أكد وزير الخارجية الفلسطينية، رياض المالكي، اليوم الخميس، على الرفض الفلسطيني لما جاء في خطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس الأربعاء، من طرح لفكرة الدولة اليهودية، لأن كيري يحاول أن يعطي انطباعا غير صحيح بأنه يعتمد في طرحه للدولة اليهودية على قرار 181، وهو مرفوض فلسطينيا.
وقال المالكي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما استوقفني بشكل سريع، أن كيري تحدث عن الدولة اليهودية، واعتمد بطرحه الدولة اليهودية على جزئية من قرار 181، حتى يعطي فكرة الدولة اليهودية ذلك البعد الأممي والقانوني، ونحن نقول إما أن يأخذ بقرار 181 بكامله وأن يتعامل معه على هذا الأساس، ولكن غير مقبول على الإطلاق أن يأخذ جزئية ويترك جزئيات أخرى، بما فيها مساحة الأرض المخصصة للدولة الفلسطينية".
ونفى المالكي بشدة إذا كانت الرؤيا التي قدمها كيري في خطابه سيتم فرضها على مؤتمر باريس الدولي، الذي سينعقد منتصف الشهر القادم، مشددا "لن نقبل التعامل مع أي شيء آخر، إلا قرار مجلس الأمن 2334".
وقال: الفلسطينيون يعتمدون بشكل رئيسي على قرار 2334، وقد أصبح الآن ليس فقط وثيقة دولية، وإنما بات جزءا من الإطار القانوني للمرجعيات الدولية بما فيها القانون الدولي، وقال: "لا نريد أن نجتهد في أي شيء بل الالتزام بالقرار، والدول التي صوتت لصالح القرار والتي لم تصوت ستكون في المؤتمر الدولي في باريس، تتفق أيضا مع فحوى القرار".
وتابع: ما نطلبه من فرنسا والمؤتمر هو الالتزام بالقرار وأن يكون الإطار الناظم لذلك الاجتماع، وأن يتم الخروج من الاجتماع بقرار يؤكد على التزام الجميع والمجتمع الدولي بقرار 2334، وتوفير الآليات الضرورية لإنفاذه، خاصة أنه يتحدث عن حماية حل الدولتين وهذا ما يجري البحث عنه.
وأكد المالكي أنه يجب أن يكون سقف وإطار عمل مؤتمر باريس والضابط له هو قرار 2334، حيث "لن نقبل بأي شيء آخر، وسوف نتعامل على هذا الأساس، ونتحدث مع الفرنسيين على هذا الأساس، وسوف أرسل رسائل إلى 70 دولة، ووزراء خارجيتها أحضهم على التعامل مع القرار دون غيره، ويكون هذا هو نتاج ومخرجات المؤتمر الذي سوف يعقد في منتصف يناير / كانون الثاني المقبل".
وكانت تسريبات سياسية قد أكدت أن كيري يعتزم تقديم رؤيا سياسية للإدارة الأميركية تتلخص بـ"إتفاق الإطار" الذي كان قد طرحه كيري عام 2014 على القيادة الفلسطينية ورفضته في حينه، حيث يتبنى الاتفاق دولة يهودية، واعتراف الفلسطينيين بها، مقابل اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، عاصمتها القدس الشرقية، فضلا عن تبادل الأراضي، وتفاهم حول الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة، وعدم عودة اللاجئين الفلسطينين إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وبقاء سيطرة إسرائيلية على الأغوار لنحو عقدين، لكن كيري لم يعد إلى ذكر "اتفاق الإطار" منذ أن انهارت المفاوضات المعروفة بمفاوضات "التسعة شهور" في إبريل/نيسان 2014.
وأكد الوزير الفلسطيني أن خطاب كيري يأتي في الخمس دقائق الأخيرة وبعد مرور أربع سنوات على وجوده وزيرا للخارجية الأميركية، وإن كان الآن وزيرا للخارجية، لكن لن يكون هناك أية وفرة زمنية أو قدرة سياسية على إنفاذه والعمل عليه، وهو في الوقت الضائع، حيث يقول إن خطابه استنتاج لتجربة طويلة على مدار 26 عاما، منذ أول زيارة له لإسرائيل في التسعينيات وما تبعها من زيارات.
ويرى الوزير المالكي أن خطاب كيري ينقسم إلى قسمين؛ الأول ما له تفسير أو تبرير يعني طبيعة التصويت الأسبوع الماضي، ورؤيته كيف أن الاستيطان فعلا دمر كل إمكانية لحل الدولتين، وهو ما أجبر الإدارة الأميركية على الذهاب باتجاه الامتناع عن التصويت حول إدانة الاستيطان. أما القسم الثاني، وفق المالكي، فقد جمع كيري فيه كافة الأفكار التي كان يتحدث عنها، خلال الفترة الماضية، وهو بالتالي لم يأت بجديد، ما بين تبرير الامتناع عن التصويت، وإعادة إبراز الأفكار بإطار آخر، ولكن هي أفكار ليست بجديدة.
ولفت إلى أن القيادة الفلسطينية سوف تأخذ الوقت لقراءة هذه الرؤيا لكيري، وترد على ما جاء في خطابه.
وحول ما تطرق له كيري بالنسبة لملف اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، قال المالكي: "لقد تحدث كيري عن حلول دون أن يحدد ماهية هذه الحلول، والاستقرار في دول أخرى، وبغض النظر عن كونه أشار إلى مبادرة السلام العربية فلا يوجد مشكلة، لكن المشكلة تكمن أنه كان يرى في مبادرة السلام العربية، تفسيرا لطرحه للأمن الإقليمي".
وأوضح المالكي: "لقد تحدث كيري عن الأمن الإقليمي، ورؤيته حول كيف يمكن إقامة نوع من التنسيق بين الدول العربية وإسرائيل ضمن مفهوم الأمن الإقليمي"، وتابع: "قراءتنا لمبادرة السلام العربية لا تتحدث عن ذلك، ولا تتحدث عن الأمن الإقليمي، بل تتحدث أنه يجب على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والأراضي العربية، حتى تعترف الدول العربية بها، فهناك شروط والتزامات، ولا تتحدث عن تعاون إقليمي، إلا إذا كان كيري يريد أن يقرأ مبادرة السلام العربية ضمن هذا المفهوم من أجل أن يروج إلى شيء آخر، وبالتالي نحن نختلف معه حول قراءة المبادرة العربية".
وحول توفير الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية التي تحدث عنها كيري، ويعطيها أفضيلة وأولوية على كل شيء، قال المالكي: "هذه القضية تمت مناقشتها في فترات سابقة وجرى الحديث عنها بإسهاب، وتوجد خيارات لترتيبات أمنية بما فيها وجود قوات دولية على الأرض الفلسطينية، لفترة زمنية غير محدودة من أجل إعطاء الضمانات لإسرائيل أمنيا، وتوفير الأمن للفلسطينيين". ولفت إلى أن الفلسطينيين معرضون للخطر والتهديد الأمني، من أجل دولة تستخدم الأمن كأداة لفرض سيطرتها وفرض رغبتها وآرائها، ما يعني أن الفلسطينيين هم الأولى بأن يتم تقديم الضمانات الأمنية لهم وليس لإسرائيل".
وقال الوزير الفلسطيني: "إعطاء الأولوية للأمن الإسرائيلي والترتيبات الأمنية الإسرائيلية، سوف يكون على حساب الإنسان والأرض الفلسطينية".