تعرض المذيع المصري عمرو الليثي لهجوم حاد من قبل إعلاميين وفنانين وكتاب، لديهم صلة بالسلطة والحكومة المصريتين، بعد استضافته، في برنامجه "واحد من الناس"، الذي يذاع على قناة "الحياة" المصرية، "سائق توكتوك" ينتقد الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مصر، مشيراً إلى سوء الأحوال المعيشية اليومية للمواطنين، وعدم توفر السلع، ومقدماً انتقادات عنيفة للحكومة.
الفيديو ـ الذي انتشر على المواقع الاجتماعية، وحقق ملايين المشاهدات خلال أيام قليلة ـ كان الحدث الأبرز في مصر، وتراوحت الآراء بين مؤيدة ومعارضة، قبل أن يفاجأ الجميع بإيقاف برنامج الليثي، من دون وضوح الرؤية عما إذا كان سيعود أم لا، لتبدو القصة "سينمائية جداً"، عن المذيع الذي ينقل صوت الناس، فيتعرض لبطش السلطة.
في الأفلام المصرية، خلال العقدين الأخيرين تحديداً، كان هناك تناول دائم لشخصية المذيع أو المذيعة التلفزيونيين، التي تكون، غالباً، نسخة من عمرو الليثي، حيث يقرر الشخص الوقوف ضد الحكومة، ويحارب من أجل ذلك.
في هذه المقالة، تقديم لخمسة من تلك النماذج:
(1) مصطفى قمر وهاني سلامة في "أصحاب ولا بيزنس" (2001):
الفيلم، الذي تمّ إنجازه في ذروة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، تناول قصة المذيعين كريم نور وطارق السيوفي اللذين يقدمان برامج ترفيهية في إحدى القنوات الخاصة، قبل أن يتعرّض كريم لتجربة السفر إلى فلسطين، وعيش الانتفاضة، ومشاهدة "جهاد الفلسطيني" (عمرو واكد في أول أدواره السينمائية) وهو يقوم بعملية انتحارية، ليعود إلى مصر مقرراً عرض الشريط على ملايين المُشاهدين. لكنه يفاجأ برفض مدير القناة، فتقرر شخصيات الفيلم أن تتّحد فيما بينها من أجل عرض شريط العملية في النهاية، حتى لو عرضهم ذلك لخسارة عملهم. يستفيد الفيلم، كثيراً، من شعبية القضية الفلسطينية في ذلك الوقت، وشخصية المذيع فيه تبدأ من نقطة "إلهاء الناس"، قبل أن تنتهي في موقف أخلاقي حادّ مع القضية الكبرى.
(2) محمد هنيدي وحنان ترك في "جاءنا البيان التالي" (2002)
الفيلم كوميدي، مقتبس عن نظيره الأميركي I Love Trouble، من بطولة جوليا روبرتس ونك نولتي. في العمل المصري، يؤدي هنيدي (في آخر أفلامه التي احتلت قمة الإيرادات في السينما المصرية) شخصية نادر سيف الدين، الذي يحلم، منذ طفولته، أن يكون مذيعاً للأخبار، لكنه يفاجأ باختياره كمراسل مع عفت الشربيني (حنان ترك). بعد فترة من تحقيق طلبات صاحب القناة، وتقديم صورة غير حقيقية للواقع، يبدأ الثنائي في تتبع قضية ألبانٍ فاسدة، ومحاولة كشف أحد رجال الأعمال الكبار، قبل أن ينتهي الفيلم بانتصارهما، وعرضهما الحقيقة على الهواء مباشرة. مرة أخرى، وفي السياق الكوميدي للفيلم، هناك نقد مُبطّن لتزييف الإعلام، والقرار الفردي لاثنين من أفراده أن يحاربا حتى النهاية.
(3) خالد أبو النجا في "واحد صفر" (2009)
النموذج الذي يطرحه فيلم "واحد صفر"، للمخرجة كاملة أبو ذكرى والكاتبة مريم نعوم، مختلف قليلاً. فشريف (خالد أبو النجا) مذيع عدمي إلى حد بعيد، لا يهتم بأي قضايا كبرى، ويقدم برنامجاً ترفيهياً. لكنه، في المقابل، غير قادر على التعامل مع الزيف الموجود حوله. لذلك، أثناء استضافته مغنية ذات صوت رديء، وتعتمد على جسدها من أجل النجاح، يغلبه الضحك على الهواء، قبل أن يهاجمها بشدة. في بقية الفيلم، يظهر دائماً بصورة الشخص الغاضب من المكان الذي هو فيه، والذي يستخدم المخدرات من أجل محاولة نسيان كلّ هذا.
(4) منى زكي في "احكي يا شهرزاد" (2009)
قد يكون هذا الفيلم النموذج الأهم والأقرب إلى الإعلام المصري في السنوات الأخيرة: لقاء الكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج يسري نصر الله، في فيلم عن مذيعة تلفزيونية (منى زكي) مهتمة بقضايا المرأة في برنامجها، وكلما استضافت إحداهنّ للحديث عن مشكلتها، كشف ذلك جزءاً من المجتمع، ومن الفساد في التعامل مع المرأة، ما يؤدي إلى ضغوط عليها، سواء من قبل القناة التلفزيونية، أو من قبل زوجها المرتبط بمصالح مع الحكومة، قبل أن تصل إلى القمة، حين تستضيف فتاة تحكي عن علاقتها وزواجها بأحد الوزراء في الحكومة، لتصطدم المذيعة هبة يونس بزوجها، الذي يضربها بعنفٍ، فتظهر على الشاشة في الحلقة اللاحقة بوجهٍ مدمّى، وتتحول هي نفسها إلى حكاية من حكايات "شهرزاد". النموذج، من جديد، هو شخص إيجابي، وضد السلطة، ويحاول إيصال الحقيقة رغم الضغوطات.
اقــرأ أيضاً
(5) ماجد الكدواني في "أسماء" (2011)
فيلم المخرج عمرو سلامة يحكي عن امرأة مُصابة بمرض "الإيدز"، تحاول إيجاد فرصة للعلاج، فتظهر على الشاشة مع المذيع التلفزيوني محسن السيسي (ماجد الكدواني) في برنامجه "على صفيحٍ ساخن". المذيع، هنا، يبحث عن مجرد حلقة ساخنة يتحدث عنها الناس، وهو صورة من كل برامج الـ "توك شو" التي ظهرت بكثافة في تلك الفترة. لا يهتم بالحالة الإنسانية نفسها، والنقاش عما إذا كانت الشخصية ستظهر بوجهها أم لا هو مجرد وسيلة لزيادة نسب المشاهدة، قبل أن يتبدل شعوره مع تطور مراحل الفيلم، حيث يتعاطف مع أسماء (هند صبري)، ويرى فيها نموذجاً قوياً. يصنع الحلقة، ويقرر في النهاية التبرع بماله الشخصي ـ من دون أن يعلن عن اسمه ـ من أجل أن تنال فرصة العلاج. وعلى عكس "احكي يا شهرزاد"، فإن المذيع هنا يبدأ من نقطة فاسدة وغير مهتمة، لكنه ينتهي بتعاطف كبير مع الشخصية، ودور إيجابي في المجتمع.
اقــرأ أيضاً
في الأفلام المصرية، خلال العقدين الأخيرين تحديداً، كان هناك تناول دائم لشخصية المذيع أو المذيعة التلفزيونيين، التي تكون، غالباً، نسخة من عمرو الليثي، حيث يقرر الشخص الوقوف ضد الحكومة، ويحارب من أجل ذلك.
في هذه المقالة، تقديم لخمسة من تلك النماذج:
(1) مصطفى قمر وهاني سلامة في "أصحاب ولا بيزنس" (2001):
الفيلم، الذي تمّ إنجازه في ذروة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، تناول قصة المذيعين كريم نور وطارق السيوفي اللذين يقدمان برامج ترفيهية في إحدى القنوات الخاصة، قبل أن يتعرّض كريم لتجربة السفر إلى فلسطين، وعيش الانتفاضة، ومشاهدة "جهاد الفلسطيني" (عمرو واكد في أول أدواره السينمائية) وهو يقوم بعملية انتحارية، ليعود إلى مصر مقرراً عرض الشريط على ملايين المُشاهدين. لكنه يفاجأ برفض مدير القناة، فتقرر شخصيات الفيلم أن تتّحد فيما بينها من أجل عرض شريط العملية في النهاية، حتى لو عرضهم ذلك لخسارة عملهم. يستفيد الفيلم، كثيراً، من شعبية القضية الفلسطينية في ذلك الوقت، وشخصية المذيع فيه تبدأ من نقطة "إلهاء الناس"، قبل أن تنتهي في موقف أخلاقي حادّ مع القضية الكبرى.
(2) محمد هنيدي وحنان ترك في "جاءنا البيان التالي" (2002)
الفيلم كوميدي، مقتبس عن نظيره الأميركي I Love Trouble، من بطولة جوليا روبرتس ونك نولتي. في العمل المصري، يؤدي هنيدي (في آخر أفلامه التي احتلت قمة الإيرادات في السينما المصرية) شخصية نادر سيف الدين، الذي يحلم، منذ طفولته، أن يكون مذيعاً للأخبار، لكنه يفاجأ باختياره كمراسل مع عفت الشربيني (حنان ترك). بعد فترة من تحقيق طلبات صاحب القناة، وتقديم صورة غير حقيقية للواقع، يبدأ الثنائي في تتبع قضية ألبانٍ فاسدة، ومحاولة كشف أحد رجال الأعمال الكبار، قبل أن ينتهي الفيلم بانتصارهما، وعرضهما الحقيقة على الهواء مباشرة. مرة أخرى، وفي السياق الكوميدي للفيلم، هناك نقد مُبطّن لتزييف الإعلام، والقرار الفردي لاثنين من أفراده أن يحاربا حتى النهاية.
(3) خالد أبو النجا في "واحد صفر" (2009)
النموذج الذي يطرحه فيلم "واحد صفر"، للمخرجة كاملة أبو ذكرى والكاتبة مريم نعوم، مختلف قليلاً. فشريف (خالد أبو النجا) مذيع عدمي إلى حد بعيد، لا يهتم بأي قضايا كبرى، ويقدم برنامجاً ترفيهياً. لكنه، في المقابل، غير قادر على التعامل مع الزيف الموجود حوله. لذلك، أثناء استضافته مغنية ذات صوت رديء، وتعتمد على جسدها من أجل النجاح، يغلبه الضحك على الهواء، قبل أن يهاجمها بشدة. في بقية الفيلم، يظهر دائماً بصورة الشخص الغاضب من المكان الذي هو فيه، والذي يستخدم المخدرات من أجل محاولة نسيان كلّ هذا.
(4) منى زكي في "احكي يا شهرزاد" (2009)
قد يكون هذا الفيلم النموذج الأهم والأقرب إلى الإعلام المصري في السنوات الأخيرة: لقاء الكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج يسري نصر الله، في فيلم عن مذيعة تلفزيونية (منى زكي) مهتمة بقضايا المرأة في برنامجها، وكلما استضافت إحداهنّ للحديث عن مشكلتها، كشف ذلك جزءاً من المجتمع، ومن الفساد في التعامل مع المرأة، ما يؤدي إلى ضغوط عليها، سواء من قبل القناة التلفزيونية، أو من قبل زوجها المرتبط بمصالح مع الحكومة، قبل أن تصل إلى القمة، حين تستضيف فتاة تحكي عن علاقتها وزواجها بأحد الوزراء في الحكومة، لتصطدم المذيعة هبة يونس بزوجها، الذي يضربها بعنفٍ، فتظهر على الشاشة في الحلقة اللاحقة بوجهٍ مدمّى، وتتحول هي نفسها إلى حكاية من حكايات "شهرزاد". النموذج، من جديد، هو شخص إيجابي، وضد السلطة، ويحاول إيصال الحقيقة رغم الضغوطات.
(5) ماجد الكدواني في "أسماء" (2011)
فيلم المخرج عمرو سلامة يحكي عن امرأة مُصابة بمرض "الإيدز"، تحاول إيجاد فرصة للعلاج، فتظهر على الشاشة مع المذيع التلفزيوني محسن السيسي (ماجد الكدواني) في برنامجه "على صفيحٍ ساخن". المذيع، هنا، يبحث عن مجرد حلقة ساخنة يتحدث عنها الناس، وهو صورة من كل برامج الـ "توك شو" التي ظهرت بكثافة في تلك الفترة. لا يهتم بالحالة الإنسانية نفسها، والنقاش عما إذا كانت الشخصية ستظهر بوجهها أم لا هو مجرد وسيلة لزيادة نسب المشاهدة، قبل أن يتبدل شعوره مع تطور مراحل الفيلم، حيث يتعاطف مع أسماء (هند صبري)، ويرى فيها نموذجاً قوياً. يصنع الحلقة، ويقرر في النهاية التبرع بماله الشخصي ـ من دون أن يعلن عن اسمه ـ من أجل أن تنال فرصة العلاج. وعلى عكس "احكي يا شهرزاد"، فإن المذيع هنا يبدأ من نقطة فاسدة وغير مهتمة، لكنه ينتهي بتعاطف كبير مع الشخصية، ودور إيجابي في المجتمع.