يعاني سكان مدينة الموصل التي تشهد حصاراً خانقاً منذ نحو 50 يوماً، مع استمرار العمليات العسكرية لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم "داعش"، مشاكل إنسانية جمّة لا تقتصر على القصف الجوي، الذي يودع السكان بسببه يومياً قافلة جديدة من الضحايا، بل تتجاوزه إلى شح الغذاء والدواء، وأخيراً الماء الصالح للشرب.
وأخرجت سلسلة الغارات الجوية محطات المياه والكهرباء عن الخدمة في ساحلي مدينة الموصل الجنوبي والشرقي.
ويعتمد أهالي المدينة على مشروعين رئيسين يوفران المياه، الأول يقع في منطقة شرق الموصل تسيطر عليه القوات العراقية، والثاني في الساحل الأيسر قرب كنيسة الحاوي وسط الموصل. وأدى توقف المشروع الثاني إلى توقف تزويد البيوت بالماء منذ نحو شهر كامل.
وبحسب مصادر محلية في المدينة، فإن السكان باتوا يلجؤون إلى نهر دجلة الذي يشطر المدينة إلى نصفين، أو على الآبار الحلوة التي تُحفر داخل الأحياء السكنية، وحدائق المنازل، ويستخدمونها للشرب والاستحمام وأغراض أخرى.
وبحسب السكان فإن أمراضاً جلدية، وأخرى في المعدة تصيب السكان جراء ذلك، وسط عجز عن إيجاد البديل.
وقال رئيس جمعية "الموصل أولاً"، الدكتور سعد أحمد، خلال زيارة له إلى محور خازر شرق الموصل: "إن أكثر من 650 ألف مدني يعانون داخل الموصل ليس من القصف فقط، بل من شح الغذاء والدواء وأخيراً المياه".
وبيّن أن" القوات العراقية لا تبذل جهداً في تشغيل المحطة التي تسيطر عليها حتى توفر الماء لسكان الموصل، وتتذرع بحجج واهية، بعضهم يعتبرها مساعدة لداعش، لكن الحقيقة أن هناك مئات الآلاف يعانون وخاصة الأطفال".
وقال مواطن من سكان الجانب الأيمن من الموصل لـ "العربي الجديد" عبر "سكايب"، إن "كثيرين لجأوا إلى غلي المياه التي يجلبونها من دجلة، لكن الآن لا يوجد لدينا غاز، والجو بارد لذا يكون غلي الماء لتعقيمه ترفاً واضحاً".
ويضيف "مشكلة المياه من جملة مشاكل نعاني منها، أولها أننا في كل يوم نقول هذه الليلة سنموت لكن يأتي الصباح ونحن أحياء، صار الموت لدينا أمراً عادياً، فانتظاره أصعب بكثير من ملاقاته" وفقاً لقوله.
وعلى خط الوجع الموصلي ذاته، والذي يصفه أحد وجهاء الموصل، محمد عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد" بالقول "أسواق المدينة خالية، والرجال يخرجون عندما يهدأ القصف فلا يجدون شيئاً لعيالهم"، مطالباً "داعش" بالتحلي بقليل من "الآدمية"، وفتح معابر للسكان، وعدم حبسهم، واتخاذهم دروعاً بشرية لهم.