تسارعت خطوات التطبيع الدبلوماسيّ بين طهران ولندن في الأيام الماضية، بعد تكثيف الاتصالات بين الطرفين على خلفية ملفَّي النووي الإيراني، ومساعي احتواء الأزمة العراقية الحالية. وقد جاء قرار بريطانيا، بإعادة افتتاح سفارتها في طهران، في هذا السياق بالتحديد، وإن كان التبادل الدبلوماسيّ لن يصل إلى مستوى السفراء فوراً.
وكشفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية، فرح دخل الله، أن بعض الدبلوماسيين البريطانيين سيصلون بالفعل إلى طهران في الأيام المقبلة "للقيام بالعمل الفني في مبنى السفارة البريطانية قبل إعادة الافتتاح"، وذلك بعدما رأى وزير الخارجية، وليم هيغ، أن الظروف "باتت مناسبة لإعادة فتح سفارتنا في طهران"، على حدّ تعبيرها. وقالت دخل الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد تسوية بعض المسائل العملية العالقة، نعتزم إعادة فتح السفارة وإرسال طاقم صغير من الموظفين، ونتوقع أن تتخذ الحكومة الإيرانية خطوات مماثلة لإعادة فتح سفارتها في لندن". وفي هذا السياق، لا يفوت دخل الله التذكير بأن القسم القنصلي الإيراني يقوم في لندن حالياً بتقديم خدمات قنصلية محدودة للمواطنين الإيرانيين في المملكة المتحدة.
وعن ملابسات القرار البريطاني القاضي بإعادة فتح السفارة المغلقة في طهران منذ أواخر العام 2011، تشير دخل الله إلى رؤية بلادها إزاء الجمهورية الاسلامية، التي تعتبرها لندن "بلداً مهماً في منطقة غير مستقرة، والاحتفاظ بسفارات حول العالم، حتى في الظروف الصعبة، ركيزة أساسية في النهج الدبلوماسي البريطاني في العالم".
وعن هذا الموضوع، تشرح أن قلق لندن كان ينحصر بمسألتين أساسيتين، هما ضمان سلامة وأمن موظفينا، والثقة بقدرتهم على أداء مهامهم من دون عراقيل. وتوضح المسؤولة في الوزارة، أن رئيس الدبلوماسية الإيرانية، محمد جواد ظريف، تعهد بأن تلتزم بلاده "بتعهداتها الدولية بحماية موظفينا"، في انتظار حلّ قضية التعويضات عن الضرر الذي لحق بمقر السفارة البريطانية في طهران، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.
وتعترف الدبلوماسية البريطانية أن لندن "واصلت في الأشهر الأربعة الأخيرة توسيع علاقاتنا الثنائية مع ايران، وقام مسؤولون بريطانيون وإيرانيون بزيارات منتظمة لكلا البلدين، وهذا سمح لنا بتحقيق سلسلة من التحسينات العملية في عمل سفارتينا"، على حد تعبير دخل الله.
ورداً على سؤال حول احتمال أن يكون التطبيع الدبلوماسي بين البلدين، فاتحةً لتنسيق أوسع حول شؤون المنطقة والعالم، تستدرك دخل الله بأن هذه الخطوة "لا تعني على الإطلاق أننا نتفق مع الإيرانيين على سلسلة من القضايا الشائكة بما فيها سورية"، لافتة إلى أن "أمامنا طريق طويل لبناء الثقة مع إيران بما أن هناك العديد من المجالات التي نختلف فيها بشدة، لا سيما نهج إيران في حقوق الإنسان، وسلوكها المقوِّض للاستقرار في الشرق الأوسط".
وتنفي دخل الله أن يكون القرار المتعلق بإعادة العمل في السفارتين، مرتبطاً بالمفاوضات الجارية حول المسألة النووية، "مثلما أن إغلاق السفارة البريطانية في طهران كان منفصلاً عن هذا الملف أيضاً". وعن هذه المحادثات النووية التي تشارك فيها بريطانيا ضمن مجموعة الخمسة زائد واحد، تعرب عن تفاؤلها بأنها "تحقق تقدماً، ولكنها عملية صعبة، ونحن ملتزمون بالتوصل إلى اتفاقية عبر التفاوض بشأن المسألة النووية لكننا لن نقبل بصفقة سيئة".