وتشير الإحصائيات غير الرسمية، إلى أن عدد المواطنين الأكراد في تركيا يراوح بين 15 و20 في للمئة من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 76 مليون نسمة.
ويبرز حزبا "السلام والديموقراطية" الكردي القومي (الذي يُوصَف بأنه الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني)، ثم "العدالة والتنمية" الحاكم، كأكبر حزبين متنافسين في المناطق التي يشكل الأكراد أغلبية فيها. غير أن الانتخابات المحلية، عموماً، لا تعطي مؤشراً واضحاً للتوجهات السياسية للكتل الناخبة، إذ تحكمها أيضاً حسابات محلية مناطقية وعائلية وخدماتية. ولدى العودة إلى نتائج الانتخابات العامة للعام 2011، يجد المراقب أن "السلام والديموقراطية"، الذي شارك في الانتخابات بمرشحين مستقلين، حصد غالبية الأصوات في ولايات فان وهكاري وشرناق وموش وديار بكر وباطمان وماردين، بينما فاز "العدالة والتنمية" في ولايات آغري وسعرت وبتليس وبينغول. في المقابل، نجح حزب مصطفى كمال، "الشعب الجمهوري"، بغالبية الأصوات في ولاية تونجيلي، التي يتحدر منها رئيس الحزب كمال كليتش دار أوغلو، الذي يتحدر بدوره من أصول كردية.
وقد نال حزب العدالة والتنمية في تلك الانتخابات، في المدن الاثنتي عشرة، مليوناً و37 ألفاً و687 صوتاً، فيما اقتنص حزب السلام والديموقراطية مليوناً و410 آلاف و853 صوتاً.
ويعتمد "العدالة والتنمية" على أوراق انتخابية قوية في هذه المدن الكردية، من بينها أصوات الموظفين الحكوميين وأفراد السلك العسكري التي يذهب معظمها لمرشحي حزب رجب طيب أردوغان. وتشير إحصائية تعود للانتخابات العامة الأخيرة، إلى أن الحزب الحاكم حصد 1158 صوتاً من أصل 2399 صوتاً في إحدى اللجان العسكرية في ديار بكر، "عاصمة أكراد العالم"، بينما حصل "الشعب الجمهوري" على 662 صوتاً فيها، وحزب "الحركة القومية" اليميني المتطرف على 491 صوتاً. أما المرشحون المدعومون من "السلام والديموقراطية"، فلم يحصدوا إلا 19 صوتاً!
يبقى السؤال الأبرز معرفة ما إذا كانت "مفاوضات السلام" مع زعيم الحركة القومية الكردية، عبد الله أوجلان، وصراع الحكومة مع جماعة فتح الله غولن، واتهامات الفساد التي تلاحق الحكومة وحزبها الحاكم، ستؤثر على أصوات الأكراد في الانتخابات؟
أسهمت مفاوضات السلام الجارية بين الحكومة وأوجلان، منذ عام، بشكل كبير في تهدئة الأوضاع الأمنية، وإخماد الصراع المسلح بين الجيش وعناصر المنظمة في المناطق التي يقطنها الأكراد. لكن كلا الحزبين، "العدالة والتنمية"، و"السلام والديموقراطية"، سيحاولان أن ينسبا لنفسهما الفضل في إنجاح هذه المفاوضات حتى الآن، وذلك لحصد أكبر عدد من أصوات الناخبين الأكراد في الانتخابات المحلية المقبلة.
ومن شبه المحسوم أنّ يؤثّر الصراع الدائر حالياً بين الحكومة و"جماعة فتح الله غولن"، واتهامات الفساد الكبير التي تلاحق مجلس الوزراء ورئيسه والحزب الحاكم، سلباً، بشكل أو بآخر، على رصيد أصوات "العدالة والتنمية" في الانتخابات، إلا أنه سيكون صعباً للغاية تقدير حجم هذه الخسارة، وخصوصاً أن جمعيات غولن تنشط بقوة في المناطق الكردية. لكن يمكن التوقع أن أصوات المنتسبين لـ"الجماعة" لن تذهب بسهولة هذه المرة لحزب أردوغان الذي وصف جماعتهم بـ"الكيان الموازي" و"الميليشيا" داخل الدولة.