يلح الوكلاء العقاريون على الحكومة المغربية لوضع تشريع يحاصر الفوضى التي يعرفها هذا القطاع، بفعل تدخل "سماسرة"، لا يتقيّدون بأي ضوابط عند الوساطة بين أصحاب العقارات والأسر الساعية للحصول على سكن.
وذهب محمد لحلو، رئيس الجمعية المغربية للوكلاء العقاريين، في مؤتمر نظّم مؤخراً بمراكش بالمدرسة العليا للمهن العقارية، إلى أن هذه المهنة لا يلتزم أصحابها بأي قانون في المغرب، حيث يمكن لأي أحد أن يتصدى لممارستها دون أن يتطلب منه ذلك مؤهلاً علمياً أو مهنياً.
ولاحظ لحلو أن هذا الوضع أفضى إلى كون الوكلاء العقاريين لا يطالبون بتوفير أي تأمين أو ضمانة من أجل مزاولة تلك المهنة، مشيرا إلى أن نصف الصفقات العقارية تنجز في المغرب في السوق غير الرسمي.
وأكدت الجمعية المغربية للوكلاء العقاريين على أنها أنجزت مقترحاً بتشريع ينظم هذه العملية، تستعد لتقديمه لوزارة الإسكان، حيث تناول جميع الجوانب التي تهم الوكلاء العقاريين، بما في ذلك الضمانة المالية التي يفترض أن يقدمونها من أجل مزاولة المهنة والمسؤولية المدنية والعلاقات مع الموثّقين والإدارة التي تتولى التسجيل العقاري.
وينتظر من هذا المشروع، كما تؤكد على ذلك الجمعية، إضفاء نوع من الشفافية على عمل الوكلاء العقاريين الذين يتولون الوساطة بين المستثمرين العقاريين والمشترين أو المستأجرين، كما يراد منه المساعدة على تطهير سوق الوكلاء العقاريين من المتطفلين الذين يلحقون الكثير من الضرر بالمهنة.
وتأتي أهمية تنظيم قطاع الوكلاء العقاريين بسبب الفوضى التي يعرفها القطاع، هذا ما يدفع الجمعية إلى التشديد على ضرورة وضع ضوابط لممارسي هذه المهنة، من بينها التوفر على مؤهل علمي أو تجربة تتجاوز عشرة أعوام، وأن يكون لهم مكاتب معروفة، وهوية جبائية معروفة، حيث إن من لا يمتثل لهذه الضوابط، يمكن أن يُساءل جنائيا.
ويجد تنظيم القطاع مبرره، كذلك، في كون قطاع العقارات يمثل 6.3% في الناتج الإجمالي المحلي، علماً أن المغرب ما زال يعاني من نقص كبير على مستوى العقارات، حيث يصل إلى 580 ألف شقة، في وقت يهم الطلب الإضافي على السكن 125 ألف شخص سنويا.
ويتصور الوكلاء العقاريون الذين يدعون إلى تنظيم المهنة، أن الوكلاء الذي يعملون خارج أية ضوابط قانونية، يستحوذون على حصة الأسد في السوق، حيث لا يقدمون أي قيمة مضافة للعملاء في علاقتهم بأصحاب العقارات، ويحرمون الدولة من إيرادات مهمة ما داموا لا يلتزمون بأي ضرائب.
ويؤكد الوكلاء العقاريون أن نشاطهم تراجع خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، هذا ما دفع إلى عدم إنشاء شركات جديدة. في الوقت ذاته يشتكي الوكلاء التقليديون الذين يمارسون نشاطهم في مكاتب معروفة من ظهور وكلاء لا مقرات تعيّن مكان نشاطهم، بل يكتفون بالوساطة عبر الإنترنت.
واعتادت أغلب الأسر الباحثة عن سكن للاستئجار أو الشراء على التوجه إلى السمسار، الذي يتولى الوساطة، خاصة في الأحياء الشعبية، غير أنه يتجلى في الأعوام الأخيرة، أن الأسر تبحث أكثر عن التعامل مع الشركات العقارية، وإن كان هذا التوجه ما زال لم يترسخ كثيرا.
وتحظى الوكالات العقارية أكثر بثقة الطبقة الوسطى والعليا، حيث تفضّل الاستعانة بها عند البحث عن سكن. هذا ما كشف عنه موقع "ساروتي" المتخصص في استطلاع لرأي رواده، حيث توصل إلى أن أغلب أسر تلك الفئة الاجتماعية تفضّل مكتب الوكيل العقاري عوض التوجه إلى "سمسار" فرد، لما يقدمه من مشورة ويتيحه من سهولة في الحصول على السكن دون تعقيدات أو مفاجآت غير سارة.
ويتصور مراقبون أن المغرب مطالب بتنظيم قطاع الوكلاء العقاريين، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات، الناجمة في أغلب الأحيان عن المضاربة، التي لا تعكس حقيقة السوق.
ولا يزال المغرب يعاني من ركود في أسواق العقارات، التي شهدت، خلال الفترة الأخيرة، مطالبات بتوجيه جزء من الاستثمارات إلى بناء مساكن للإيجار، وعدم الاكتفاء بالتمليك الذي يستحوذ على النسبة الأكبر من السوق، بهدف الحد من الفقاعة العقارية.
وحسب خبراء تحدثوا لـ"العربي الجديد"، سوف يتيح تشجيع الإيجار إمكانية توجيه الادخار إلى تنمية الاقتصاد الذي يوفر فرص العمل، حيث إن امتلاك العقارات السكنية لا يخلق قيمة مضافة للاقتصاد.
وتتطلع الحكومة إلى إيجاد حل للمساكن الفارغة، التي تشير التقديرات إلى أنها تتعدى 800 ألف وحدة، فقد طرحت فكرة فرض ضرائب على مالكي تلك المساكن، غير أن الوزارة تعتبر أن ذلك صعب التنفيذ، على اعتبار أن جزءاً منها تملكه أسر مغربية مغتربة.
اقرأ أيضا: المغرب.. توقعات انخفاض النمو تربك الحكومة