تستعد سلطات العاصمة المغربية لترحيل مهاجرين أفارقة يقيمون في محطة للحافلات تدعى "القامرة"، إلى مركز خاص بإيواء هؤلاء المهاجرين القادمين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء في الرباط، خاصة بعد شكاوى مواطنين مغاربة.
وبعد فشل محاولة السلطات المحلية في ترحيل عشرات المهاجرين الأفارقة بالمحطة المذكورة مساء الجمعة الماضية، بسبب فرارهم من قبضة القوات العمومية، تستعد للتوافق مع ممثلي هؤلاء المهاجرين من أجل نقلهم إلى مركز إيواء جديد في الرباط، يضمن كرامتهم الإنسانية، ويضبط حركة دخولهم وخروجهم.
ويأتي اعتزام السلطات المغربية إيواء مهاجرين أفارقة يبيتون في فضاء قريب من محطة الحافلات الرئيسية للعاصمة، في مركز خاص بالرباط، بعد مواجهات بين مهاجرين أفارقة غير شرعيين ورجال أمن بمدينة الدار البيضاء، أدت إلى ترحيل بعضهم إلى مدن أخرى.
وفي السياق، كشف الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين بالمغرب فرانك إياكا، لـ "العربي الجديد"، عن مفاوضات تجرى مع السلطات المحلية في الرباط، لترحيل مهاجرين أفارقة إلى مركز للإيواء، يتيح لهؤلاء شروطا إنسانية أفضل مما يعيشونه في الشارع، خاصة مع موجة البرد التي تجتاح البلاد حالياً.
وأبرز المتحدث أن خطوة إيواء مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء هي نتاج تنسيق وتفاهم بين المنظمة النقابية وسلطات الرباط، بهدف إخلاء المنطقة المتواجدة قرب محطة الحافلات وسط العاصمة من عشرات المهاجرين الذين لم يجدوا مكانا يأوون إليه، لافتاً إلى أن ذلك سيكون بمثابة حل وسط، في انتظار إيجاد حلول ناجعة ونهاية لهذا الملف.
بدوره، اعتبر مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أنّ الخطوة التي تعتزم السلطات المغربية القيام بها، والمتعلقة بنقل المهاجرين الأفارقة من "القامرة" إلى مراكز إيواء، تعد "غير عملية، بالنظر إلى الإمكانات المتاحة حاليا".
وأشار إلى أن "مركز الإيواء المتواجد مثلا بمحاذاة "باب شالة" هو مجرد مركز عبور، كما أن طاقته الاستيعابية وموارده البشرية والمادية محدودة جدا، وفيه العديد من المهاجرين الأفارقة الذين يلجونه بأفواج وينسحبون".
كما بيّن أن "مركز زايد للرعاية الاجتماعية هو الأكثر استيعابا، إلا أنه يشهد فوضى واختلالات خطيرة، تجعل منه غير قادر على استيعاب هؤلاء الشباب الأفارقة، وقد تنشب صراعات عنيفة مع نظرائهم المغاربة المقيمين فيه حاليا" على حد تعبيره.
وأضاف الناشط بأنه "من الناحية الإنسانية والحقوقية، بقدر ما هي خطوة مقبولة إنسانيا، إلا أنها تستبطن تقييدا لحقوق وحريات متعددة، وبالتالي ليست مطلبا للمهاجرين الأفارقة، لأنها ستحد من قدرتهم على التفاعل الاجتماعي والبحث عن فرص الشغل، هذا إذا لم تنشب خلافات ونزاعات أخرى".
إلى ذلك، رأى الخضري أن "المغرب يؤدي ثمن تبني استراتيجية سياسية طموحة فوق المستطاع، في حين لا يملك مقومات تفعيلها وإنجاحها، حتى لو أردنا ذلك، فالأمر يتعلق بمدى قدرة المجتمع، بحركيته الاقتصادية والسوسيوثقافية وليس الدولة لوحدها، للمساهمة في تحقيق الاندماج المنشود، الذي يبقى الحل الوحيد لإنجاح سياسة الهجرة واللجوء".