وكتب عيد، اليوم، عبر "فيسبوك" مستنكراً: "مقعد خالٍ لجمال عيد"، مشيراً إلى أن "الدعوة تأتي في ظل منعه من السفر والتحفظ على أمواله على خلفية اتهامه في القضية رقم 173 المعروفة إعلاميا باسم "التمويل الأجنبي".
ولفت إلى أنه عندما فاز بالجائزة في 2011 حضر، ولكن غاب عنها الحقوقي السوري مازن درويش، بسبب ظروف اعتقاله في السجون السورية، وتم وضع صورة درويش على مقعد شاغر.
وتابع: "هذا العام، تتبدل الأدوار، قررت المؤسسة أن تضع مقعداً خالياً وعليه صورتي، مثلما حدث في 2011 مع الصديق مازن درويش، حيث يحضر مازن درويش هذا الاحتفال بعد الإفراج عنه وسفره لألمانيا، ويغيب جمال عيد".
وأردف عيد: "أحد السفراء الأجانب اقترح أن يطلب من السلطات السماح لي بالسفر لحضور الاحتفال، وهو يعلم وهم أيضا، أنني لن أهرب فأنا لست من هذا النوع، فضلا عن أن أي تحقيق عادل سوف يكشف عن فبركة القضية وتلفيقها بشكل سياسي- رفضت الفكرة، فأنا لا أستجدي حقي من ظالم. وأخبرته أنني ما زلت أفضل حالا، ولا سيما من آلاف السجناء الباحثين عن العدالة".
وفاز عيد بجائزة "المدافع عن الكرامة الإنسانية" في عام 2011، وأنشأ بجزء من الجائزة المالية 6 مكتبات في أحياء شعبية، للقراءة والثقافة، أطلق عليها "مكتبات الكرامة"، أغلقتها السلطات المصرية، أخيرا.
وكانت السلطات الأمنية المصرية قد منعت عيد من السفر في 4 فبراير/ شباط 2016 لليونان إثر قرار قضائي لاتهامه بقضية التمويل الأجنبي.
ويعد عيد من أبرز النشطاء في المجال الحقوقي، وهو محام متخصص في قضايا حقوق الإنسان، وتولى الدفاع عن العديد من المحبوسين على ذمة قضايا سياسية.
ولم يتوقف نشاط جمال عيد في المجال الحقوقي على المجهودات الفردية فقط، بل حاول ممارسة العمل الحقوقي بشكل أوسع، ففي عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتحديدا عام 2004، انضم عيد لحركة كفاية، للمطالبة برحيل مبارك، وألقت قوات الأمن القبض عليه عدة مرات.
ولم يكن عام 2004 مقتصرا على الانضمام لحركة كفاية فقط، بل أسس جمال عيد في 28 مارس/آذار 2004، الشبكة العربية لحقوق الإنسان، معلنا أن أهدافها تتمثل في دعم حرية التعبير، عبر تقديم الدفاع والمساندة القانونية لانتهاكات حرية التعبير بكل أنواعها، فضلًا عن تدريب الصحافيين والنشطاء على المصداقية والكتابة المهنية وتفادي جرائم النشر.
وأطلقت الشبكة العربية تحت قيادة جمال عيد الكثير من حملات الدفاع عن سجناء الرأي، وتوثيق الانتهاكات ونشر التقارير والدراسات التي تكشف هذه الانتهاكات، وطرح توصيات لعدم تكرارها مرة أخرى، وإعلاء قيم حقوق الإنسان.
وصادرت أجهزة الأمن جريدة "وصلة" التي تصدرها الشبكة العربية، في عام 2014 من المطبعة، واعتقلت عامل المطبعة، وقامت بالاستيلاء على كل نسخ الجريدة ومواد الطباعة، بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.
ومنذ بداية عام 2017، بدأ نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرحلة جديدة في التضييق على المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني، بإحالة معظم الشخصيات الحقوقية التي يتم التحقيق معها في القضية المعروفة إعلامياً بـ"التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني" إلى نيابة مكافحة التهرب الضريبي التابعة للنيابة العامة، للتحقيق في اتهامات جديدة للمراكز الحقوقية بإخفاء أرباحها والمساعدات التي تتلقاها من الداخل والخارج، وممارسة أنشطة تجارية من دون تسجيل مسبق، ومن دون أداء الضرائب المستحقة عليها للدولة.
ووجهت النيابة العامة استدعاءات لمديري عدد من المراكز الحقوقية الذين تم التحفظ على أموالهم سلفاً بقرارات قضائية، وأنها واجهتهم بتقارير أعدّتها لجنة مشتركة من وزارة المالية ومصلحة الضرائب ووزارة التضامن ووحدة مكافحة غسل الأموال، تتهم أكثر من 20 مركزاً حقوقياً بالتهرب الضريبي، وبغسل الأموال. هذه الاتهامات لم يسبق أن وجّهتها هيئة التحقيق القضائية للمتهمين، ما يعني أنه في حالة ثبوتها في التحقيقات فسيكون المتهمون معرضين لعقوبات أكبر من تلك الخاصة باتهامات ممارسة نشاط أهلي من دون ترخيص أو تلقي أموال من الخارج من دون إخطار الجهات الإدارية المصرية.
وعلى خلفية قضية التمويل الأجنبي، تم منع عدد كبير من الحقوقيين من التصرف في أموالهم، كما تم منع العشرات من مغادرة مصر لوضعهم على قوائم الترقب.
وتُعتبر قرارات المنع من التصرف التي أصدرتها المحكمة مؤقتة لحين انتهاء التحقيقات، وليس لها علاقة بالعقوبات التي قد تُفرض على المتهمين في القضية، والتي قد تصل إلى السجن المؤبد نظراً لاتهام جميع النشطاء بخرق المادة 78 من قانون العقوبات.
وعدّل السيسي هذه المادة في سبتمبر/ أيلول 2014 لتعاقب بالسجن المؤبد وغرامة نصف مليون جنيه (نحو 29 ألف دولار) كل من "يطلب لنفسه أو لغيره أو قَبِل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية، أو ممن يعملون لمصلحتها، أو من شخص طبيعي أو اعتباري، أو من منظمة محلية أو أجنبية أو أية جهة أخرى لا تتبع دولة أجنبية ولا تعمل لصالحها، أموالاً سائلة أو منقولة أو عتاداً أو آلات أو أسلحة أو ذخائر أو ما في حكمها أو أشياء أخرى، أو وعد بشيء من ذلك بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية، أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام".
وهذا التعديل القانوني الذي أدخله السيسي على المادة 78 من قانون العقوبات، يوسّع جهات تمويل الجرائم ليشمل تلقي الأموال بقصد إضرار البلاد، سواء من الداخل أو الخارج. كما لم يعد الإضرار بأمن مصر يقتضي "ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية"، بل أصبحت الجريمة تتحقق بمجرد ارتكاب فعل يمكن تفسيره على أنه "مساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام".