تعتبر أصوات الأقلية الكردية في تركيا إلى جانب أصوات القوميين الأتراك، من أكثر الكتل الانتخابية التي تشهد تنافساً محموماً في الانتخابات البرلمانية العامة، التي تُجرى اليوم الأحد، وخصوصاً بين حزب الشعوب الديمقراطي (ذي الغالبية الكردية) وحزب العدالة والتنمية، الذي كانت خسارته للأصوات الكردية من أهم عوامل خسارته للغالبية البرلمانية التي أتاحت له التفرد بتشكيل الحكومة التركية لأكثر من 12 عاماً.
شهد العدالة والتنمية تراجعاً ملحوظاً في حصته من الأصوات الكردية على مدار السنتين الأخيرتين. وبعدما كانت حصة "العدالة والتنمية" في جنوبي شرقي تركيا، حيث الغالبية الكردية، تتجاوز الـ 45 في المائة من عموم أصوات تلك المنطقة في الانتخابات البرلمانية في العام 2011، تراجعت حصته من الأصوات في الانتخابات الأخيرة في يونيو/حزيران لماضي إلى ما يقارب 33 في المائة. أي أنه خسر ما بين 12 و13 في المائة من الأصوات الكردية التي ذهبت جميعها إلى حزب الشعوب الديمقراطي.
اقرأ أيضاً: أردوغان يقتحم الانتخابات التركية لعدم الذهاب إلى الثالثة
وعلى الرغم من التغييرات الكبيرة التي أجراها الحزب أخيراً في قوائم مرشحيه، والتغيير الواضح في الخطاب السياسي، الذي يركز على استمرار عملية السلام، والتفريق بين المواطنين الأكراد و"الإرهاب" في إشارة إلى العمال الكردستاني، لكن تبدو استعادة "العدالة والتنمية" لما خسره حتى الآن بعيدة عن متناول اليد.
وبينما شهدت قوائم مرشحي حزب الشعوب الديمقراطي تغييرات طفيفة، بين الانتخابات الماضية التي أجريت في يونيو/حزيران وانتخابات اليوم، أجريت تغيرات كبيرة على قوائم "العدالة والتنمية". ففي ولاية دياربكر تم تغيير 9 أسماء من أصل 11 اسماً على القائمة، وفي ولاية أورفة تم تغيير عشرة أسماء في القائمة، أما في قوائم كل من ولاية هكاري وشرناق وأغري ووان فقد تم تغيير قائمة المرشحين بشكل كامل، باستثناء الأسماء المهمة التي حملتها القوائم الجديدة، ومنهم بشير أتلاي المسؤول السابق عن عملية السلام في الحكومة التركية، أحد شيوخ العدالة والتنمية، إضافة إلى أصوات حزب الدعوة الحرة (سلفي كردي) الذي قرر عدم المشاركة في الانتخابات هذه المرة، مما سيوجه أصواته للعدالة والتنمية أيضاً.
ويشير مراقبون إلى أنه على الرغم من رغبة "العدالة والتنمية" باستعادة أصوات الأكراد، إلا أنه فضل التركيز على أصوات القوميين الأتراك بشكل أكبر، وخصوصاً تلك التي خسرها لصالح الحركة القومية، إذ إنّ استعادتها قد تكون كافية لحزب العدالة والتنمية للتفرد بالحكومة مرة أخرى، ولا سيما أنّ العمليات ضد حزب العمال الكردستاني والضربات القوية التي تم توجيهها له، في ظل الخلافات التي يعاني منها حزب الحركة القومية (يميني متطرف)، تجعل أمر الحصول على هذه الأصوات أسهل بكثير.
من جهتهم، يختلف محللون أتراك حول أسباب خسارة حزب العدالة والتنمية في يونيو وحول ما إذا كان الحزب قد قام بما يكفي لتجاوزها في انتخابات اليوم. ويؤكد بعض المراقبين أن أحد أهم أسباب الخسارة هو موقف الحكومة التركية المتردد تجاه تقديم الدعم إلى مدينة عين العرب السورية، ذات الغالبية الكردية، عندما كانت تتعرض لهجمة شرسة من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وهو الأمر الذي يؤكده عضو الهيئة التدريسية في كلية الحقوق في جامعة دجلة في دياربكر، وهاب جوشكون، لـ"العربي الجديد"، بقوله "بحسب رؤيتي، فإن أهم أسباب خسارة العدالة والتنمية في المنطقة يعود إلى سياساته تجاه المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية والواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي. ولتلافي الخسارة، كان على العدالة والتنمية تعزيز علاقاته مع الاتحاد الديمقراطي، ولكن إلى حد الآن لم يحصل ذلك، بل ازدادت حدة الموقف تجاه الأخير". ووفقاً لجوشكون فإن "العدالة والتنمية لو اتخذ موقفاً أكثر تعاطفاً مع مدينة عين العرب خلال الهجمة التي تعرضت لها من قبل داعش لما كان خسر كل هذه الأصوات".
أما السبب الآخر، كما يراه جوشكون، فهو "الموقف من عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني، والتصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ما يخص القضية الكردية قبل الانتخابات السابقة، عندما أنكر وجود قضية كردية، معتبرا أنّ ما بقي هو الإرهاب ومشاكل للأقلية الكردية مثلها مثل مشاكل باقي الإثنيات التي تعمل الحكومة على حلها".
ويرى جوشكون أن "العدالة والتنمية لم يعمل بما يكفي على تلافي هذه الأخطاء"، قائلاً: "لم يستغل العدالة والتنمية انزعاج شرائح واسعة من الأكراد من تصرفات عناصر الكردستاني بعد عودة الاشتباكات بين الطرفين، سواء في ما يخص حفر الخنادق في المدن أو إعلان الإدارة الذاتية، وكان بإمكانه ذلك، سواء عبر المساهمة في إعادة إعمار عين العرب أو عبر تعزيز علاقاته مع الاتحاد الديمقراطي".
من جهته، يختلف الصحافي التركي عوني أوزغوريل مع جوشكون، إذ يؤكد أن حزب العدالة والتنمية اتخذ خطوات كثيرة لإعادة جذب الأصوات الكردية سواء على مستوى قوائم المرشحين أو على مستوى الخطاب السياسي. ويشير أوزغوريل إلى أنه "مقارنة بقوائم مرشحي العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة، فقد أجرى الحزب مراجعات كبيرة. على سبيل المثال لم يكن هناك في إسطنبول، التي تشكل أكبر مركز لتجمع الأكراد في البلاد، سوى مرشح كردي واحد، الأمر الذي تغير في القوائم الجديدة".
وفي ما يخص تأثير الحملة العسكرية التي شنتها وتشنها الحكومة التركية على حزب العمال الكردستاني، وتأثير استمرار "العدالة والتنمية" بحملته على الرغم من إعلان الكردستاني وقف هجماته واحتفاظه بحق الدفاع عن النفس من دون الانسحاب من المدن، يقول أوزغوريل "أنا مقتنع بأن استمرار الحملة العسكرية على العمال الكردستاني كان ضرورة بالنسبة للعدالة والتنمية، ولو أنها استمرت لفترة قصيرة لانقلبت عليه، ولبدا الكردستاني وكأنه انتصر، لكن الكردستاني نفسه يعترف الآن بأنه تكبد خسائر كبيرة".
ويشير الصحافي التركي إلى أن "حرب الكردستاني في المدن أزعجت المواطنين، وأعتقد بأنها كانت ضد مصلحة حزب الشعوب الديمقراطي"، مضيفاً: "لا يمكننا القول إنها كانت في مصلحة العدالة والتنمية، لكن القمع والخوف من التنظيم قد يدفع البعض للتصويت للعدالة والتنمية. ولكن بجميع الاحوال أظن أن نتائج الانتخابات لن تسعد الشعوب الديمقراطي". ووفقاً لأوزغوريل "ستعود بعض الأصوات للعدالة والتنمية لكن ليس بأعداد كبيرة".
وفي ما يخص الخطاب السياسي للعدالة والتنمية، يؤكد أوزغوريل أن فترة م ابعد الانتخابات السابقة شهدت تحولاً في الخطاب العام للحزب، موضحاً أنه "عوضاً عن الحديث عن عدم وجود قضية كردية في تركيا، تحول خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحديث عن التزام الحزب بعملية السلام التي تم تجميدها".
اقرأ أيضاً: الانتخابات التركية... المعركة الفاصلة
اقرأ أيضاً: أردوغان يقتحم الانتخابات التركية لعدم الذهاب إلى الثالثة
وبينما شهدت قوائم مرشحي حزب الشعوب الديمقراطي تغييرات طفيفة، بين الانتخابات الماضية التي أجريت في يونيو/حزيران وانتخابات اليوم، أجريت تغيرات كبيرة على قوائم "العدالة والتنمية". ففي ولاية دياربكر تم تغيير 9 أسماء من أصل 11 اسماً على القائمة، وفي ولاية أورفة تم تغيير عشرة أسماء في القائمة، أما في قوائم كل من ولاية هكاري وشرناق وأغري ووان فقد تم تغيير قائمة المرشحين بشكل كامل، باستثناء الأسماء المهمة التي حملتها القوائم الجديدة، ومنهم بشير أتلاي المسؤول السابق عن عملية السلام في الحكومة التركية، أحد شيوخ العدالة والتنمية، إضافة إلى أصوات حزب الدعوة الحرة (سلفي كردي) الذي قرر عدم المشاركة في الانتخابات هذه المرة، مما سيوجه أصواته للعدالة والتنمية أيضاً.
ويشير مراقبون إلى أنه على الرغم من رغبة "العدالة والتنمية" باستعادة أصوات الأكراد، إلا أنه فضل التركيز على أصوات القوميين الأتراك بشكل أكبر، وخصوصاً تلك التي خسرها لصالح الحركة القومية، إذ إنّ استعادتها قد تكون كافية لحزب العدالة والتنمية للتفرد بالحكومة مرة أخرى، ولا سيما أنّ العمليات ضد حزب العمال الكردستاني والضربات القوية التي تم توجيهها له، في ظل الخلافات التي يعاني منها حزب الحركة القومية (يميني متطرف)، تجعل أمر الحصول على هذه الأصوات أسهل بكثير.
من جهتهم، يختلف محللون أتراك حول أسباب خسارة حزب العدالة والتنمية في يونيو وحول ما إذا كان الحزب قد قام بما يكفي لتجاوزها في انتخابات اليوم. ويؤكد بعض المراقبين أن أحد أهم أسباب الخسارة هو موقف الحكومة التركية المتردد تجاه تقديم الدعم إلى مدينة عين العرب السورية، ذات الغالبية الكردية، عندما كانت تتعرض لهجمة شرسة من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وهو الأمر الذي يؤكده عضو الهيئة التدريسية في كلية الحقوق في جامعة دجلة في دياربكر، وهاب جوشكون، لـ"العربي الجديد"، بقوله "بحسب رؤيتي، فإن أهم أسباب خسارة العدالة والتنمية في المنطقة يعود إلى سياساته تجاه المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية والواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي. ولتلافي الخسارة، كان على العدالة والتنمية تعزيز علاقاته مع الاتحاد الديمقراطي، ولكن إلى حد الآن لم يحصل ذلك، بل ازدادت حدة الموقف تجاه الأخير". ووفقاً لجوشكون فإن "العدالة والتنمية لو اتخذ موقفاً أكثر تعاطفاً مع مدينة عين العرب خلال الهجمة التي تعرضت لها من قبل داعش لما كان خسر كل هذه الأصوات".
ويرى جوشكون أن "العدالة والتنمية لم يعمل بما يكفي على تلافي هذه الأخطاء"، قائلاً: "لم يستغل العدالة والتنمية انزعاج شرائح واسعة من الأكراد من تصرفات عناصر الكردستاني بعد عودة الاشتباكات بين الطرفين، سواء في ما يخص حفر الخنادق في المدن أو إعلان الإدارة الذاتية، وكان بإمكانه ذلك، سواء عبر المساهمة في إعادة إعمار عين العرب أو عبر تعزيز علاقاته مع الاتحاد الديمقراطي".
من جهته، يختلف الصحافي التركي عوني أوزغوريل مع جوشكون، إذ يؤكد أن حزب العدالة والتنمية اتخذ خطوات كثيرة لإعادة جذب الأصوات الكردية سواء على مستوى قوائم المرشحين أو على مستوى الخطاب السياسي. ويشير أوزغوريل إلى أنه "مقارنة بقوائم مرشحي العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة، فقد أجرى الحزب مراجعات كبيرة. على سبيل المثال لم يكن هناك في إسطنبول، التي تشكل أكبر مركز لتجمع الأكراد في البلاد، سوى مرشح كردي واحد، الأمر الذي تغير في القوائم الجديدة".
وفي ما يخص تأثير الحملة العسكرية التي شنتها وتشنها الحكومة التركية على حزب العمال الكردستاني، وتأثير استمرار "العدالة والتنمية" بحملته على الرغم من إعلان الكردستاني وقف هجماته واحتفاظه بحق الدفاع عن النفس من دون الانسحاب من المدن، يقول أوزغوريل "أنا مقتنع بأن استمرار الحملة العسكرية على العمال الكردستاني كان ضرورة بالنسبة للعدالة والتنمية، ولو أنها استمرت لفترة قصيرة لانقلبت عليه، ولبدا الكردستاني وكأنه انتصر، لكن الكردستاني نفسه يعترف الآن بأنه تكبد خسائر كبيرة".
وفي ما يخص الخطاب السياسي للعدالة والتنمية، يؤكد أوزغوريل أن فترة م ابعد الانتخابات السابقة شهدت تحولاً في الخطاب العام للحزب، موضحاً أنه "عوضاً عن الحديث عن عدم وجود قضية كردية في تركيا، تحول خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحديث عن التزام الحزب بعملية السلام التي تم تجميدها".
اقرأ أيضاً: الانتخابات التركية... المعركة الفاصلة