يؤكد رئيس "اتحاد كتاب المغرب"، عبد الرحيم العلام، على خلاصة أساسية خلال الفترة الممتدة بين حكومتي عبد الرحمن اليوسفي، وعبد الإله بنكيران، تتمثل في أن "لا شيء تغير على الصعيد الثقافي المغربي".
يقول العلام، لـ"العربي الجديد"، شارحاً وجهة نظره، إنه "من المفروض، بالنظر للفترة الزمنية الفاصلة بين حكومتي اليوسفي وبنكيران، أن مياهاً كثيرة قد جرت بالنظر لمجموع التحولات التي عرفها المغرب والعالم من حولنا على مدى حقبة زمنية مهمة، لكن بالنسبة لنا يمكن أن نقول إن لا شيء تغير ثقافياً على الأقل منذ حكومة اليوسفي حتى اليوم".
ويلفت إلى أنه "يمكن الحديث هنا عن تراجعات كثيرة وعن مكاسب كانت قد تحققت إبان حكومة اليوسفي"، موضحاً أن هذا "يحدث على الرغم من بعض الإصلاحات "موقوفة التنفيذ" التي عرفتها البلاد على المستوى الثقافي، من قبيل وضع دستور جديد للمملكة، تحتل فيه الثقافة حيزاً لا بأس به".
ويوضح أنه على "الرغم من النداءات المتكررة بضرورة النهوض بالشأن الثقافي في المغرب، أضاعت البلاد الكثير من الوقت والجهد، إذ كان من المفروض على سبيل المثال أن تتحقق أمور كثيرة في عهد حكومة اليوسفي، بالنظر للسياق التاريخي والسياسي والإيديولوجي الذي ظهرت فيه هذه الحكومة".
ويؤكد أنه "لا يمكن نكران أن ثمة العديد من المشاريع التي تحققت على مستويات أخرى، سياسية واقتصادية واجتماعية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية، وحتى ثقافية، على اعتبار أن وزارة الثقافة، في عهد حكومة اليوسفي، قد عرفت انتعاشة غير مسبوقة، منذ الفترة التي تولى فيها محمد بن عيسى وزارة الثقافة، في ثمانينيات القرن الماضي".
ويشير العلام إلى أن الثقافة كشأن حكومي قد بقيت حتى اليوم شأناً زائداً ومغيباً، وتحتل موقعاً متدنياً في سلم الأولويات لدى حكومات المغرب المتعاقبة.
ويوضح أنه "اليوم يُسجل تراجع كبير في مجال الثقافة. وخير دليل على ذلك أن حكومة بنكيران لم تتمكن بعد من تطبيق أحد فصول الدستور الجديد المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية على الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على صدور الدستور الجديد".
ويرى أنه "بما أن المسألة الثقافية هي من بين أولويات انشغالاتنا واهتماماتنا، فإننا في (اتحاد كتاب المغرب)، لا نخفي أننا كنا قد استبشرنا خيراً، عن تأنّ أو عن عجل، بجميع الإشارات الجديدة الرامية إلى الاهتمام بالثقافة والفنون. وهو ما تجسد في الإشارات الدالة التي وردت في خطب الملك محمد السادس، أو تلك المتضمنة في بعض فصول الدستور الجديد، أو في البرامج السياسية لبعض الأحزاب الوطنية الديمقراطية، والتي كنا نتمنى أن تليها خطوات عملية وجريئة للنهوض بثقافتنا الوطنية، بمكوناتها وتجلياتها المختلفة، أخذاً بعين الاعتبار، لطبيعة الغنى والتنوع اللذين يميزان ثقافتنا الوطنية".
ويضيف العلام "كنا ولا نزال ننتظر من حكومة بنكيران أن تسرّع تطبيق فصول الدستور الجديد، وخصوصاً تلك التي لها ارتباط بالثقافة والفنون والتراث والشباب والمرأة، وأن تعيد الاعتبار للثقافة والفن وأن تحصنهما من كل أشكال الابتذال، وأن تطورهما بما يتماشى ونداءات المثقفين والفنانين التي تجاوزت الحدود".
ويعتبر أنه "يجب على الحكومة أن تعيد للمثقف وللفنان اعتباره، وتعترف بهما وبدورهما المؤثر في المجتمع، وأن تهتم بوضعهما الاقتصادي والاجتماعي والإبداعي، وأن تعيد التفكير في طبيعة تصورها التقليدي للشأن الثقافي في بلادنا".
ويختم العلام أنه "لا نزال ننتظر من الحكومة الحالية أن تحقق ما فشلت فيه الحكومات السابقة، من حيث إيلاء مزيد من الاهتمام للمجتمع المدني، وأن تدعم مشاريعه الثقافية والفنية الجادة والطموحة، اعتباراً للدور الأساسي الكبير الذي لعبه، ولا يزال يلعبه المجتمع المدني في بعض مكوناته الأساسية، في تحريك عجلة الثقافة والفن في بلادنا أمام انشغال الدولة بما تراه، ربما، ذا أولوية أكثر، وأيضاً أمام توجسها المتواصل من الثقافة ومن ممارسيها".