10 نوفمبر 2024
المعارضة السورية: يا وحدنا
على الرغم من بروز الخلافات بين جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وشريكها الاستراتيجي في المعارضة السورية المسلحة، حركة أحرار الشام، عبر البيانات المتبادلة بخصوص الموقف من عملية درع الفرات التي تقودها تركيا في الريف الشمالي لحلب والمناطق الحدودية، إلاّ أنّ ذلك ليس مؤذناً بنهاية هذا التحالف، أو بموافقة الفصائل الإسلامية المختلفة على الشروط الأميركية بالتخلي والانفصال عن جبهة فتح الشام.
بدأت الخلافات مع الرد الواضح الذي أصدرته جبهة فتح الشام على بيان "أحرار الشام" الذي يؤيد العملية، بينما رفض الطرف الأول ذلك بشدة، ثم بدأت حالة الاصطفاف واضحةً في وقوف الفصائل السورية الإسلامية الأخرى إلى جانب "أحرار الشام"، إذ أصدر المجلس الإسلامي في حلب بياناً يؤيد العملية، بينما أصدر أحد مرجعيات جبهة فتح الشام، الأردني أبو محمد المقدسي، تصريحات شديدة ضد العملية والمشاركين فيها.
المتغيّر الرئيس وراء الخلاف بين الطرفين ("فتح الشام" من جهة والأحرار والفصائل الأخرى من الجهة الثانية) يكمن في الموقف التركي، خصوصاً بعد فشل محاولة الانقلاب العسكرية، وإنْ كانت بوادر التغيّر بدت قبل ذلك، فالأتراك الذين دعموا المعارضة المسلحة في مواجهة الحصار، وساعدوهم على كسره في منطقة الراموسة، لم يأخدوا مدىً أبعد في معركة حلب، فتُركت المعارضة المسلحة وحيدةً لمواجهة الحملة العسكرية الجوية الروسية غير المسبوقة، والدعم العسكري الإيراني غير المحدود على الأرض.
واضح أن الرئيس التركي أردوغان استدار نحو مصالح بلاده القومية وأمنها الوطني، وقرّر الالتفات إلى الحدود والمسألة الكردية وإقامة المنطقة العازلة، بعد أن أدرك حجم التغير الكبير في المواقف الدولية والغربية تجاه سورية، مع هشاشة الموقف العربي، ومحدودية الخيارات التركية في السياسة الخارجية.
يبدو أن القرار الجديد، أي الاكتفاء بالمنطقة الآمنة، جاء في سياق التصالح والمهادنة مع الروس، والضوء الأخضر الأميركي، بعد أن تدهورت العلاقة بين الطرفين (الأميركي- التركي) بعد محاولة الانقلاب، مع إصرار الأتراك على تسليم فتح الله غولن لهم. ثم تراجع حدّة الخلافات بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي، جون بايدين، أنقرة، ولاحظنا بعدها كيف أن الأميركان قدّموا تنازلاتٍ في المسألة الكردية، فيما يبدو أن المطالب التركية في موضوع غولن تراجعت.
على أيّ حال، أضعف التحوّل في الموقف التركي الموقف الاستراتيجي للمعارضة المسلحة في حلب، وأعطى فرصةً كبيرةً للروس والإيرانيين لتشديد الحصار، وتعزيز الحملات الجوية والبرية، وهو ما انعكس على رهانات المعارضة تجاه الأتراك، والتغير في مقاربتهم تجاه سورية؛ فبينما رأت جبهة فتح الشام في عملية درع الفرات تمهيداً لتسليم حلب للنظام، وتخلياً تركياً عن دعم المعارضة، رأت "أحرار الشام" والفصائل الإسلامية الأخرى في المقاربة التركية، على الرغم من التحولات الأخيرة، مفيدةً في المناطق الشمالية، للحفاظ على هويتها، ومنع استيلاء الأكراد عليها.
لا يعني ذلك بداية النهاية لعلاقة "فتح الشام" بالفصائل الأخرى، وبالأحرار تحديداً، فهذه ليست المرة الأولى لخلافات بين الطرفين، إذ أمكن تجاوزها سابقاً، على الرغم كذلك من وجود أجنحةٍ في هذه التنظيمات، جبهة فتح الشام والمعارضة الأخرى، تدفع نحو فك الارتباط، ويتمثل السبب في بقاء التحالف قائماً، وديناميكياته فاعلةً، في أنّه لا بديل أمام الطرفين، ولا خيار سوى الانتحار.
لماذا؟ بالنسبة للفصائل الإسلامية و"أحرار الشام"، لا تتزاوج المطالب الروسية والأميركية بالتخلي عن جبهة فتح الشام مع أي وعودٍ أو آفاق عسكرية أو سياسية حقيقية، فالمطلوب فقط التخلي عن الجبهة، لكيلا تضرب هذه الفصائل، وهي وعودٌ غير مقنعة، في هذا المنعطف الحاد في مصير الثورة المسلحة، فجبهة فتح الشام أحد أهم الفصائل في حلب وإدلب والمناطق الأخرى، وسيُحدث التخلي عنها أو الاصطدام بها، تغييراً جذرياً في ميزان القوى لصالح النظام، ويقلب المعادلة كلياً.
وبالنسبة لجبهة فتح الشام التي تخلت عن الارتباط بالقاعدة، ودخلت في صدامٍ مع داعش، وعقدت تحالفاتٍ مع الفصائل الأخرى، سيجعلها الصدام مع الفصائل الأخرى معلقةً في الهواء، لا هي مع "داعش" ولا مع الفصائل المسلحة، ولا مقبولة دولياً ولا محلياً، وسيضعف تماسكها الداخلي أكثر وأكثر.
إذاً خيارات المقاومة السورية اليوم محدودة وواضحة، وهي البقاء متماسكةً موحدةً في اللحظة العصيبة الحالية من أحداث حلب، وبعدها لكل حادث حديث.
بدأت الخلافات مع الرد الواضح الذي أصدرته جبهة فتح الشام على بيان "أحرار الشام" الذي يؤيد العملية، بينما رفض الطرف الأول ذلك بشدة، ثم بدأت حالة الاصطفاف واضحةً في وقوف الفصائل السورية الإسلامية الأخرى إلى جانب "أحرار الشام"، إذ أصدر المجلس الإسلامي في حلب بياناً يؤيد العملية، بينما أصدر أحد مرجعيات جبهة فتح الشام، الأردني أبو محمد المقدسي، تصريحات شديدة ضد العملية والمشاركين فيها.
المتغيّر الرئيس وراء الخلاف بين الطرفين ("فتح الشام" من جهة والأحرار والفصائل الأخرى من الجهة الثانية) يكمن في الموقف التركي، خصوصاً بعد فشل محاولة الانقلاب العسكرية، وإنْ كانت بوادر التغيّر بدت قبل ذلك، فالأتراك الذين دعموا المعارضة المسلحة في مواجهة الحصار، وساعدوهم على كسره في منطقة الراموسة، لم يأخدوا مدىً أبعد في معركة حلب، فتُركت المعارضة المسلحة وحيدةً لمواجهة الحملة العسكرية الجوية الروسية غير المسبوقة، والدعم العسكري الإيراني غير المحدود على الأرض.
واضح أن الرئيس التركي أردوغان استدار نحو مصالح بلاده القومية وأمنها الوطني، وقرّر الالتفات إلى الحدود والمسألة الكردية وإقامة المنطقة العازلة، بعد أن أدرك حجم التغير الكبير في المواقف الدولية والغربية تجاه سورية، مع هشاشة الموقف العربي، ومحدودية الخيارات التركية في السياسة الخارجية.
يبدو أن القرار الجديد، أي الاكتفاء بالمنطقة الآمنة، جاء في سياق التصالح والمهادنة مع الروس، والضوء الأخضر الأميركي، بعد أن تدهورت العلاقة بين الطرفين (الأميركي- التركي) بعد محاولة الانقلاب، مع إصرار الأتراك على تسليم فتح الله غولن لهم. ثم تراجع حدّة الخلافات بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي، جون بايدين، أنقرة، ولاحظنا بعدها كيف أن الأميركان قدّموا تنازلاتٍ في المسألة الكردية، فيما يبدو أن المطالب التركية في موضوع غولن تراجعت.
على أيّ حال، أضعف التحوّل في الموقف التركي الموقف الاستراتيجي للمعارضة المسلحة في حلب، وأعطى فرصةً كبيرةً للروس والإيرانيين لتشديد الحصار، وتعزيز الحملات الجوية والبرية، وهو ما انعكس على رهانات المعارضة تجاه الأتراك، والتغير في مقاربتهم تجاه سورية؛ فبينما رأت جبهة فتح الشام في عملية درع الفرات تمهيداً لتسليم حلب للنظام، وتخلياً تركياً عن دعم المعارضة، رأت "أحرار الشام" والفصائل الإسلامية الأخرى في المقاربة التركية، على الرغم من التحولات الأخيرة، مفيدةً في المناطق الشمالية، للحفاظ على هويتها، ومنع استيلاء الأكراد عليها.
لا يعني ذلك بداية النهاية لعلاقة "فتح الشام" بالفصائل الأخرى، وبالأحرار تحديداً، فهذه ليست المرة الأولى لخلافات بين الطرفين، إذ أمكن تجاوزها سابقاً، على الرغم كذلك من وجود أجنحةٍ في هذه التنظيمات، جبهة فتح الشام والمعارضة الأخرى، تدفع نحو فك الارتباط، ويتمثل السبب في بقاء التحالف قائماً، وديناميكياته فاعلةً، في أنّه لا بديل أمام الطرفين، ولا خيار سوى الانتحار.
لماذا؟ بالنسبة للفصائل الإسلامية و"أحرار الشام"، لا تتزاوج المطالب الروسية والأميركية بالتخلي عن جبهة فتح الشام مع أي وعودٍ أو آفاق عسكرية أو سياسية حقيقية، فالمطلوب فقط التخلي عن الجبهة، لكيلا تضرب هذه الفصائل، وهي وعودٌ غير مقنعة، في هذا المنعطف الحاد في مصير الثورة المسلحة، فجبهة فتح الشام أحد أهم الفصائل في حلب وإدلب والمناطق الأخرى، وسيُحدث التخلي عنها أو الاصطدام بها، تغييراً جذرياً في ميزان القوى لصالح النظام، ويقلب المعادلة كلياً.
وبالنسبة لجبهة فتح الشام التي تخلت عن الارتباط بالقاعدة، ودخلت في صدامٍ مع داعش، وعقدت تحالفاتٍ مع الفصائل الأخرى، سيجعلها الصدام مع الفصائل الأخرى معلقةً في الهواء، لا هي مع "داعش" ولا مع الفصائل المسلحة، ولا مقبولة دولياً ولا محلياً، وسيضعف تماسكها الداخلي أكثر وأكثر.
إذاً خيارات المقاومة السورية اليوم محدودة وواضحة، وهي البقاء متماسكةً موحدةً في اللحظة العصيبة الحالية من أحداث حلب، وبعدها لكل حادث حديث.