ليست الليشمانيا مرضاً خطيراً، لكنّه في ازدياد كبير بسبب الأزمة السورية، خصوصاً وسط النازحين في الداخل والجوار
موجة جديدة من مرض الليشمانيا الجلدي بدأت تجتاح العديد من المناطق في سورية مع اقتراب الصيف وارتفاع درجات الحرارة. وكالعادة، فالنازحون في الداخل والجوار هم الضحية الأساس للمرض الذي ينتشر في البيئات الحارة غير النظيفة.
تكشف النشرة الوبائية الصادرة عن "شبكة الإنذار والاستجابة المبكرة للأوبئة" (معارضة رسمية) عن وجود 3169 حالة إصابة جديدة بالليشمانيا خلال النصف الأول من شهر مايو/ أيار الماضي، في سبع محافظات سورية.
وفقاً للشبكة، تتصدّر محافظة إدلب عدد الإصابات بـ1141 إصابة، ما يجعلها تتخطى عتبة الإنذار، تليها حلب. كما تنتشر الإصابات في المحافظات الشرقية من سورية، كالرقة والحسكة ودير الزور، وبشكل محدود في حماه.
يوضح الطبيب غسان حميدي أنّ "الليشمانيا ليست مرضاً معدياً بالتماسّ بين البشر، إنّما تنتقل عبر ذبابة الرمل التي تتواجد في مناطق معينة، فتلدغ الجلد مسببة تقرحات وتهيّجات جلدية. وغالباً ما تكون في الوجه كونه أكثر المناطق المكشوفة للذبابة".
يضيف: "الليشمانيا الجلدية، وهي الأكثر انتشاراً اليوم، ليست خطيرة، لكنها تحتاج إلى العلاج. الخطر الأكبر لها جمالي، وهو ما يتعلق بالتقرحات الجلدية التي تحدث في مكان اللدغات. وهي تقرحات تختلف أحجامها وأشكالها بين شخص وآخر. وتكون مؤلمة أحياناً، وتسبب تضخماً في الغدد اللمفاوية في الجسم. وقد تبقى آثارها على الجلد لمدة طويلة حتى بعد العلاج". يتابع: "الشكل السيئ لبعض التقرحات الناجمة عن الليشمانيا هو السبب في ارتباطها بالإشاعات، إذ يعتقد البعض أنّها مرض خطير أو جديد".
تعتبر الوقاية أبرز عوامل الحدّ من انتشار الليشمانيا. ويتعلق ذلك برش المبيدات الحشرية في المناطق التي تتواجد فيها الذبابة، واستعمال الناموسيات أثناء النوم لمنع الذباب من الوصول إلى جلد الإنسان.
من هذا المنطلق، بدأت المجالس المحلية في العديد من المناطق السورية حملات الرش السنوية. ومع تراجع المنظومة الصحية في مختلف المناطق السورية، تولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر السوري تنفيذ حملات توعية ضد المرض، ورش مبيدات، وتدريب للأطباء في كلّ من حلب ودمشق في تشخيص وعلاج الليشمانيا، بالإضافة إلى توزيع آلاف الناموسيات في أماكن تجمع النازحين في حلب.
اقــرأ أيضاً
تقول المتطوعة في الهلال الأحمر في حلب، هبة: "هذا المرض معروف لدى أهالي حلب، لكن تصعب السيطرة عليه في الظروف الحالية. فالكثير من النازحين يبيتون في العراء وفي المناطق الريفية، حيث تتواجد الذبابة بشكل كبير، وتكثر المستنقعات والمجاري المائية. ويصعب على الكثيرين الوصول إلى المراكز الصحية التي يتواجد فيها العلاج، وهو ما يسبب تفاقم العديد من الحالات".
قبل بداية الأزمة، عام 2011، كانت سورية موطناً لهذا الداء. وشهدت ازدياداً كبيراً في متوسط عدد الإصابات السنوية منذ عام 2008، بسبب ازدياد حركات التنقل بين الأرياف والمدن وضعف خدمات النظافة والرعاية الصحية. ومن ذلك الحين عملت المؤسسات الصحية في البلاد جاهدة للحدّ من انتشاره، من خلال مراكز مخصصة لعلاج الليشمانيا تنتشر في المحافظات، وكانت تنشط بشكل كبير مع اقتراب فصل الصيف.
نكسة جديدة حدثت منذ بداية الأزمة عام 2011، ونزوح نحو 6.5 ملايين سوري إلى مناطق أخرى داخل سورية. قسم كبير من هؤلاء خرج من المناطق التي كان تستوطن فيها الليشمانيا سابقاً كحلب، وهو ما أدى إلى ظهورها في محافظات لم يستوطن فيها المرض سابقاً، ما تسبب بتوسع رقعة انتشار المرض.
وفقاً لتقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية، فقد سجل عدد الإصابات بالليشمانيا عام 2013 ضعفي متوسط الإصابات بين عامي 2004 و2008، الذي كان يسجل 100 ألف إصابة سنوياً.
كما ترافق لجوء أكثر من 4 ملايين سوري إلى دول الجوار، كتركيا والأردن ولبنان والعراق، مع ارتفاع أعداد المصابين بالليشمانيا في هذه الدول. وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، فقد ظهرت 1033 حالة إصابة عام 2013، منها 96 في المائة بين اللاجئين السوريين.
كما أعلنت وزارة الصحة في الأردن أخيراً، عن رصد 390 حالة إصابة بمرض الليشمانيا، بين اللاجئين السوريين. وأشارت إلى أنّ المعدل السنوي السابق للإصابات المسجلة محلياً بين عامي 2006 إلى 2015 بلغ 180 حالة لأردنيين وغير أردنيين.
من جهته، يوضح المتخصص في الصحة العامة، محمد، أنّ "داء الليشمانيا موجود أساساً في نحو 90 بلداً من البلدان المدارية وشبه المدارية في العالم، وجنوب القارة الأوروبية، ودول الشرق الأوسط. ويمكن السيطرة عليه من خلال توفير خدمات النظافة والوقاية ورش المبيدات وتوفير العلاج". يضيف أنّ "الظروف المزرية التي تُرك النازحون فيها داخل المخيمات المكتظة، والتي تنعدم فيها الخدمات الأساسية، كالصرف الصحي، وترحيل النفايات، والغذاء، والكهرباء، تعدّ بيئة خصبة لانتشار ذبابة الرمل، فضلاً عن انعدام خدمات الصحة، التي تتسبب في تفاقم حالة المصابين".
اقــرأ أيضاً
موجة جديدة من مرض الليشمانيا الجلدي بدأت تجتاح العديد من المناطق في سورية مع اقتراب الصيف وارتفاع درجات الحرارة. وكالعادة، فالنازحون في الداخل والجوار هم الضحية الأساس للمرض الذي ينتشر في البيئات الحارة غير النظيفة.
تكشف النشرة الوبائية الصادرة عن "شبكة الإنذار والاستجابة المبكرة للأوبئة" (معارضة رسمية) عن وجود 3169 حالة إصابة جديدة بالليشمانيا خلال النصف الأول من شهر مايو/ أيار الماضي، في سبع محافظات سورية.
وفقاً للشبكة، تتصدّر محافظة إدلب عدد الإصابات بـ1141 إصابة، ما يجعلها تتخطى عتبة الإنذار، تليها حلب. كما تنتشر الإصابات في المحافظات الشرقية من سورية، كالرقة والحسكة ودير الزور، وبشكل محدود في حماه.
يوضح الطبيب غسان حميدي أنّ "الليشمانيا ليست مرضاً معدياً بالتماسّ بين البشر، إنّما تنتقل عبر ذبابة الرمل التي تتواجد في مناطق معينة، فتلدغ الجلد مسببة تقرحات وتهيّجات جلدية. وغالباً ما تكون في الوجه كونه أكثر المناطق المكشوفة للذبابة".
يضيف: "الليشمانيا الجلدية، وهي الأكثر انتشاراً اليوم، ليست خطيرة، لكنها تحتاج إلى العلاج. الخطر الأكبر لها جمالي، وهو ما يتعلق بالتقرحات الجلدية التي تحدث في مكان اللدغات. وهي تقرحات تختلف أحجامها وأشكالها بين شخص وآخر. وتكون مؤلمة أحياناً، وتسبب تضخماً في الغدد اللمفاوية في الجسم. وقد تبقى آثارها على الجلد لمدة طويلة حتى بعد العلاج". يتابع: "الشكل السيئ لبعض التقرحات الناجمة عن الليشمانيا هو السبب في ارتباطها بالإشاعات، إذ يعتقد البعض أنّها مرض خطير أو جديد".
تعتبر الوقاية أبرز عوامل الحدّ من انتشار الليشمانيا. ويتعلق ذلك برش المبيدات الحشرية في المناطق التي تتواجد فيها الذبابة، واستعمال الناموسيات أثناء النوم لمنع الذباب من الوصول إلى جلد الإنسان.
من هذا المنطلق، بدأت المجالس المحلية في العديد من المناطق السورية حملات الرش السنوية. ومع تراجع المنظومة الصحية في مختلف المناطق السورية، تولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر السوري تنفيذ حملات توعية ضد المرض، ورش مبيدات، وتدريب للأطباء في كلّ من حلب ودمشق في تشخيص وعلاج الليشمانيا، بالإضافة إلى توزيع آلاف الناموسيات في أماكن تجمع النازحين في حلب.
تقول المتطوعة في الهلال الأحمر في حلب، هبة: "هذا المرض معروف لدى أهالي حلب، لكن تصعب السيطرة عليه في الظروف الحالية. فالكثير من النازحين يبيتون في العراء وفي المناطق الريفية، حيث تتواجد الذبابة بشكل كبير، وتكثر المستنقعات والمجاري المائية. ويصعب على الكثيرين الوصول إلى المراكز الصحية التي يتواجد فيها العلاج، وهو ما يسبب تفاقم العديد من الحالات".
قبل بداية الأزمة، عام 2011، كانت سورية موطناً لهذا الداء. وشهدت ازدياداً كبيراً في متوسط عدد الإصابات السنوية منذ عام 2008، بسبب ازدياد حركات التنقل بين الأرياف والمدن وضعف خدمات النظافة والرعاية الصحية. ومن ذلك الحين عملت المؤسسات الصحية في البلاد جاهدة للحدّ من انتشاره، من خلال مراكز مخصصة لعلاج الليشمانيا تنتشر في المحافظات، وكانت تنشط بشكل كبير مع اقتراب فصل الصيف.
نكسة جديدة حدثت منذ بداية الأزمة عام 2011، ونزوح نحو 6.5 ملايين سوري إلى مناطق أخرى داخل سورية. قسم كبير من هؤلاء خرج من المناطق التي كان تستوطن فيها الليشمانيا سابقاً كحلب، وهو ما أدى إلى ظهورها في محافظات لم يستوطن فيها المرض سابقاً، ما تسبب بتوسع رقعة انتشار المرض.
وفقاً لتقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية، فقد سجل عدد الإصابات بالليشمانيا عام 2013 ضعفي متوسط الإصابات بين عامي 2004 و2008، الذي كان يسجل 100 ألف إصابة سنوياً.
كما ترافق لجوء أكثر من 4 ملايين سوري إلى دول الجوار، كتركيا والأردن ولبنان والعراق، مع ارتفاع أعداد المصابين بالليشمانيا في هذه الدول. وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، فقد ظهرت 1033 حالة إصابة عام 2013، منها 96 في المائة بين اللاجئين السوريين.
كما أعلنت وزارة الصحة في الأردن أخيراً، عن رصد 390 حالة إصابة بمرض الليشمانيا، بين اللاجئين السوريين. وأشارت إلى أنّ المعدل السنوي السابق للإصابات المسجلة محلياً بين عامي 2006 إلى 2015 بلغ 180 حالة لأردنيين وغير أردنيين.
من جهته، يوضح المتخصص في الصحة العامة، محمد، أنّ "داء الليشمانيا موجود أساساً في نحو 90 بلداً من البلدان المدارية وشبه المدارية في العالم، وجنوب القارة الأوروبية، ودول الشرق الأوسط. ويمكن السيطرة عليه من خلال توفير خدمات النظافة والوقاية ورش المبيدات وتوفير العلاج". يضيف أنّ "الظروف المزرية التي تُرك النازحون فيها داخل المخيمات المكتظة، والتي تنعدم فيها الخدمات الأساسية، كالصرف الصحي، وترحيل النفايات، والغذاء، والكهرباء، تعدّ بيئة خصبة لانتشار ذبابة الرمل، فضلاً عن انعدام خدمات الصحة، التي تتسبب في تفاقم حالة المصابين".