تطرح السعودية وضع اسم حزب الله على لائحة الإرهاب الدولي، وتؤكد إيران على لسان المرشد الأعلى فيها، علي خامنئي، أنها "لن ترضخ للغرب في المسألة النووية". يبدو كل شيء متفجّراً، لكن مساعي رئيس المجلس النيابي اللبناني، نبيه بري، ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي، النائب وليد جنبلاط، مستمرة لجمع حزب الله والمستقبل. تشير أوساط بري لـ "العربي الجديد" إلى أنّ أبرز ما تم التوصل إليه في إطار الحوار "إزالة عقبات الشروط المسبقة التي كان قد وضعها التيار". أي أنّ المستقبليين سحبوا من أمام الحوار المفترض شرطَي انحساب حزب الله من سورية والتوصل إلى اسم رئيس الجمهورية. وانتقل هذان الملفان إلى مقدمة جدول أعمال النقاش بين الطرفين، ما يعني بشكل أو بآخر تعطّله بعد ساعات من انطلاقه، باعتبار أنّ الحزب لن ينسحب من سورية ولن يتراجع عن تلزيم الملف الرئاسي لحليفه المسيحي النائب ميشال عون.
سيكون الحوار بين الحزب والتيار معطلاً إذاً، ولن يتجاوز حدود الدعاية الإعلامية التي من شأنها إظهار حرص الفريقين عن استقرار لبنان وإبعاده عن النار الإقليمية، لا أكثر، مع تأكيد أوساط متابعة لهذا الحوار المفترض أنّه "لم يتم تحديد أي مواعيد أو مكان للاجتماع بعد".
في المشهد السياسي، أضاف حزب الله منذ ذكرى عاشوراء الأخيرة (الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، لغة الحوار إلى منطقه وخطابه السياسي الداخلي. أعلن أمينه العام حسن نصر الله مدّ اليد للحوار مع المستقبل، وقال إنّ الحرب التي يخوضها حزبه في سورية ليست ضد السُنة بل بمواجهة التكفير. يبحث الحزب منذ أسابيع عن تخفيف الضغط عليه جراء الحربين السورية والعراقية، واشتعال الجبهة الشرقية اللبنانية (عند الحدود مع سورية) مع فصائل مختلفة من المعارضة السورية. فتولّدت هذه الإيجابية في موقف حزب الله وزالت لغة "قطع الأيدي". حتى أنه بالنسبة للحزب، الحوار مع المستقبل يغذي حربه مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة، فيعطيه الحوار غطاءً سنياً على المستوى المحلي، ونوعاً من التعايش مع الأنظمة السنية على المستوى الإقليمي.
في المقابل، سيكون المستقبل هو الخاسر داخلياً، باعتبار أنّه يحاور حزب الله الذي يقاتل في سورية، والمتّهم بإدارة الملفات الأمنية ضد المناطق السنية في لبنان (عرسال شرقاً وطرابلس وعكار شمالاً). يضاف إلى هذا التراجع على المستوى السياسي، يظهر ملف الحوار مع الحزب، حجم الانقسام داخل قيادة المستقبل والمحاور فيها. ينظر الرئيس الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري بإيجابية إلى هذا الحوار، ويؤدي الوزير نهاد المشنوق مهمّة رئيسية في هذا المجال باعتباره أحد أركان التواصل مع حزب الله من خلال علاقته الجيّدة بمسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب (بمثابة المسؤول الأمني)، وفيق صفا. وسبق أن نسّق المشنوق مع صفا في وضع ما يعرف بـ "الخطة الأمنية الشاملة"، فنجحت في المناطق السنية وفشلت في المناطق ذات الأغلبية الشيعية.
أما في الضفة الأخرى، يعتبر رئيس كتلة المستقبل، فؤاد السنيورة، أنّ "حواراً مماثلاً في ظرف مماثل ضرب من الجنون السياسي وتسليم البلد لحزب الله"، بحسب ما ينقل عنه أحد نواب الكتلة. وينضمّ إلى السنيورة عدد من "صقور" المستقبل الذين لا ينفك عدد منهم من تكرار أسماء شهداء فريق 14 مارس/آذار (بين 2005 و2013) لدى سؤالهم عن الحوار مع حزب الله.