المعارضة تستعد لكسر حصار حلب

01 اغسطس 2016
مؤشرات على أن حلب مقبلةٌ على تصعيدٍ(أحمد حسن عبيد/الأناضول)
+ الخط -
رغم التقدّم الأخير لقوات النظام السوري والمليشيات المساندة لها في حلب خلال الأيام القليلة الماضية، والذي أدى لإطباق الحصار على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في المدينة، إلا أن المؤشرات تتزايد إلى أن مواضع السيطرة العسكرية حالياً، قد تشهد تغيراً لصالح المعارضة السورية، التي تسعى لِفَك الطوق المفروض عليها داخل أحياء المدينة الشرقية، وسط تصاعد الحديث عن استعدادات تجري لبدء معركة "كبيرة" في حلب.
ورغم أن المعارضة السورية (السياسية منها والعسكرية) تُقر بخطورة الوضع الميداني في مناطق سيطرتها ضمن مدينة حلب، والذي يُعتبر الأسوأ منذ أن سيطرت فصائلها المسلحة (أبرزها حينها لواء التوحيد) على الأحياء الشرقية للمدينة في يوليو/تموز 2012، إلا أن مصادر في المعارضة السورية تقول لـ"العربي الجديد" إن "خسارة طريق الكاستيلو الاستراتيجي، ومن بعده حي بني زيد ومنطقة السكن الشبابي، وبالتالي حصار أكثر من ثلاثمائة ألف مدني في حلب الشرقية، وضع الفصائل العسكرية في زاوية حرجة، لكن هذا الوضع لن يطول، والأيام القليلة المقبلة ستشهد تغييرات ميدانية مهمة".
في موازاة ذلك، ظهر القاضي العام لـ"جيش الفتح"، عبد الله المحيسني، في شريط مصور بثه ناشطون على الإنترنت ليل السبت-الأحد، متوعّداً النظام السوري والمليشيات التي تقاتل معه، بمعركةٍ قريبة، قائلاً: "ساعات وتبدأ أكبر ملحمة في تاريخ الجهاد الشامي". وطالب عشرات المقاتلين الذين ظهروا حوله في ذات الشريط، بالعمل على فك الحصار المفروض على السكان في حلب الشرقية، قبل أن يضيف: "إن كان النظام فتح في حلب أربعة معابر للمدنيين، فإننا سنفتح كل معابر حلب".
ويتحفظ رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد أحمد بري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، عن ذكر أي تفاصيل حول الحديث عن تحضير فصائل المعارضة لمعركة في حلب، لكنه يشير إلى أن "طريق الكاستيلو لن يبقى مع النظام، سنستعيده مع مواقع أخرى قريباً".
ومع أن أي فصيل عسكري معارض لم يعلن حتى الساعة، بدء معركةٍ من هذا النوع ضد النظام والمليشيات التي تقاتل معه في حلب، إلا أن كل ما تقدّم، يدل على أن المحافظة الحدودية مع تركيا، والتي تُعتبر بالغة الأهمية بالنسبة للنظام أو للمعارضة، والتي تتعرض منذ أشهر لحملة قصفٍ جوي تشنها طائرات النظام الحربية والمقاتلات الروسية، مقبلةٌ على تصعيدٍ ميداني جديد، وإن كانت أساساً تشهد في فترات متقطعة، معارك طاحنة منذ أكثر من عشرة أشهر، وتحديداً بعد بدء الغارات الروسية في سورية، يوم الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي.




وفي هذا السياق، يقول عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري عبد الرحمن الحاج لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الميداني الذي آلت إليه حلب أخيراً ونظراً للأهمية الكبرى لهذه المحافظة بالنسبة لجميع الأطراف، فضلاً عن المواقف التي تردد صداها أخيراً، يعني بالتأكيد أن الفصائل الثورية مقبلة على فتح معركةٍ هناك، لكن لا يمكن تقدير حجمها كون كل المعلومات حتى اللحظة غير واضحة تماماً".
ويضيف الحاج أن "المعركة ستركز على فك الحصار المفروض حالياً على أحياء المدينة الشرقية، ومن المتوقع أن تُفتح عدة جبهات في آن واحد"، مشيراً إلى أن "تقدّم النظام الأخير وإن أدى لفرض حصار خانق على مناطق سيطرة المعارضة داخل المدينة، إلا أن هذا الحصار يُعتبر رخواً، كون شريط سيطرة النظام حول حلب ليس عريضاً، كما أن مناطق سيطرة النظام الجديدة، خصوصاً في الكاستيلو، لا تعني أن قواته ومليشياته أحكمت تمركزها خلال الأيام القليلة الماضية".
ويشير الحاج إلى أن "كافة القوى العسكرية للمعارضة تستشعر بالتأكيد خطورة الموقف ومتفقة جميعها على ضرورة بدء عملٍ عسكري يُبعد مبدئياً شبح الحصار، لكن أيضاً القوى الإقليمية الداعمة للثورة لن تقف مكتوفة الأيدي في ظل الوضع المتدهور في حلب، لأنها تُدرك أهمية وحساسية حلب عن غيرها من المحافظات".
ويعتبر الحاج أن "القوى الإقليمية لن تسمح للنظام بقضم المزيد من المناطق في حلب أو حصارها وإحكام سيطرته فيها، وقد مرت المدينة بفترات خطيرة في السابق، لكنها لم تسقط إطلاقاً، فداخلياً وإقليمياً هناك إرادة مشتركة للحفاظ على الوضع في حلب وعدم تمكين النظام وحلفائه الروس والإيرانيين من إحكام قبضتهم هناك".
لكن إلى جانب هذا التوافق الإقليمي من قِبل الدول الداعمة للمعارضة السورية، فإن المعارض السوري يشير إلى وجود "شبه توافق أيضاً بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا في هذا الصدد"، فـ"الأميركيون والروس تواطؤوا أو يبدو أن هناك تفاهماً بينهم حول الوضع في حلب"، معتبراً أن "الولايات المتحدة لو أرادت لاستطاعت بما لديها من أوراق، منع حصار حلب، ولكن سكوت واشنطن أقرب للرضى على التصعيد الروسي في حلب".