03 نوفمبر 2024
المرأة السعودية وخطوة رمزية واعدة
أهنئ المرأة السعودية التي، بعد انتظار طويل جداً جداً، أصبح من حقها أن تشارك في الانتخابات البلدية، تصويتاً وترشحاً. تنافست أكثر من 900 امرأة، إلى جانب حوالي ستة آلاف رجل، على 284 مجلساً بلدياً موزعاً على كامل تراب المملكة. رفعت الموانع الوهمية، وتم الاعتراف بأن المرأة السعودية تتمتع بالنضج والوعي والمسؤولية، لكي تمارس حقها في الانخراط في الشأن العام، وتثبت جدارتها في المساعدة على النهوض بحيها ومحيطها، في انتظار أن يسمح لها بإدارة مؤسسات أكبر وأكثر دقة.
صوّتت السعوديات وترشحن السبت الماضي، ولن تحصل فتنة أو فوضى، وهو ما يدل على أن الذين لا يزالون يخيفون الناس من أن المشاركة السياسية للمرأة من شأنها أن تشكل خطراً على قيم المجتمع واستقراره ووحدته الداخلية. هذه أفكار سخيفة يستعملها المحافظون الرجال من أجل الانفراد بقيادة المجتمع وتوجيهه، حتى لا تتعرض سلطتهم الذكورية لأي تهديد أو تغيير. اليوم، سقط آخر معقل في العالم الإسلامي كان يتحصن به من يعتقدون أنهم يحمون المسلمات، عندما يحرمنهن من حقهن في المساواة الاجتماعية والسياسية.
الغريب أن هذه النظرة الدونية للمرأة تراجعت وتهاوت تدريجياً، في كل أصقاع العالم الإسلامي، لكنها استطاعت أن تصمد بشكل عجيب. أين؟ في الأرض نفسها التي بعث فيها الرسول محمد (ص) لكي يحرر النساء، ويجعلهن شركاء في الأسرة وإدارة المجتمع وفي تسيير الشأن العام، بما في ذلك شؤون الحرب والسلم، وفي المحافظة على القيم التحرّرية للإسلام. وبدل أن تكون هذه الأرض سباقةً في تجسيد هذه المقاصد، حصل أن بقيت آخر مربع تمكنت فيه النساء من التمتع بحقهن في الانتخاب. إنها مفارقة عجيبة، تعكس وضعاً مقلوباً في أمة هي في أشد الحاجة لإعادة ترتيب أولوياتها، وتجديد خطابها الديني، وفك ارتباطها بجزء من هذا التراث القديم الذي قام، قروناً، على تراتبية اجتماعية، متناقضة مع النصوص والقيم التي جاء بها الإسلام، وجسدها الرسول في حياته وسيرته.
من المسؤول عن هذا الوقت الضائع الذي استمر قروناً، والذي جعل من قيادة المرأة السيارة قضية أمن دولة؟ هل هي قيم القبيلة التي عادة ما تميل إلى المحافظة، وتخشى من المرأة على شرف الرجل والقبيلة؟ أم المدرسة الدينية التي تتمتع بسلطةٍ مرجعيةٍ قويةٍ، والتي لو عهد إليها تحديد موقف من هذا الإجراء الذي اتخذه الملك سلمان، لرفضته بشكل قاطع؟ أم لعل الإشكال في المجتمع السعودي الذي يتهمه بعض أبنائه بأنه لم ينضج بعد، لكي يهضم دخول المرأة السعودية العمل السياسي؟ أم أن المسألة بقيت رهينة الاجتهاد الشخصي للملوك الذين تعاقبوا على قيادة المملكة، حيث تفاوتت مواقفهم من حقوق النساء وأدوارهن؟
مهما كانت الأسباب والمسببات التي أجلت تطبيق أحد أحكام الإسلام حتى يوم السبت الماضي، فالثابت، اليوم، أن الصحابيات اللواتي حرّرهن الرسول الكريم استبشرن، اليوم، بما حصلت عليه أحفادهن في مكة والمدينة والطائف، بعد خمسة عشر قرناً، وأن هذا الإنجاز حصل بفضل سعودياتٍ ناضلن على أكثر من جبهة، حتى تم الاقتناع بضرورة اقتحامهن المجال السياسي. خطوة رمزية، لكن لها نتائج كبرى على العقليات والممارسات والتشريعات في المرحلة المقبلة، فكل المجتمعات، إسلامية أم غير إسلامية، حدثت فيها تغييرات عميقة، بعد أن تغير دور النساء، فكلما اتسعت دائرة حقوق المرأة ازدادت درجات التغيير في النخب، وفي المجتمع. علاقة جدلية بين مسيرة المرأة نحو التحرّر وتحقيق درجات أعلى من المواطنة من جهة، وبين تراجع السلطة التقليدية وإعادة تغيير الأدوار في الاقتصاد والمجتمع والدولة من جهة أخرى. .. سيكون المجتمع السعودي، بعد عشر سنوات، مختلفاً عما هو عليه الآن.
صوّتت السعوديات وترشحن السبت الماضي، ولن تحصل فتنة أو فوضى، وهو ما يدل على أن الذين لا يزالون يخيفون الناس من أن المشاركة السياسية للمرأة من شأنها أن تشكل خطراً على قيم المجتمع واستقراره ووحدته الداخلية. هذه أفكار سخيفة يستعملها المحافظون الرجال من أجل الانفراد بقيادة المجتمع وتوجيهه، حتى لا تتعرض سلطتهم الذكورية لأي تهديد أو تغيير. اليوم، سقط آخر معقل في العالم الإسلامي كان يتحصن به من يعتقدون أنهم يحمون المسلمات، عندما يحرمنهن من حقهن في المساواة الاجتماعية والسياسية.
الغريب أن هذه النظرة الدونية للمرأة تراجعت وتهاوت تدريجياً، في كل أصقاع العالم الإسلامي، لكنها استطاعت أن تصمد بشكل عجيب. أين؟ في الأرض نفسها التي بعث فيها الرسول محمد (ص) لكي يحرر النساء، ويجعلهن شركاء في الأسرة وإدارة المجتمع وفي تسيير الشأن العام، بما في ذلك شؤون الحرب والسلم، وفي المحافظة على القيم التحرّرية للإسلام. وبدل أن تكون هذه الأرض سباقةً في تجسيد هذه المقاصد، حصل أن بقيت آخر مربع تمكنت فيه النساء من التمتع بحقهن في الانتخاب. إنها مفارقة عجيبة، تعكس وضعاً مقلوباً في أمة هي في أشد الحاجة لإعادة ترتيب أولوياتها، وتجديد خطابها الديني، وفك ارتباطها بجزء من هذا التراث القديم الذي قام، قروناً، على تراتبية اجتماعية، متناقضة مع النصوص والقيم التي جاء بها الإسلام، وجسدها الرسول في حياته وسيرته.
من المسؤول عن هذا الوقت الضائع الذي استمر قروناً، والذي جعل من قيادة المرأة السيارة قضية أمن دولة؟ هل هي قيم القبيلة التي عادة ما تميل إلى المحافظة، وتخشى من المرأة على شرف الرجل والقبيلة؟ أم المدرسة الدينية التي تتمتع بسلطةٍ مرجعيةٍ قويةٍ، والتي لو عهد إليها تحديد موقف من هذا الإجراء الذي اتخذه الملك سلمان، لرفضته بشكل قاطع؟ أم لعل الإشكال في المجتمع السعودي الذي يتهمه بعض أبنائه بأنه لم ينضج بعد، لكي يهضم دخول المرأة السعودية العمل السياسي؟ أم أن المسألة بقيت رهينة الاجتهاد الشخصي للملوك الذين تعاقبوا على قيادة المملكة، حيث تفاوتت مواقفهم من حقوق النساء وأدوارهن؟
مهما كانت الأسباب والمسببات التي أجلت تطبيق أحد أحكام الإسلام حتى يوم السبت الماضي، فالثابت، اليوم، أن الصحابيات اللواتي حرّرهن الرسول الكريم استبشرن، اليوم، بما حصلت عليه أحفادهن في مكة والمدينة والطائف، بعد خمسة عشر قرناً، وأن هذا الإنجاز حصل بفضل سعودياتٍ ناضلن على أكثر من جبهة، حتى تم الاقتناع بضرورة اقتحامهن المجال السياسي. خطوة رمزية، لكن لها نتائج كبرى على العقليات والممارسات والتشريعات في المرحلة المقبلة، فكل المجتمعات، إسلامية أم غير إسلامية، حدثت فيها تغييرات عميقة، بعد أن تغير دور النساء، فكلما اتسعت دائرة حقوق المرأة ازدادت درجات التغيير في النخب، وفي المجتمع. علاقة جدلية بين مسيرة المرأة نحو التحرّر وتحقيق درجات أعلى من المواطنة من جهة، وبين تراجع السلطة التقليدية وإعادة تغيير الأدوار في الاقتصاد والمجتمع والدولة من جهة أخرى. .. سيكون المجتمع السعودي، بعد عشر سنوات، مختلفاً عما هو عليه الآن.