بعد أن أمر مدير المديرية العامة للأمن الوطني بالمغرب، عبد اللطيف الحموشي، بفتح تحقيق حول أسباب التدخل الأمني العنيف الذي مورس ضد مسيرات احتجاجية، نفذها مئات الطلبة المتدربين في مهن التعليم، يوم الخميس الماضي، أفادت وزارة الداخلية في بلاغ لها مساء السبت، بأن المحتجين "كانوا وراء استفزاز السلطات الأمنية".
وأكدت وزارة الداخلية المغربية، ضمن بلاغ وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، أن ما حدث لم يتعد، "إصابات خفيفة في صفوف الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين"، مبرزة أن "المسيرات لم يتم التصريح بها بكل من مدن الدار البيضاء ومراكش وإنزكان".
كما لمح بلاغ الداخلية لوقوف جهات وراء احتجاجات الأساتذة المتدربين، وحسب متتبعين ومراقبين، تقصد الوزارة بهذا التلميح جماعة "العدل والإحسان"، والتي نفى القيادي داخلها هشام الشولادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، هذا الادعاء، وقال "إن احتجاجات الأساتذة المتدربين نابعة من قناعتهم بمطالبهم، ولا يمكن جرهم جراً للاحتجاج".
اقرأ أيضاً: عنف بحقّ "الوزرة البيضاء" في المغرب
ولفت المصدر الرسمي ذاته، إلى أن "هذه المسيرات الاحتجاجية لم يتم التصريح بها، وتم تبليغ قرارات منعها للطلبة الأساتذة"، مشيراً إلى أن بعض هؤلاء أصروا على تنظيم تلك المسيرات في خرق تام للقانون"، على حد تعبير الداخلية المغربية.
وبرأت الداخلية رجال الأمن من استعمال العنف المفرط، حيث اعتبرت أن "التدخلات التي أظهرتها الصور والفيديوهات كانت في حدود القانون، وبأنها جاءت في امتثال تام للضوابط والأحكام القانونية، لثني المحتجين عن الاستمرار في خرق القانون ومطالبتهم بفض تجمهراتهم".
من جهة أخرى، أوضحت الصور المنشورة ومقاطع الفيديو إصابة الأساتذة المتدربين بجروح على مستوى الرأس، كما نقلت إحدى المصابات في التدخل، وهي لمياء الزكيتي، تعرضها لكسور على مستوى الكتف والقفص الصدري واليد اليسرى.
واتهمت الداخلية المغربية جهات لم تُسمها، قالت إنها "اعتادت الركوب على بعض المطالب الفئوية لإذكاء الفوضى"، بكونها تقف وراء دفع مجموعات المحتجين بكل من الدار البيضاء ومراكش وإنزكان، إلى تحدي القوات العمومية واستفزازها والإقدام على محاولة اختراق الطوق الأمني لدفعها للمواجهة".
اقرأ أيضاً: المغرب: فتح تحقيق حول تعنيف الأساتذة المتدربين
وأكمل البلاغ الرسمي بأن تصرف المحتجين بهذه الطريقة، "خلف نوعاً من الفوضى والتدافع وسط المحتجين أدى إلى وقوع إصابات خفيفة، وتسجيل حالات عديدة من التظاهر بالإغماء في صفوف المتظاهرين"، على حد تعبير وزارة الداخلية.
ويرى مراقبون أن المقصود بعبارة "أطراف اعتادت الركوب على بعض المطالب الفئوية لإذكاء الفوضى"، هو "جماعة العدل والإحسان"، أحد أقوى التنظيمات الإسلامية المعارضة بالمغرب، والتي دخلت على الخط، بأن دعت أخيراً إلى تشكيل جبهة وطنية لحماية ومساندة الأساتذة المتدربين حتى تحقيق مطالبهم المشروعة".
ورداً على التلميح باتهام جماعة "العدل والإحسان" بالوقوف وراء احتجاجات الأساتذة المتدربين، قال القيادي بشبيبة الجماعة هشام الشولادي، في تصريح هاتفي لـ"العربي الجديد"، إن رواية وزارة الداخلية ليست الأولى من نوعها، بل سبقتها اتهام أبناء "العدل والإحسان" بالوقوف وراء احتجاجات الطلبة الأطباء، وبعدها احتجاجات المواطنين في مدينة طنجة على غلاء فواتير الماء والكهرباء.
واعتبر المتحدث ذاته، أن المفروض في مثل هذه المواقف، الاعتراف بما وصفه "فشل الحكومة وجهات أخرى في تدبير هذا الملف، ومصارحة المغاربة بالأخطاء المرتكبة، خاصة وأن الوثيقة الدستورية وعلى علتها، تقرن المسؤولية بالمحاسبة، لكن دائما يتم تعليق الفشل بأطراف أخرى".
وأضاف القيادي بجماعة "العدل والإحسان"، أن البلاغ فيه "تنقيص من عقول المغاربة، ومن الأساتذة المتدربين، لأن هؤلاء لهم تكوين جامعي عال، وهم من بين نخبة المجتمع، لذلك لا يكمن جرهم للاحتجاج جراً، بل هم مقتنعون بمطالبهم".
وذهب الشولادي حد القول، "إذا صدقت رواية وزارة الداخلية، فنحن بين قوسين أمام قوة ضاربة في المغرب، تمثلها الجماعة، حسب بلاغ وزارة الداخلية، وهذه قوة للعدل والإحسان".
واعتبر القيادي في الجماعة، أن الحراك في المغرب يسير اليوم "بطرق مختلفة، ويجب أن يفرح المجتمع بالتحاق أساتذة خلال السنة القادمة بالمدارس، وهم واعون بالتحديات، كما يجب التأكيد على أن هؤلاء، لم يرفعوا حجرة أمام عناصر الأمن خلال التدخل، والدليل عدم إصابة أي عنصر في صفوف القوات الأمنية".
اقرأ أيضاً: تضامن واسع مع أساتذة المغرب المعنفين.. وصمت حكومي