طالبت أحزاب المعارضة البرلمانية في المغرب، في مذكرة وجهتها إلى وزارة الداخلية، بإحداث لجنة وطنية للانتخابات تتكلف بالتنسيق والتتبع ومواكبة الاستحقاقات المنتظر تنظيمها في 2021.
واقترحت أحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال والتقدم والاشتراكية، في المذكرة التي كشفت عنها، الثلاثاء، "إحداث اللجنة الوطنية للانتخابات بقانون كهيئة مكلفة بالتنسيق والتتبع ومواكبة الانتخابات، تكون ذات طابع مختلط، وتحدث لدى اللجنة الوطنية للانتخابات، ولنفس الغرض، لجان إقليمية على صعيد كل عمالة أو إقليم".
واعتبرت الأحزاب الثلاثة، التي أعلنت التنسيق في ما بينها خلال المشاورات السياسية التي أطلقها، أخيرا، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، تحضيرا للانتخابات القادمة، أن الاشتغال على ورش نزاهة الانتخابات وشفافيتها، هو أحد الأوراش الرئيسية التي ينبغي الانكباب عليها، من أجل تعزيز وحماية العملية الانتخابية وإحاطتها بكافة الضمانات القانونية، والإدارية، والقضائية، والسياسية.
ولتعزيز نزاهة الانتخابات، اقترحت الأحزاب الثلاثة، في مذكرة مشتركة اطلع "العربي الجديد" على نسخة منها، جعل حق تقديم الطعن في الانتخابات من اختصاص رئيس اللجنة الإقليمية للانتخابات، وتعزيز أدوار هيئات الملاحظة الانتخابية وأدوار المجتمع المدني.
وبخصوص نمط الاقتراع، دعت الأحزاب الثلاثة إلى الحفاظ على نظام الاقتراع المزدوج: أحادي/ لائحي، في الانتخابات البلدية، واعتماد الانتخابات باللائحة في البلديات التي يفوق عدد سكانها 50.000 نسمة، وكذا في تلك التي تقل ساكنتها عن هذا العدد شرط وجود مقر العمالة (المحافظة) فوق ترابها، واعتماد الاقتراع الأحادي الاسمي في باقي الدوائر الانتخابية.
وفي ظل النقاش المثار حاليا حول تعويض اللائحة الوطنية للنساء والشباب، اقترحت الأحزاب المعارضة تقوية مشاركة النساء والشباب باعتماد لوائح جهوية للنساء، والشباب ذكورا وإناثا، بدل اللائحة الوطنية، مع رفع عدد المقاعد التي كانت مخصصة للائحة الوطنية، في أفق تحقيق المناصفة بالنسبة للنساء، ومراعاة تمثيلية الأطر والكفاءات، وكذا الجالية المغربية بالخارج، واعتماد لائحة نسائية في الجماعات ذات الترشح الفردي.
كما اقترحت أحزاب المعارضة التنصيص القانوني على تمثيلية النساء في مجالس العمالات والأقاليم (المحافظات) والغرف المهنية، والعمل على ضمان الآليات الكفيلة بضمان تمثيلية المرأة في الانتخابات الجماعية بنسبة الثلث على الأقل، وتقوية تمثيلية الشباب في الانتخابات الجماعية بمختلف الآليات، كاعتماد لائحة للشباب مثلا، وإحداث صندوق لدعم المشاركة السياسية للشباب على غرار صندوق دعم القدرات السياسية.
ومن المقترحات الجديدة التي جاءت بها المذكرة، الدعوة إلى اعتماد الاقتراع يوم الأربعاء عوض الجمعة، شريطة منح كل الموظفين والمستخدمين في القطاع العام والخاص رخصة تغيب استثنائية مؤدى عنها ولا تقتطع من الإجازة السنوية بين يوم وثلاثة أيام، حسب المسافة بين مقر العمل ومكان مكتب التصويت لأداء الواجب.
وبخصوص طريقة احتساب الأصوات، فقد اقترحت أحزاب المعارضة احتساب القاسم الانتخابي على أساس اعتماد الأوراق المعبر عنها: (الصحيحة) و(الملغاة) و(الأوراق البيضاء) و(الأوراق المتنازع فيها)، فيما دعت بشأن فرز الأصوات وحفظها إلى اعتماد الفرز الإلكتروني لأوراق التصويت، مع حفظ جميع أوراق التصويت إلى حين انتهاء القضاء من البت في الطعون الانتخابية.
أما بالنسبة للعتبة الانتخابية والمالية، فقد اقترحت توحید العتبة الانتخابیة والمالیة في 3 في المائة. وهو ما یعني أن اللوائح الانتخابیة التي تشارك في توزیع الأصوات في جمیع الانتخابات الجماعیة والجھویة والتشریعیة وانتخابات مجالس العمالات والأقالیم والغرف المھنیة هي اللوائح التي تحصل على نسبة 3 في المائة من الأصوات على الأقل، بصرف النظر عن حجم وطبیعة الدائرة الانتخابیة المعنیة، فيما اقترح حزب الأصالة والمعاصرة حذف العتبة الانتخابية.
وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أمهلت الأحزاب السياسية حتى نهاية الأسبوع الماضي، من أجل تقديم مقترحاتها وتصوراتها بشأن الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، وترتيب أولويات الأجندة الانتخابية. فيما ستعكف مصالح وزارة الداخلية، خلال الأيام القادمة، على إعداد أرضية أولية للتعديلات التي يمكن إدخالها على المنظومة الانتخابية، على أن يتم بعد ذلك عرضها على طاولة المفاوضات مع قيادات الهيئات السياسية لدراستها ومناقشتها والحسم فيها.
وينتظر أن يعيش المغرب في عام 2021 سنة انتخابية بامتياز، حيث سيتم خلالها تجديد كلّ المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين، ثم مجلسي البرلمان.
واستباقاً للاستحقاقات المقبلة، تطالب قيادات الأحزاب المغربية بضرورة تحضير الأجواء السياسية العامة في البلاد، من خلال إيجاد سبل مصالحة المواطنين مع السياسة، وذلك بالموازاة مع مناقشة تفاصيل تنظيم الانتخابات المقبلة.
وترى تلك القيادات أن إنجاح العملية الانتخابية، في ظل وجود أزمة ثقة، وعزوف المغاربة عن العمل السياسي، يقتضي بدرجة أولى إيجاد سبل مصالحة المواطنين مع السياسة قبل الانتقال إلى مناقشة كيفية تنظيم الانتخابات.