25 مارس 2016
المعتصم وأهل مضايا
كرم محمد السكافي (لبنان)
في هذا الجو التشاؤمي، وطالما نحن عالقون على درجة معينة من الإحتباس، فإن جُل ما نقوم به، أو لا نقوم به، ليس إلا محاولة تفاؤلية، نأمل منها الحد من الانبعاثات السامة الدفينة التي سببتها التبدلات المناخية، سيكون من المفيد التنبه إلى ردات الفعل القصيرة الأمد حيال أمورٍ لا يتوقعها المرء، أو لربما لا يفقهها. ذلك أن كل التوقعات ومعظم أعمال الرصد تشير إلى وجود أمرعظيم، وتخبرنا، مرة بعد مرة، بوجود تبدل مناخي كبير في المنطقة الواقعة وسط قارات العالم القديم، حتى أن الدراسة الفينولوجية (علم العلاقة بين المناخ والظواهر الأحيائية) الأكثر تفاؤلاً تتوقع أحداث مأساوية وشيكة، نتيجة فتح سدّادة خزان الشرق الجديد الموجودة في الجغرافيا السورية تحديداً.
هو ليس إلا تغيير ديمُغرافي وسياسة تهجير جماعي، أوجبت الأحداث مرورها من مضايا، ويقيناً الكل مشارك في إسقاطها وإتمامها، بغباء أو بتسليم ورضى، أوبإصرار وعن سابق تصور وتصميم. الملحمة السورية منذ البداية لم ترو قصة الشعب ولا توقه للحرية، هي حرب القوى الصاعدة، وقد أعادته إلى بدايات وجوده، لكي تغيّر حكايات بطولاته، وتسطر مكانها قصصا مختلفة، تخبرعن ثقافة نسجتها وأرادتها له.
قد تكون مضايا عند كثيرين ممن احتفظوا بإنسانيتهم محطة مؤلمة، يعتصمون لنصرتها، لكنها عند القليل الفاعل مشهد لا بد من تصويره ليكتمل السيناريو، وينتهي الإخراج. في المقابل، ستبقى الكلمات إلى حين الإنتهاء من الإنتاج، تتزاحم على صفحات الجرائد، تحكي عن معاناة مضايا وأهلها، ستبقى أخبار الجوع والقهر والموت تتطاير في الأثير، تلتقطها أجهزة البث الإذاعية والإرسال التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، ستبقى مفردات الموت والآهات تتهادى على ورق الكتب في المكتبات، وستصدر دور النشر تباعاً عنها المجلدات، لكن الحقيقة تبقى في أنها أحد أكبر وأضخم عمليات التهجير التي تمارس بحق شعب تمسك بأرضه، وقد تكون الثانية في المنطقة بعد نكبة فلسطين، يشارك فيها بالوكالة عن الأصيل وبالإنابة عنه دول مضللة، بل أغلب الظن هي من الضالين، ومنظمات مغضوب عليها من رب المنكوبين المفجوعين، بعضها بلسان عربيٍّ ومعظمهم إسلاميون، تتفنن في القهر وتتقن أساليب التعذيب، تجدهم وقد أمسوا رحماء مع أعدائهم أشدّاء على أهلهم، ينهون عن الشيء ويفعلونه، ويأمرون بالعدل ولا يأتونه، يقولون بالخير ولا يسعون له، تراهم عن عقابهم على ما أصاب الناس من فعلهم غافلين، سيأتى بهم يوماً إلى المحاكم ليؤرخ إجرامهم ويلقى بهم إلى من تعذبوا بنارهم.
مضايا لعنة سيتوجس منها فيلة الحرب وتقلقهم، ستكون مقدمة لتفترس فيها أطرافٌ أطرافاً نظيرة لها، سيحطم واحدهم رأس الآخر، ويضربه بوحشية، يجر جسده ويدفنه تحت التراب ليختفي. هم في ذلك كالدببة تحتاج إلى فقمتها التي تحتاج إلى سمك القد الذي يقتات على القشريات الملتهمة للحيوانات الأولية بالغة الصغر التي مصدرها الطحالب المجهرية، فإن إحداها زالت كلهم زالوا.
اكتملت سلسلة الحرب السورية، ودلائل الإنقراض المدهش بدأت، حرارة التقسيم ارتفعت، الجفاف سيعم في المستنقع، وبالإستناد إلى هذه الدلالات وسواها من الدلالات، يفرض تبدل المناخ عملية إعادة تنظيم بيئية للفصائل، ووفقاً للسيناريو المعد والمعتمد، يتوقع أن يتعرّض ما بين 50% إلى 70% من الأجناس المتقاتلة للإضمحلال، وإذا صح ذلك، وهو على الأرجح حاصل، فإنها ستكون أكبر حروب العصر البشرية الجماعية المدمرة التي اندلعت.
هو ليس إلا تغيير ديمُغرافي وسياسة تهجير جماعي، أوجبت الأحداث مرورها من مضايا، ويقيناً الكل مشارك في إسقاطها وإتمامها، بغباء أو بتسليم ورضى، أوبإصرار وعن سابق تصور وتصميم. الملحمة السورية منذ البداية لم ترو قصة الشعب ولا توقه للحرية، هي حرب القوى الصاعدة، وقد أعادته إلى بدايات وجوده، لكي تغيّر حكايات بطولاته، وتسطر مكانها قصصا مختلفة، تخبرعن ثقافة نسجتها وأرادتها له.
قد تكون مضايا عند كثيرين ممن احتفظوا بإنسانيتهم محطة مؤلمة، يعتصمون لنصرتها، لكنها عند القليل الفاعل مشهد لا بد من تصويره ليكتمل السيناريو، وينتهي الإخراج. في المقابل، ستبقى الكلمات إلى حين الإنتهاء من الإنتاج، تتزاحم على صفحات الجرائد، تحكي عن معاناة مضايا وأهلها، ستبقى أخبار الجوع والقهر والموت تتطاير في الأثير، تلتقطها أجهزة البث الإذاعية والإرسال التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، ستبقى مفردات الموت والآهات تتهادى على ورق الكتب في المكتبات، وستصدر دور النشر تباعاً عنها المجلدات، لكن الحقيقة تبقى في أنها أحد أكبر وأضخم عمليات التهجير التي تمارس بحق شعب تمسك بأرضه، وقد تكون الثانية في المنطقة بعد نكبة فلسطين، يشارك فيها بالوكالة عن الأصيل وبالإنابة عنه دول مضللة، بل أغلب الظن هي من الضالين، ومنظمات مغضوب عليها من رب المنكوبين المفجوعين، بعضها بلسان عربيٍّ ومعظمهم إسلاميون، تتفنن في القهر وتتقن أساليب التعذيب، تجدهم وقد أمسوا رحماء مع أعدائهم أشدّاء على أهلهم، ينهون عن الشيء ويفعلونه، ويأمرون بالعدل ولا يأتونه، يقولون بالخير ولا يسعون له، تراهم عن عقابهم على ما أصاب الناس من فعلهم غافلين، سيأتى بهم يوماً إلى المحاكم ليؤرخ إجرامهم ويلقى بهم إلى من تعذبوا بنارهم.
مضايا لعنة سيتوجس منها فيلة الحرب وتقلقهم، ستكون مقدمة لتفترس فيها أطرافٌ أطرافاً نظيرة لها، سيحطم واحدهم رأس الآخر، ويضربه بوحشية، يجر جسده ويدفنه تحت التراب ليختفي. هم في ذلك كالدببة تحتاج إلى فقمتها التي تحتاج إلى سمك القد الذي يقتات على القشريات الملتهمة للحيوانات الأولية بالغة الصغر التي مصدرها الطحالب المجهرية، فإن إحداها زالت كلهم زالوا.
اكتملت سلسلة الحرب السورية، ودلائل الإنقراض المدهش بدأت، حرارة التقسيم ارتفعت، الجفاف سيعم في المستنقع، وبالإستناد إلى هذه الدلالات وسواها من الدلالات، يفرض تبدل المناخ عملية إعادة تنظيم بيئية للفصائل، ووفقاً للسيناريو المعد والمعتمد، يتوقع أن يتعرّض ما بين 50% إلى 70% من الأجناس المتقاتلة للإضمحلال، وإذا صح ذلك، وهو على الأرجح حاصل، فإنها ستكون أكبر حروب العصر البشرية الجماعية المدمرة التي اندلعت.
دلالات
مقالات أخرى
16 مارس 2016
25 فبراير 2016
15 فبراير 2016