وفي هذا الإطار، وصف حزب "طلائع الحريات" الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، الحكومة الجديدة، بأنها "ليست سوى مجرد ريح في الشباك أو ضربة بالهراوة في الريح من طرف نظام سياسي لم يعد يدري ماذا يفعل ولا يعي مآل تصرفه"، معتبراً أن "الثورة الشعبية المتصاعدة والمستمرة في المقاومة لتبين بحق الطابع غير المجدي وغير المفيد لهذا النظام".
ورأى حزب بن فليس حكومة بدوي الجديدة بأنها "فشلٌ آخر يضاف للقائمة الطويلة من نكسات نظام سياسي منتهٍ، ولا يرغب سوى في أن تخلفه الفوضى والدمار"، معتبراً أن "تشكيلة الحكومة، كما أعلن عنها، لا تعبر سوى عن مواصلة التصميم على الإثارة والتحدي، فهي لا تنم عن أيّ إرادة للتهدئة، وليست في مستوى خطورة الأزمة الحالية والمتطلبات السياسية والمؤسساتية والدستورية للانسداد السياسي الذي تواجهه الجزائر حالياً".
ويربط حزب "طلائع الحريات" رفضه للحكومة برئيسها نور الدين بدوي، وهو اعتبر أن السلطة القائمة "لم توفق في اختيار الشخصية التي وضعتها على رأس الحكومة، بلجوئها إلى وجهٍ من وجوه النظام السياسي القائم والفاقد لكل مصداقية والمرفوض شعبياً"، مضيفاً أن "رئيس الوزراء شقّ طريقه نحو وظيفته الجديدة، بواسطة القمع المعمم للحركات الاجتماعية، والتضييق على كل من يعارض أو ينقد النظام القائم، والإشراف على عمليات التزوير الانتخابي الممنهج، وكذلك بارتباط اسمه بالقوانين المتعلقة بالنظام الانتخابي وبالأحزاب وبمراقبة الانتخابات، وهي القوانين الأكثر جوراً والأكثر تضييقاً في تاريخ التعددية السياسية في بلدنا، وبالنظر إلى هذه الشخصية فقط، يصبح التغيير الموعود مجرد خدعة جديدة وحيلة أخرى".
واتهم بيان "طلائع الحريات" السلطة بـ"الاستمرار في استفزاز الشعب" عبر "ممارسات سلطوية تميزت باستفزاز المواطنين، بحيث أصبح يعرف عن هذه السلطة أن كل استفزاز منها يتبع باستفزاز آخر أكثر فداحة". وبرأي الحزب المعارض، فإن "الواضح أن تشكيل الحكومة الجديدة يتعلق أكثر بتصرف استفزازي مثير للغضب الشرعي، منه لإرادة التهدئة التي يقتضيها الظرف الراهن الصعب، وبهذا يكون النظام السياسي وحلفاؤه قد لوحوا بالاستمرار على استعمال ورقة التعفن إلى آخر ما يمكن تصوره من فعل مثير للتهكم والسخرية".
وفي السياق ذاته، تبرأت "جبهة القوى الاشتراكية" من الحكومة الجديدة، واعتبرتها مجرد محاولة من النظام "لإعادة تنظيم السلطة لصفوفها، واحتقاراً وتجاهلاً للمطالب المشروعة والملحة لجميع الشعب الجزائري، الذي يطمح ويكافح من أجل التغيير الجذري لهذا النظام". واتهم أقدم حزب معارض في الحزائر الحكومة بـ"العمل على اغتيال الحراك الشعبي"، داعياً في المقابل الشعب الجزائري إلى "الحفاظ على حشد التعبئة من أجل تحقيق مطالبه المشروعة".
من جهته، وصف حزب العمال اليساري حكومة تصريف الأعمال الجديدة بأنها "إنكار واضح لتطلعات غالبية الشعب في ممارسة سيادته الكاملة المصادرة منذ عام 1962 وإهانة لذكائه"، مضيفاً أن هذه الحكومة "مجرد محاولة يائسة لإعادة تزيين الواجهة، من خلال إعلان وهمي للحكومة في محاولة جديدة لإنقاذ النظام".
وشكك "العمال" الجزائري في نصّ البيان الرئاسي حول التشكيل الحكومي، معتبراً أنه "بيان منسوب لرئيس الجمهورية، يمثل إرادة في الالتفاف على إرادة الأغلبية الساحقة في ترحيل نظام منتهي الصلاحية"، ولافتاً إلى غموض المعايير التي اعتمدت "للتعيين المزيف للحكومة الجديدة".
وبرأي بيان الحزب الذي تقوده المرشحة الرئاسية السابقة لويزة حنون، فإن "النظام السياسي الحاكم أعطى دليلاً جديداً على أن حلّ الأزمة لا يمكن أن يكون منه، وبأنه يعمل على إنقاذ أزلامه من حالة الفوضى والارتباك". وثمّن الحزب اليساري "نجاح حراك الشعب الجزائري في إحباط جميع خطط المؤسسات المنهارة التي تقاتل ضد تطلعات الغالبية العظمى من الجزائر".
وعلّق رئيس جبهة "العدالة والتنمية" (إسلامي) الشيخ عبد الله جاب الله، على إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة، بأنه نوع من "التعنت الذي يديره نظام بوتفليقة"، مشبهاً النظام "برجل يريد أن يؤم الناس في الصلاة وهم له كارهون".
ويحتضن مقر "جبهة العدالة والتنمية" غداً الثلاثاء اجتماعا لقوى المعارضة السياسية والمدنية، لإعلان موقف موحد بشأن الحكومة الجديدة، ورفض التعامل معها، والمطالبة بحكومة وطنية جديدة لا يقودها نور الدين بدوي، وتقودها شخصية مستقلة.
من جهة أخرى، أعلنت الكتلة البرلمانية للمستقلين التي ينتمي اليها النائب فتحي خويل، المعين كوزير مكلف بالبرلمان، تبرؤها من مسألة تعيينه.
وحمّل بيان للكتلة الوزير الجديد تبعات قبوله الانضمام إلى تشكيلة بدوي. وذكر أنه "بعد تعيين حكومة تصريف الأعمال، نحن رئيس المجموعة البرلمانية للأحرار (المستقلين) لم يكن لدينا علم بحيثيات تعيين النائب فتحي خويل وزيراً بالحكومة. وعليه، فهذا التعيين لا يمت بتاتاً بالمجموعة البرلمانية للأحرار، ويتحمل المعني شخصياً تبعات قبول انضمامه إلى هذه الحكومة".