قبل فترة، ناشد العديد من أهالي مدينة الموصل الحكومتَين المركزية والمحلية، وحكومة إقليم كردستان، وقوات التحالف الدولي، بتوخي الحذر خلال قصف أهداف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" جواً وبراً، تجنباً لوقوع المزيد من الخسائر في الأرواح أو الإصابات، وخصوصاً مع ازدياد وتيرتها خلال الأيام الماضية.
وفي وقت طالب خبراء أمنيون في محافظة نينوى الجهات المعنية بوضع خطط كفيلة لتجنيب المدنيين الأضرار الناتجة عن الأعمال العسكرية قدر الإمكان، أكدت مصادر أمنية أن القصف الجوي والمدفعي يستهدف مواقع التنظيم داخل الموصل فقط.
في السياق، قال المواطن أبو ذنون، أحد المتضررين جراء القصف: "نشهد هذه الأيام تصعيداً على مستوى الضربات الجوية لطائرات التحالف التي تصيب مواقع ومقرات داعش. لكن الكثير من هذه الأهداف يقع في مناطق وأحياء سكنية. عندما تقصف هذه الأهداف، يتضرر الأهالي الذين يسكنون فيها، وخصوصاً البيوت والمحال والممتلكات. ومع بدء القصف المدفعي للموصل، سقطت بعض قذائف الهاون على البيوت السكنية، ولم يسلم منزلي في حي القاهرة".
من جهتها، طالبت أم حسين الحكومة المركزية وإقليم كردستان وقوات التحالف الدولي وحكومة محافظة نينوى المحلية، بعدم قصف الأحياء السكنية والمدنيين الأبرياء، الذين تتعرض ممتلكاتهم لأضرار أيضاً. أضافت أن "المواطنين يعانون الأمرين بسبب الحصار الذي تفرضه الحكومة عليهم منذ أشهر من جهة، وحكم داعش من جهة أخرى".
في المقابل، رأى خبراء في المجالين الأمني والعسكري أنه لم تتحقق النتائج المرجوة جراء قصف المدن المأهولة بالسكان بواسطة الطائرات والمدفعية، لافتين إلى أنها ستؤدي إلى سقوط قتلى بين صفوف المدنيين.
في السياق، قال أحد الضباط المتقاعدين في الجيش العراقي السابق، والذي رفض الكشف عن اسمه، إن قصف مدينة الموصل بالمدفعية في الوقت الحالي، لن يحقق أي نتائج، لأن هذا النوع من القتال يستخدم بين طرفي النزاع في جبهات قتال مفتوحة ومكشوفة على الأرض، وليس داخل المدن.
أضاف أن "استمرار قصف الموصل بهذه الطريقة سيوقع خسائر بين المدنيين الذين يستغلهم عناصر داعش، وخصوصاً بعد تغيير مواقعه، ومنعه سفر ومغادرة المواطنين من الموصل، وتمويه وتضليل الطائرات التي تقوم بقصف المدينة". وطالب القوات العراقية والبيشمركة والتحالف الدولي بوضع خطط عسكرية دقيقة ومناسبة لقتال الشوارع في المدن، وحماية المواطنين.
في السياق، لفت الباحث الاجتماعي محمد سعيد إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار وضع أهالي الموصل، قبل الاستمرار بقصف المدينة جواً وبراً، وخصوصاً في ظل ما يعانونه من خوف. برأيه، قد يؤدي استمرار القصف إلى خلق حالة من السخط على الحكومة لاستهدافها سكان المدينة، وخصوصاً أن عناصر التنظيم موجودة بين المدنيين. وأشار إلى دعوات أطلقها شباب المدينة على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب المعنيين بالتوقف عن قصف المدينة فوراً، وارسال القوات البرية لتحريرها من سيطرة داعش، علماً أن غالبية الشباب على استعداد لاستقبال هذه القوات والقتال إلى جانبها، على حد قوله.
وكانت مصادر أمنية قد تحدثت عن استهداف لمواقع تنظيم "داعش" في الموصل، ما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في صفوفه. وأشار مصدر رفض الكشف عن اسمه إلى تحرير منطقة مفرق الكسك (30 كلم غرب الموصل)، والتي تعد نقطة التقاء بين الموصل وربيعة وتلعفر والكسك، ما يعني قطع طريق الإمداد عن عناصر داعش في تلعفر وسنجار. أضاف أن مدينة الموصل تعرضت لقصف عنيف خلال الفترة الماضية في أحياء ومناطق متفرقة في الشرق، منها المثنى والقاهرة والشلالات والعربي وبايبوخت، مؤكداً مقتل 350 عنصراً بالإضافة إلى عشرات الجرحى.
كذلك، أشار مصدر أمني محلي في محافظة نينوى إلى تضرر مصفاة للمياه في منطقة مشيرفة غرب الموصل، أثناء قصف طائرات التحالف الدولي مواقع لـ"داعش"، ما أدى إلى تسرب غاز الكلور وانتشار رائحة قوية في المنطقة والأحياء القريبة منها، ما دفع العديد من المواطنين إلى النزوح نحو أحياء بعيدة. فيما أكد محافظ نينوى أثيل النجيفي أن إحدى قذائف مدفعية مقاومة الطائرات نوع 57 التي أطلقها داعش سقطت على ثلاثة أنابيب فارغة لغاز الكلور، ما أدى إلى تسربه وانتشار الرائحة، نافياً حدوث حالات تسمم أو وفاة بين المواطنين. وأضاف أن هذه الأخبار هي مجرد إشاعات أطلقها التنظيم.