يقدّم الباحث الإسرائيلي غيش عّميت لـ"اكتشافاته" بخصوص عمليّات (يُسميها هو "حوادث") النهب الكبيرة التي ضلعت فيها "المكتبة الوطنية الإسرائيلية"، وطاولت عشرات الآلاف من الكتب التي كانت تحتويها المكتبات الفلسطينية في القدس بعد احتلالها عام 1948، بمجموعة من المقولات، يستعيرها من فلسفة "التأريخ" للكتاب والمكتبات عموما، وعلاقة الكيان الصهيوني بالكتب والثقافة على نحو خاص. ففي التأريخ للكتاب ثمة "ما يشكّل حاجزا بين الكتب وملابسات كتابتها، وبين المكتبات ولحظات ولاداتها"، حيث إنه لولا الحروب التي يشعلها "بنو البشر الأنذال"، لكان العالم أفضل بكثير، ولكانت المكتبات ستحيا حيواتها بسكينة.
ومن بين ما يستعير المؤلّف هنا، مقولة تؤكد أنّه "من دون الكتب، فإن التاريخ سيصمت، والإبداع سيُشلّ، والفكر سيتجمّد، و"الكتب هي حاملة الحضارة، وأيّ مسّ بها يعني العودة إلى الهمجية"، كما أنّ "الهالة المحيطة بالكتب والمُلكيّات الثقافيّة تؤسّس تحوّلا غريبا يحيل الأشياء إلى كيانات من لحم ودم". وفي المقابل، فهو يؤكد أن القرن العشرين "أوجد أشكالا جديدة من العنف الموجَّه ضد المُلكيّات الثقافية، ويُظهر لنا كيف أنّ الدمار المنهجيّ اللاحق بالكتب والمكتبات في القرن العشرين، لم يكن مجرد محصّلة غير مخطّطة للحروب والاحتلالات والغبن السياسيّ، بل كان جزءا لا يتجزّأ منها"، وهي ممارسات تنضوي في إطار ما يسمّيه الفكر المتخصّص "إبادة المكتبات" (Libricide)، وتقع بين مفهومَيْ "الإبادة الجماعية" (Genocide) و"الإبادة الإثنية" (Ethnocide).
وعلى خطى "المؤرّخين الجُدُد" في إسرائيل، واستنادا إلى الوثائق والأدلة والشهادات الحيّة ممّن عايشوا فترة البحث الذي قام به، يكشف عَميت (أميت)، في كتابه هذا، الذي قام بترجمته الرّوائي الفلسطينيّ علاء حليحل، عن سلسلة من عمليّات السّلب والنّهب، المنظّمة أو العشوائية، وبكل الأساليب التي قامت بها دولة الكيان الصهيوني، ممثّلة في مؤسّساتها ودوائرها، وشملت مُجمل حياة الفلسطينيّين وممتلكاتهم، منذ 1948 حتى اليوم، ما أحدث طفرة علمية وبحثية في "الثقافة اليهودية". وهو ما نسلّط الأضواء على معالم أساسيّة منه، من خلال كتاب "عَمِيت"، الكتاب قد يكون هو الأكثر جرأة وإلمامًا في مجاله، فضلا عن مزجه، في بحثه العتيد هذا، بين الثقافيّ والسياسيّ والإثنولوجيّ.
عن المؤسّسين
قبل البدء، نذكّر بما جرى لمكتبة خليل السكاكيني، المربي المعروف والمفكر التنويري، (1878-1953)، التي نُهبت من منزله في حي القطمون، بعد نزوحه عن بيته العام 1948، ونهب البيت من قبل الإسرائيليّين، حيث يظهر على بعض كتبه توقيعه المكتوب بحبر أسود بالعربية. وقد ترك في مذكراته بكائية حارة على نهب مكتبته، حيث ودّعها قائلا "وداعا مكتبتي! وداعا كتبي! لا أعرف ماذا حلّ بك(...) هل نهبتم؟ أحرقتم؟ (...) نقلتم معززين مكرمين إلى مكتبة عامة أو خاصة؟ أم انتهى بكم الأمر إلى رفوف بقاليّات يُلفُّ بأوراقها البصل؟". (وهو ما شاهدناه في الفيلم الوثائقي "خليل السكاكيني: يوميات إنسان"- الجزيرة الوثائقية).
سؤال السّكاكيني هذا، جاء لشعوره أن مكتبته تعرّضت، مثل كثير من مكتبات وممتلكات الفلسطينيّين، إلى النهب أو الحرق، على أيدي القوّات والعصابات الصهيونية، مع احتلال الأرض وتهجير سكّانها وقيام الدّولة العبرية. وما تزال هذه السياسة "الاستراتيجية" في النّهب مستمرّة في مجالات "ثقافية" كثيرة.
جرائم أخلاقيّة وقانونية
تمثّلت عمليّات النّهب الثلاث في: أوّلًا، جلب أكبر كميّة ممكنة من الكنوز الثقافيّة اليهوديّة التي خلّفها يهود أوروبا المقتولون في المحرقة النازيّة؛ وثانيا الاستيلاء بطرق ملتوية وجنائيّة على الكنوز الثقافيّة والدينيّة التي جلبها معهم يهود اليمن في هجرتهم إلى إسرائيل الفتيّة، وثالثا عملية "جمع" عشرات آلاف الكتب من المكتبات الفلسطينية في القدس بعد احتلالها في عام النكبة.
ويُفنّد المؤلف هذه العمليّات بقوله، في ما يخص العرب، فإن الإسرائيليين برّروا عمليات نهب المكتبات الفلسطينية في القدس، بكونها عملا "معرفيا"، مستخدمين مصطلح "بيت الكتب القومي"، الذي ذكره أحد المشاركين في حملة نهب الكتب العاملين في المكتبة الوطنية الإسرائيلية، والذي يبرر النهب قائلا "دبّر بيت الكتب عملية واسعة لإنقاذ الكتب من التلف، في الأحياء العربية المهجورة، ونتيجة لذلك، جمعت عشرات آلاف الكتب، وهي محفوظة كوديعة إلى حين التيقّن من مصيرها"، ويؤكد عَميت في كتابه أن الإسرائيليين نجحوا في ترسيخ ثقافة "خطر الإفناء" هذه، التي تكشف، بحسب مؤلّف الكتاب أيضًا، عن علاقة الصهيونية مع الاستشراق الأوروبيّ واستخدامها للخيال الكولونياليّ بغية إدراك ذاتها وتأسيس هُويتها.
ولا يخلو النظر إلى "جمع" كتب ضحايا المحرقة ممّا يسمّيه المؤلّف "مميّزات جدليّة"، حيث هناك انقسام في هذه النظرة بين من رأوا في هذا عملية إنقاذا لثقافة ترزح تحت خطر الإفناء، وجزءًا لا يتجزّأ من النضال على حقّ اليهود للاعتراف الجمعيّ بهم كأصحاب الممتلكات الثقافية التي نهبها النازيون في ظلّ غياب الدولة القومية؛ فيما اشتبه قياديون يهود في أوروبا أنّ الصهاينة ينوون الاستيلاء على الملكيّات الإنسانية من بين مخلّفات المجتمعات اليهودية من دون توفير الدعم اللازم لإعادة ترميمها؛ وهناك حتى من شكّكوا في الادّعاء القائل: إنّ الحركة الصهيونيّة هي الممثل الطبيعيّ والحصريّ للشعب اليهوديّ".
ما قبل البداية
ومن خلال هذا التأريخ لـ"المكتبة الوطنية الإسرائيلية"، التي قامت على نهب تراث الشعب الفلسطيني وكنوزه التاريخية، وكذلك على السطو المباشر على نتاجات شعوب وجماعات أخرى.. يرى عَميت أنه من تركيبة هذا الخليط المسروق، والأساليب الملتوية التي وصل بعضها إلى حد الجرائم الجنائية، أراد القائمون على المكتبة صياغة ثقافة إسرائيلية ذات تاريخ وجذور. وبهذا يعثر المؤلّف على ما يعتبره أهم "استراتيجيات الاختلاق والتلفيق" التي صاغت هوية مزعومة وتاريخا موهوما.. وهذا هو التجسيد العملي للطرائق الغرائبية التي اخترع من خلالها "شعب" ومن ثم "دولة" لهذا "الشعب"، والهدف النهائي: تلفيق تراث وتصنيع هوية ثقافية.
قبل ذلك، وفي مرحلة ما "بعد الحرب العالمية الأولى"، كانت فلسطين قد شهدت فتِح "حوانيت كتب"، ونشطت، إلى جانبها، مكتبات وأكشاك للاستعارة، وغرف قراءة عامّة، وهذه الأمو كلّها أشارت إلى يقظة ثقافية ساعدت على نشر الكتب والصحف بين أوساط عامّة الناس.. غير أنّ هذا التطوُّر بُتِرَ مع حرب 1948، فقد جَمع عمّال المكتبة الإسرائيلية ثلاثين (30) ألف كتاب ومخطوط، من مدينة القدس وحدها، وأربعين (40) ألف كتاب من مؤسَّسات ومدارس وبيوت فلسطينية.
إجرائيّا وعمليّا، قام عمّال عمّال ما يُدعى مؤسّسة "الوصيّ على أملاك الغائبين"، وهي المؤسسة الإسرائيلية التي وضعت يدها على أملاك الفلسطينيين، في عام 1948 والأعوام التي تلته بجمع نحو أربعين (40) ألف كتاب من مدن يافا، وحيفا، وطبريا، والناصرة، وأماكن سَكَنيّة أخرى. وحسب عَميت، كانت غالبية الكتب كتبا تعليمية جُمعت من مؤسسات ومدارس، وحُفظت في مخازن أُقيمت لهذا الغرض في حيفا ويافا والناصرة والقدس. والكثير من هذه الكتب بيع مجدّدا للمدارس العربية، بينما نُقل نحو مائة (100) منها عام 1954 إلى قسم علوم الشرق في المكتبة الوطنية الإسرائيلية. فيما جرى هرس وإتلاف ما يقارب سبعة وعشرين ألف (26315) كتابا، حين قرر الوصيّ على أملاك الغائبين عام 1957 أن "هذه الكتب لا تلائم المدارس العربية في البلد، ولأنّ قسما منها احتوى على مواد مناهضة للدولة، ويمكن لنشرها أو تسويقها أن يلحق الضرر بالدولة".
(كاتب وشاعر من الأردن)
ومن بين ما يستعير المؤلّف هنا، مقولة تؤكد أنّه "من دون الكتب، فإن التاريخ سيصمت، والإبداع سيُشلّ، والفكر سيتجمّد، و"الكتب هي حاملة الحضارة، وأيّ مسّ بها يعني العودة إلى الهمجية"، كما أنّ "الهالة المحيطة بالكتب والمُلكيّات الثقافيّة تؤسّس تحوّلا غريبا يحيل الأشياء إلى كيانات من لحم ودم". وفي المقابل، فهو يؤكد أن القرن العشرين "أوجد أشكالا جديدة من العنف الموجَّه ضد المُلكيّات الثقافية، ويُظهر لنا كيف أنّ الدمار المنهجيّ اللاحق بالكتب والمكتبات في القرن العشرين، لم يكن مجرد محصّلة غير مخطّطة للحروب والاحتلالات والغبن السياسيّ، بل كان جزءا لا يتجزّأ منها"، وهي ممارسات تنضوي في إطار ما يسمّيه الفكر المتخصّص "إبادة المكتبات" (Libricide)، وتقع بين مفهومَيْ "الإبادة الجماعية" (Genocide) و"الإبادة الإثنية" (Ethnocide).
وعلى خطى "المؤرّخين الجُدُد" في إسرائيل، واستنادا إلى الوثائق والأدلة والشهادات الحيّة ممّن عايشوا فترة البحث الذي قام به، يكشف عَميت (أميت)، في كتابه هذا، الذي قام بترجمته الرّوائي الفلسطينيّ علاء حليحل، عن سلسلة من عمليّات السّلب والنّهب، المنظّمة أو العشوائية، وبكل الأساليب التي قامت بها دولة الكيان الصهيوني، ممثّلة في مؤسّساتها ودوائرها، وشملت مُجمل حياة الفلسطينيّين وممتلكاتهم، منذ 1948 حتى اليوم، ما أحدث طفرة علمية وبحثية في "الثقافة اليهودية". وهو ما نسلّط الأضواء على معالم أساسيّة منه، من خلال كتاب "عَمِيت"، الكتاب قد يكون هو الأكثر جرأة وإلمامًا في مجاله، فضلا عن مزجه، في بحثه العتيد هذا، بين الثقافيّ والسياسيّ والإثنولوجيّ.
عن المؤسّسين
قبل البدء، نذكّر بما جرى لمكتبة خليل السكاكيني، المربي المعروف والمفكر التنويري، (1878-1953)، التي نُهبت من منزله في حي القطمون، بعد نزوحه عن بيته العام 1948، ونهب البيت من قبل الإسرائيليّين، حيث يظهر على بعض كتبه توقيعه المكتوب بحبر أسود بالعربية. وقد ترك في مذكراته بكائية حارة على نهب مكتبته، حيث ودّعها قائلا "وداعا مكتبتي! وداعا كتبي! لا أعرف ماذا حلّ بك(...) هل نهبتم؟ أحرقتم؟ (...) نقلتم معززين مكرمين إلى مكتبة عامة أو خاصة؟ أم انتهى بكم الأمر إلى رفوف بقاليّات يُلفُّ بأوراقها البصل؟". (وهو ما شاهدناه في الفيلم الوثائقي "خليل السكاكيني: يوميات إنسان"- الجزيرة الوثائقية).
سؤال السّكاكيني هذا، جاء لشعوره أن مكتبته تعرّضت، مثل كثير من مكتبات وممتلكات الفلسطينيّين، إلى النهب أو الحرق، على أيدي القوّات والعصابات الصهيونية، مع احتلال الأرض وتهجير سكّانها وقيام الدّولة العبرية. وما تزال هذه السياسة "الاستراتيجية" في النّهب مستمرّة في مجالات "ثقافية" كثيرة.
جرائم أخلاقيّة وقانونية
تمثّلت عمليّات النّهب الثلاث في: أوّلًا، جلب أكبر كميّة ممكنة من الكنوز الثقافيّة اليهوديّة التي خلّفها يهود أوروبا المقتولون في المحرقة النازيّة؛ وثانيا الاستيلاء بطرق ملتوية وجنائيّة على الكنوز الثقافيّة والدينيّة التي جلبها معهم يهود اليمن في هجرتهم إلى إسرائيل الفتيّة، وثالثا عملية "جمع" عشرات آلاف الكتب من المكتبات الفلسطينية في القدس بعد احتلالها في عام النكبة.
ويُفنّد المؤلف هذه العمليّات بقوله، في ما يخص العرب، فإن الإسرائيليين برّروا عمليات نهب المكتبات الفلسطينية في القدس، بكونها عملا "معرفيا"، مستخدمين مصطلح "بيت الكتب القومي"، الذي ذكره أحد المشاركين في حملة نهب الكتب العاملين في المكتبة الوطنية الإسرائيلية، والذي يبرر النهب قائلا "دبّر بيت الكتب عملية واسعة لإنقاذ الكتب من التلف، في الأحياء العربية المهجورة، ونتيجة لذلك، جمعت عشرات آلاف الكتب، وهي محفوظة كوديعة إلى حين التيقّن من مصيرها"، ويؤكد عَميت في كتابه أن الإسرائيليين نجحوا في ترسيخ ثقافة "خطر الإفناء" هذه، التي تكشف، بحسب مؤلّف الكتاب أيضًا، عن علاقة الصهيونية مع الاستشراق الأوروبيّ واستخدامها للخيال الكولونياليّ بغية إدراك ذاتها وتأسيس هُويتها.
ولا يخلو النظر إلى "جمع" كتب ضحايا المحرقة ممّا يسمّيه المؤلّف "مميّزات جدليّة"، حيث هناك انقسام في هذه النظرة بين من رأوا في هذا عملية إنقاذا لثقافة ترزح تحت خطر الإفناء، وجزءًا لا يتجزّأ من النضال على حقّ اليهود للاعتراف الجمعيّ بهم كأصحاب الممتلكات الثقافية التي نهبها النازيون في ظلّ غياب الدولة القومية؛ فيما اشتبه قياديون يهود في أوروبا أنّ الصهاينة ينوون الاستيلاء على الملكيّات الإنسانية من بين مخلّفات المجتمعات اليهودية من دون توفير الدعم اللازم لإعادة ترميمها؛ وهناك حتى من شكّكوا في الادّعاء القائل: إنّ الحركة الصهيونيّة هي الممثل الطبيعيّ والحصريّ للشعب اليهوديّ".
ما قبل البداية
ومن خلال هذا التأريخ لـ"المكتبة الوطنية الإسرائيلية"، التي قامت على نهب تراث الشعب الفلسطيني وكنوزه التاريخية، وكذلك على السطو المباشر على نتاجات شعوب وجماعات أخرى.. يرى عَميت أنه من تركيبة هذا الخليط المسروق، والأساليب الملتوية التي وصل بعضها إلى حد الجرائم الجنائية، أراد القائمون على المكتبة صياغة ثقافة إسرائيلية ذات تاريخ وجذور. وبهذا يعثر المؤلّف على ما يعتبره أهم "استراتيجيات الاختلاق والتلفيق" التي صاغت هوية مزعومة وتاريخا موهوما.. وهذا هو التجسيد العملي للطرائق الغرائبية التي اخترع من خلالها "شعب" ومن ثم "دولة" لهذا "الشعب"، والهدف النهائي: تلفيق تراث وتصنيع هوية ثقافية.
قبل ذلك، وفي مرحلة ما "بعد الحرب العالمية الأولى"، كانت فلسطين قد شهدت فتِح "حوانيت كتب"، ونشطت، إلى جانبها، مكتبات وأكشاك للاستعارة، وغرف قراءة عامّة، وهذه الأمو كلّها أشارت إلى يقظة ثقافية ساعدت على نشر الكتب والصحف بين أوساط عامّة الناس.. غير أنّ هذا التطوُّر بُتِرَ مع حرب 1948، فقد جَمع عمّال المكتبة الإسرائيلية ثلاثين (30) ألف كتاب ومخطوط، من مدينة القدس وحدها، وأربعين (40) ألف كتاب من مؤسَّسات ومدارس وبيوت فلسطينية.
إجرائيّا وعمليّا، قام عمّال عمّال ما يُدعى مؤسّسة "الوصيّ على أملاك الغائبين"، وهي المؤسسة الإسرائيلية التي وضعت يدها على أملاك الفلسطينيين، في عام 1948 والأعوام التي تلته بجمع نحو أربعين (40) ألف كتاب من مدن يافا، وحيفا، وطبريا، والناصرة، وأماكن سَكَنيّة أخرى. وحسب عَميت، كانت غالبية الكتب كتبا تعليمية جُمعت من مؤسسات ومدارس، وحُفظت في مخازن أُقيمت لهذا الغرض في حيفا ويافا والناصرة والقدس. والكثير من هذه الكتب بيع مجدّدا للمدارس العربية، بينما نُقل نحو مائة (100) منها عام 1954 إلى قسم علوم الشرق في المكتبة الوطنية الإسرائيلية. فيما جرى هرس وإتلاف ما يقارب سبعة وعشرين ألف (26315) كتابا، حين قرر الوصيّ على أملاك الغائبين عام 1957 أن "هذه الكتب لا تلائم المدارس العربية في البلد، ولأنّ قسما منها احتوى على مواد مناهضة للدولة، ويمكن لنشرها أو تسويقها أن يلحق الضرر بالدولة".
(كاتب وشاعر من الأردن)