خابت توقعات الأوساط الاقتصادية بأن يخفف المغرب من الاستدانة من السوق الداخلية، بعدما عاد العام الماضي للاقتراض من السوق الخارجية. فقد أربكت أزمة تفشي فيروس كورونا توجه البلاد الرامي إلى خفض عجز الموازنة إلى 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
وينتظر أن تقترض الخزانة العامة للمملكة المغربية حوالي 3.52 مليارات دولار في الستة أشهر المقبلة، من أجل المساهمة في سد عجز الموازنة الذي ينتظر أن يصل إلى مستوى قياسي، على اعتبار أنه سيقفز إلى 7.5 في المائة، وفق بيانات رسمية.
وكانت الخزانة اقترضت من السوق الداخلي حوالي 4.1 مليارات دولار في النصف الأول من العام الجاري، في سياق ارتفاع حاجيات التمويل مع انتشار فيروس كورونا.
ويؤكد مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد" أن تجاوب المقرضين المحليين مع توقعات الخزانة العامة في النصف الثاني بالحصول على تمويل في حدود 3.52 مليارات دولار، يبقى مرهونا بتطور الإطار الاقتصادي والوضعية الصحية بالمملكة.
وحسب المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، ستعمد الحكومة إلى تمويل الدين الداخلي للخزينة العامة للمملكة عبر الادخار العمومي، المودع لدى هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة، وتمويل المؤسسات الذي تتيحه صناديق التقاعد وشركات التأمين والمصارف.
ويأتي التوجه نحو الاقتراض في سياق متسم بخفض البنك المركزي لسعر الفائدة الرئيسية إلى 1.5 في المائة، من أجل تيسير توفير القروض للاقتصاد من قبل المصارف.
ويرتقب أن يصل اقتراض الخزانة من السوق الداخلية في نهاية العام الجاري إلى 7.6 مليارات دولار، حسب ما تجلى من مشروع قانون المالية المعروض على البرلمان، فيما ينتظر أن يصل الاقتراض من السوق الخارجية إلى 6 مليارات دولار.
وينتظر أن يصل مبلغ القروض الخارجية والداخلية في نهاية العام الحالي إلى 13.6 مليار دولار، حيث يستجيب ذلك لأهداف مرتبطة بتمويل عجز الموازنة والحساب الجاري لميزان الأداءات.
وتفيد بيانات الخزانة العامة للمملكة، أن المديونية الداخلية تتجاوز 59 مليار دولار في مايو/ آيار الماضي، إذ ارتفعت بنسبة 5.2 في المائة، مقارنة بالمستوى الذي بلغته في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.
وضغطت أزمة كورونا وما ترتب على ذلك من حجر وطوارئ صحية، على مالية المغرب في الستة أشهر الأولى من العام الحالي، حيث أفضى ذلك إلى عجز موازني في حدود 2.91 مليار دولار، بزيادة بسبة 65.2 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وكان يمكن أن يصل ذلك العجز في تلك الفترة إلى 4.44 مليارات دولار بزيادة بنسبة 152 في المائة، لو لم يستعن المغرب من أجل التخفيف منه بجزء من إيرادات صندوق مكافحة الجائحة، والتي وصلت إلى 3.3 مليارات دولار.
وأربكت الأزمة الأخيرة توجه المغرب على مستوى الاستدانة حيث كان خبراء اقتصاد يراهنون بعد عودة المملكة إلى السوق الدولية في العام الماضي من أجل اقتراض مليار يورو لتخفيف اللجوء إلى السوق الداخلي من أجل الاستدانة.
ويتصور الخبير في المالية العمومية، محمد بوستى، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المديونية الداخلية هي مصدر أساسي ومحبذ من أجل سد عجز الموازنة وتمويل الإنفاق العمومي لأنها لا تسدد بالنقد الأجنبي، ولكنه يرى أنه يشكل عامل إزاحة بالنسبة للاستثمار الخاص والشركات الخاصة، على اعتبار أن الدولة تنافسها من أجل الحصول على موارد مالية من المصارف.