في الداخل الفلسطيني، يجدُ الأشخاص المعوقون أنفسهم أمام تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة. يعانون بسبب البطالة وتدني الدخل والوحدة وعدم القدرة على الانخراط في مختلف مرافق الحياة الاجتماعية، على الرغم من أن كثيرين منهم قادرون على أن يكونوا مواطنين فاعلين. مشكلة أخرى تتمثل في أن بعض العائلات ما زالت تخجل من أبنائها المعوقين، وتعمد إلى إخفائهم. وتجدر الإشارة إلى أن نحو 20 في المائة من فلسطينيي الداخل يعانون من إعاقات مختلفة، علماً أن 150 ألف منهم لم يتجاوزا الـ 18 عاماً.
من جهة أخرى، تعاني النساء المعوقات من تمييز أكبر في المجتمع. فالغالبية العظمى منهن غير متعلمات وعاطلات عن العمل، ويتعرضن للعنف. ويلاحظ أن قصص النجاح غالباً ما تعود لأبناء احتضنتهم عائلاتهم. حتى أن هؤلاء يبدون أكثر استعداداً للمواجهة وتغيير الأفكار المسبقة عنهم. زهرية عزب (من بلدة كفر قرع)، وعضو في صندوق مسيرة دعم الأشخاص المعوقين في المجتمع العربي، هي إحدى هؤلاء. تقول لـ"العربي الجديد": "أعاني من إعاقة حركية نتيجة إصابتي بمرض شلل الأطفال". تشير إلى أن "المجتمع عادة ما يُقصي النساء اللواتي يعانين من إعاقة. هناك تمييز وإجحاف كبير في حقها".
واجهت عزب إقصاء المجتمع واستطاعت أن تشق طريقها في الحيز العام. كانت عضواً في المجلس البلدي لمدة عشر سنوات. تقول: "خلال عملي في صندوق مسيرة، اكتشفت أن أوضاع النساء المعوقات صعبة للغاية. لم أواجه ظروفاً مشابهة، وخصوصاً أن عائلتي احتضنتني". تلفت إلى أن بعض العائلات "تخجل من أبنائها المعوقين وتصر على إبقائهم في المنزل، وتحاول الحصول على بدل شهري لسد احتياجاتهم من خلال مخصصات التأمين الوطني". أكثر من ذلك، تعاني المرأة المعوقة من "وحدة اجتماعية، ونادراً ما يقدم الرجل الفلسطيني على الارتباط بإحداهن".
تتابع عزب" المجتمع العربي "يحاول إخفاء هؤلاء. حتى أن كثيراً من الأشخاص المعوقين توقفوا عن متابعة تحصيلهم العلمي بسبب عدم قدرتهم على عمل ذلك بمفردهم، في ظل عدم الاكتراث لتأمين الخدمات الخاصة بهم". تضيف "يجب العمل على تمكينهم. بداية، على العائلات الاعتراف بأبنائها الذين يعانون من الإعاقة، حتى يتمكنوا من مواجهة المجتمع. كما أن العلم يساعدهم على الاندماج في المجتمع". وتلفت إلى أن "70 في المائة من الأكاديميين المعوقين لا يعملون".
في رأي عزب، يمكن قياس مدى تقدم المجتمع من خلال كيفية تعامله مع الفئات الأضعف. يجب العمل على توعية الأشخاص المعوقين ليعرفوا حقوقهم، وخصوصاً أن كثيرين لا يعرفونها".
من جهتها، تقول مديرة مركز الحياة في مدينة سخنين هناء شلاعطة إنه "في مجتمعنا، عادة ما يكون التحدي أمام المرأة مضاعفاً". ولدت كفيفة لأنه تجمع والديها صلة قربى. تضيف "ليس سهلاً أن يكون للنساء دور في المجتمع"، لافتة إلى أنهن بحاجة إلى "بيئة داعمة، وخصوصاً من العائلة، ليتمكن من النجاح في مجتمع لا يؤمن شيئاً لهن". تضيف: "حين كنت طفلة، لم أكن أحب الذهاب إلى المدرسة. لكن أبي وقف إلى جانبي. كان يقول لي، دائماً، إن العلم هو سلاحك فلا تتنازلي عنه. حتى أنه أرغمني على الدراسة".
يهتم المركز بمساعدة الأشخاص الذين يعانون من إعاقة حسية أو حركية. تشرح شلاطة، "إننا نعمل على تمكين الأشخاص المعوقين في الحياة الاجتماعية، وهناك مشروع لرفع الوعي وتغيير الأفكار المسبقة والنمطية، بالإضافة إلى تنظيم ورشات عمل في المدارس لرفع الوعي في المجتمع، وخصوصاً لناحية كيفية التعامل مع الأشخاص المعوقين". وفي ما يتعلق بالنساء، "نعمل على الاعتناء بصحتهن، بالإضافة إلى تنظيم برامج تعليمية".