تتجه الأنظار، مساء اليوم بتوقيت الساحل الشرقي الأميركي، الى مدينة كليفلاند في ولاية أوهايو، حيث يتواجه مرشحو الرئاسة الجمهوريون لأول مرة في مناظرة، سيكون عنوانها الملياردير دونالد ترامب، الذي يتصدر السباق، حتى الآن، في ظاهرة تُربك منافسيه كما تُربك قيادات الحزب "الجمهوري".
اقرأ أيضاً: ظاهرة دونالد ترامب تطارد جمهوريي أميركا
وبعدما أعلن 17 مرشحاً جمهورياً نيتهم خوض معركة الرئاسة، منذ بداية العام الحالي، ستكون المناظرة فرصتهم الأولى على المسرح الوطني لاستعراض مؤهلاتهم القيادية والحوارية. وقررت شبكة "فوكس نيوز"، التي تستضيف المناظرة بالتعاون مع موقع "فيسبوك" والحزب "الجمهوري" في أوهايو، أن تسمح لعشرة مرشحين فقط على خشبة هذا المسرح، على الرغم من الانتقادات التي طاولت معايير اختيار هؤلاء.
وجرى الاختيار استناداً الى معدل ترتيبهم، في آخر خمسة استطلاعات رأي، وهم بحسب هذا الترتيب، دونالد ترامب، وحاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش، وحاكم ولاية ويسكونسن سكوت والكر، والطبيب الجراح المتقاعد بين كارسون، وحاكم أركنساس السابق مايك هاكابي، والسيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، والسيناتور عن فلوريدا ماركو روبيو، والسيناتور عن كنتاكي راند بول، وحاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي، وحاكم ولاية أوهايو جون كاسيتش. اللافت في هذه اللائحة أن فيها على الأقل خمسة مرشحين مقربين من القاعدة المحافظة، لا سيما كروز وكارسون ووالكر وبول، بالإضافة طبعاً الى ترامب، الذي لا يُعتبر محافظاً، لكن القاعدة المحافظة اختارته لأنه تحدى القيادات التقليدية في الحزب "الجمهوري".
وقبيل المناظرة الرئيسية، اليوم، التقى 14 من أصل 17 مرشحاً، يوم الاثنين الماضي، في "منتدى الناخبين أولاً"، الذي أدارته قناة “C-SPAN” من ولاية نيوهامبشير، بحيث كان لكل مرشح فرصة الرد على أسئلة سريعة، في حدث غاب عنه ترامب، ولم يكن فيه مفاجآت، لكنه أعطى فكرة عن القضايا التي يركز عليها المرشحون الجمهوريون، وهي الهجرة وتوفير فرص العمل والاتفاق النووي مع إيران والحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مع توجيه انتقادات متوقعة للرئيس، باراك أوباما، والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وأشارت آخر استطلاعات للرأي الى تعزيز ترامب تقدمه في السباق الرئاسي عند "الجمهوريين" على حساب أبرز منافسيه، بوش ووالكر. ويحاول ترامب منذ فترة الحدّ من توقعات أدائه في المناظرة التي ستكون أول اختبار لجدية ترشيحه الرئاسي.
وقد طمأن ترامب منافسيه والحزب "الجمهوري" أكثر من مرة أنه لن يستفز منافسيه، لكن سيرد على من سيتهجم عليه. وقال إنه لا يحب المناظرات على عكس ميزة منافسيه "كلام بدون عمل"، على حدّ تعبيره. وفسّر صعوده في استطلاعات الرأي "اعتقد أن الناس تعبت وسئمت من السياسيين غير الكفوئين".
مشكلة المرشحين الجمهوريين، خلال تحضيرهم هذه المناظرة، أنهم لا يعلمون ماذا يحمل ترامب في جعبته؛ فهو معتاد على الإعلام والمناورة والارتجال والتهكم وحتى الإهانة، وبالتالي قد يفقدهم تركيزهم على القضية التي يرغبون في إثارتها أو في الهجوم الذي يرغبون شنّه. تقضي خطة ترامب، حتى الآن، التصرف بروية والظهور على أنه هادئ الأعصاب. وهذا متوقع من أي شخص يتصدر استطلاعات الرأي. غير أنّ التحدي أمامه هو ألا يفقد أعصابه، خلال المناظرة، في حال زادت وتيرة التهجم عليه.
وتبين الأجواء أن منافسي ترامب قد يحاولون التشكيك في سجله "الجمهوري" والمحافظ، من خلال تسليط الضوء على مواقفه السابقة من الرعاية الصحية والإجهاض وغيرها من القضايا. والغاية إبعاد القاعدة المحافظة عن ترامب. وقد تكون هذه مهمة صعبة، خصوصاً إذا ظهر ترامب في موقع الضحية. الصديق الوحيد لترامب على خشبة المسرح سيكون السيناتور المحافظ، تيد كروز، الذي يدافع عن ترامب، أخيراً، ويحرص على عدم التهجم عليه.
وتخشى قيادات الحزب "الجمهوري"، وممولوه الكبار، أن تعطي المناظرة الأولى شرعية لترامب تمدد تربعه على عرش السباق الرئاسي. وكان قد وصف منافسه بوش، أخيراً، بأنه "ضعيف" و"دمية" يحركها الممولون "الجمهوريون" الكبار مثل تشارلز كوك، الذي يبحث عن أفضل وسيلة لإنهاء رحلة ترامب الرئاسية. وبدأت محاولة جدية لقطع الطريق على ترامب.
وتهدف القيادة الجمهورية إلى الفوز بالانتخابات العامة، وترى أن خطاب ترامب المتشدد يبعد الجمهوريين عن البيت الأبيض، لا سيما أن آخر الاستطلاعات تشير الى أن الديمقراطية هيلاري كلينتون قد تفوز بسهولة على ترامب في حال حصلت الانتخابات العامة اليوم، لكنها تتقدم بثلاث نقاط فقط على جيب بوش على الرغم من تعثر حملته الانتخابية.
لا بد من الإشارة، أخيراً، إلى أن الحزب "الجمهوري" قرر في هذا الموسم الانتخابي تقليص عدد المناظرات الرئاسية لتفادي الانقسامات التي طبعتها مناظرات عام 2012 الكثيرة، والتي ساهمت حينها بتقليص حظوظ المرشح الرئاسي، ميت رومني، في الانتخابات العامة. من جهته، غيّر ترامب، الآن، كل حسابات الحزب وأثبت أن الانقسام قائم وعميق بين الجمهوريين مهما كان عدد المناظرات.
اقرأ أيضاً: الجمهوريون يلتفّون حول بوش ويقمعون ترامب