المهاجر العربي.. بقرة حلوب

05 يوليو 2015
عودة سنوية لمغاربة الخارج في أفق عودة نهائية(Getty)
+ الخط -
ينظر عادة إلى الجاليات العربية في المهاجر، من قبل حكوماتها "الوطنية" على أنها مجرد بقرة حلوب بضرع كبير، لا تصلح إلا لاستجلاب العملة الصعبة، ولذلك فتوقعات ميزانيات هذه الحكومات، غالباً، ما تضع تحويلات هؤلاء الكادحين في بلاد الاغتراب ضمن عوائدها، وتعتبرها واجباً لا بد منه.
لكن، ماذا أعدّت هذه الحكومات لهؤلاء القادمين أو للذين يفكرون منهم في العودة لبدء مشروعات كبيرة أو صغيرة في الوطن "الأب/الأم" غير تنظيمات وهمية وجمعيات صفراء شكلية، والكثير من التوجّس والتلصّص والبوليسية، مخافة من ابن البلد الوافد، المتشبّع في الغرب بقيم المؤسسات والديمقراطية.
كفاءات كثيرة من مختلف التخصصات، أطباء ومهندسون ورجال مال وأعمال ورياضيون، نساء ورجال، أقدموا على مغامرة العودة، وكانت النتيجة، صدمة موجعة من واقع لم يتغيّر منذ عقود، عماده الرئيسي المحسوبية والزبونية والفساد الإداري والمكائد وشراك النصب والاحتيال.
بعضهم استطاع أن ينجو بنفسه، ويحزم حقائبه ويعود من حيث أتى، يأكل الندم نفسه، حامداً الله على السلامة. في حين استدرج آخرون إلى شراك سماسرة وأصحاب نفوذ، وكان أن انتهت حياتهم إلى الإفلاس أو إلى السجون.
اليوم، هناك حماس أقل وعدم ثقة في شفافية "الإدارة" في الوطن، ومهما كانت الضمانات التي تقدم لكفاءات الخارج، فإنها تظل محفوفة بالمخاطر، وغير واقعية، لأن لوبي الفساد المستشري يفوت على البلاد العربية فرص النمو.
أما تقارير منظمات الشفافية الدولية، فإنها ترسم صورة قاتمة عن واقع المسالك الاقتصادية والإدارية في أكثر من بلد عربي، وتبعث الخوف من الإقدام على مجازفة الاستثمار في مناخ لا ديمقراطي، لا يتيح الفرص للجميع، ويذهب في اتجاه تكريس صورة سوداء، تدفع المستثمر الأجنبي إلى الهروب، وتجعل ابن البلد في المهاجر ينكص على عقبيه عائداً إلى مغتربه، هناك حيث تنبت غصّة في الحلق، وسؤال يتسع بحجم المدى: لماذا يفعلون بك ذلك أيتها الأوطان المكسورة؟!
المساهمون