وبعدها جاء الغضب الفرنسي على سورية. لذلك، إن طلبنا للحرية ورغبتنا في بناء الدولة المدنية الديمقراطية ليس من السهل تقبله من القوى العالمية، إضافة إلى مصالح المستبدين بالمنطقة. لهذا، رأينا أن تجربة تونس، كأول العابرين في درب الربيع العربي، مرّت بسلامة، لأنها كانت مفاجئة لهم، ولم يتوقعوا أن تنتفض الشعوب التي تعبوا في ترويضها وتسكينها مدة طويلة ضد وكلائهم الحاكمين في المنطقة، ولم يسعفهم الوقت، بفعل شيء تجاه الوضع هناك، كما حدث لاحقاً بباقي دول الربيع العربي، على الرغم من إعادتهم جزءاً من النظام السابق إليها. وفي مصر، تم تغيير رأس النظام ومررت العاصفة، ثم قام جنرال قادم من جهاز المخابرات بالانقلاب على الرئيس المدني المنتخب، معيداً النظام القديم بوجه أكثر إجراماً وجرأة في قتل الشعب، نظام يشابه إجرام بشار الأسد وقتله شعبه، ودعم العالم الحر وغير الحر نظام الجنرال السيسي.
في نهايات عام 2012، حين كنت في القاهرة، سمعت من أحد كان له علاقات مع جنرالات مصر، أنهم نادمون لرضوخهم للمتظاهرين، ولو علموا أن العالم سيسكت عن جرائمهم، لما تنازلوا عن السلطة، ولقتلوا المتظاهرين، مثلما فعل بشار الأسد.
الجشع والنهم لدى المجلس العالمي لمافيات سرقة الشعوب لا يعرف عواطف، ولا يفهم حقوق إنسان، ولا علاقة له بأخلاق أو دين أو أي شيء، تخصصوا فقط في النهب والسرقة، وخروجنا عن الطريق الذي رسموه لنا خطراً على مصالحهم. لهذا، تآمروا جميعاً على قتلنا، ولولا ترسخ الديمقراطية في بلادهم، لكانوا أول المنقلبين عليها. لهذا، من يرتجي دعماً من أصدقاء الشعب السوري، فأقترح عليه أن لا ينتظر دعماً لن يأتي، فقضيتهم محاربة النفوذ الإيراني والمطامح الإقليمية لها في المنطقة، وليس دعم الثورة السورية، وعلى من ينتظر دعماً من الغرب أن يتذكر أن قادة أوروبا تخصصوا بغسيل أيدي القتلة، فمصالحهم تدفعهم إلى غسيل يد القاتل، كما فعلوا مع السيسي، وقبله مع القذافي.
ربما نضيف على سؤال هذا الطفل أسئلة آخرى، طالما رددها الشعب السوري طويلاً خلال الفترة الماضية: أين الأمم المتحدة؟ أين حقوق الإنسان؟ أين الخطوط الحمر والصفر؟ وأين التصريحات النارية؟ وأين الجيوش والتحالفات التي أعلنت وهددت بالتدخل العسكري؟ لماذا لا أحد يتدخل ليوقف هذا الإجرام؟ ربما نضيف أسئلة أخرى، وأخرى و..، لكن إجاباتها تبقى دائماً غير مفهومة من الناس، هل ندفع هذا الثمن الكبير فقط، لأننا طلبنا الحرية، وناضلنا لأجلها؟
الأسئلة تتداعى، لنسأل هل صحيح أن تحرّرنا من الاستعمار الفرنسي في 1946 كان تحرّراً شكلانياً؟ أي خرجت القوات العسكرية الفرنسية، وبقيت مخلفات تلك القوى الاستعمارية ونوابها على الأرض.
نعم، كان الاستقلال استقلالاً وهمياً، بقي الجيش الذي صنعته فرنسا، وبقيت المخابرات التي بنتها فرنسا، وكذلك الدولة العميقة. وفي أول تجربة حقيقية لممارسة القرار السيادي، تم الانقلاب على الرئيس المنتخب شكري بيك القوتلي من الجيش، وتربى التالي على يد السابق في العمالة الذي استمرأ فيما بعد لعبة السياسة، واستدعائه من السياسيين ليقصي خصومهم، وانقض على جزء الحرية التي نلناها، حتى وصلنا إلى حكم المافيا الأسدية.
لم تكن مطالبنا كشعوب سهلة، يمكن أن تمرّرها القوى الاستعمارية، فاقتصاد تلك الدول بني على نهبنا، وهذا ليس بالكلام الإنشائي الشعاراتي، بل هو حقيقي، وتجلى في عصرنا الحالي فيما نقله عبد الحليم خدام لبشار الأسد عن رغبة الرئيس الفرنسي بإعطاء شركة توتال الفرنسية عقود نفط في سورية، فرفض بشار وفضل الشركات الأميركية، وبعدها جاء الغضب الفرنسي على سورية. لذلك، إن طلبنا للحرية ورغبتنا في بناء الدولة المدنية الديمقراطية ليس من السهل تقبله من القوى العالمية، إضافة إلى مصالح المستبدين بالمنطقة. لهذا، رأينا أن تجربة تونس، كأول العابرين في درب الربيع العربي، مرّت بسلامة، لأنها كانت مفاجئة لهم، ولم يتوقعوا أن تنتفض الشعوب التي تعبوا في ترويضها وتسكينها مدة طويلة ضد وكلائهم الحاكمين في المنطقة، ولم يسعفهم الوقت، بفعل شيء تجاه الوضع هناك، كما حدث لاحقاً بباقي دول الربيع العربي، على الرغم من إعادتهم جزءاً من النظام السابق إليها. وفي مصر، تم تغيير رأس النظام ومررت العاصفة، ثم قام جنرال قادم من جهاز المخابرات بالانقلاب على الرئيس المدني المنتخب، معيداً النظام القديم بوجه أكثر إجراماً وجرأة في قتل الشعب، نظام يشابه إجرام بشار الأسد وقتله شعبه، ودعم العالم الحر وغير الحر نظام الجنرال السيسي.
في نهايات عام 2012، حين كنت في القاهرة، سمعت من أحد كان له علاقات مع جنرالات مصر، أنهم نادمون لرضوخهم للمتظاهرين، ولو علموا أن العالم سيسكت عن جرائمهم، لما تنازلوا عن السلطة، ولقتلوا المتظاهرين، مثلما فعل بشار الأسد.
الجشع والنهم لدى المجلس العالمي لمافيات سرقة الشعوب لا يعرف عواطف، ولا يفهم حقوق إنسان، ولا علاقة له بأخلاق أو دين أو أي شيء، تخصصوا فقط في النهب والسرقة، وخروجنا عن الطريق الذي رسموه لنا خطراً على مصالحهم. لهذا، تآمروا جميعاً على قتلنا، ولولا ترسخ الديمقراطية في بلادهم، لكانوا أول المنقلبين عليها. لهذا، من يرتجي دعماً من أصدقاء الشعب السوري، فأقترح عليه أن لا ينتظر دعماً لن يأتي، فقضيتهم محاربة النفوذ الإيراني والمطامح الإقليمية لها في المنطقة، وليس دعم الثورة السورية، وعلى من ينتظر دعماً من الغرب أن يتذكر أن قادة أوروبا تخصصوا بغسيل أيدي القتلة، فمصالحهم تدفعهم إلى غسيل يد القاتل، كما فعلوا مع السيسي، وقبله مع القذافي.