الموصل بين داعش والحكومة
وفي إحصائية قامت بها منظمة محلية بشأن عدد سكان المدينة الذين يعملون مع التنظيم، حيث أظهرت الإحصائية أن حوالي أربعين إلى خمسين شخصاً يبايعون التنظيم يومياً، ويعملون في صفوفه، إما لأنهم تأثروا عقائدياً بفكر التنظيم ونهجه، أو انهارت حالتهم اﻻقتصادية وأرغموا على العمل مع التنظيم من أجل كسب قوت يومهم، أي أن حوالي عشرين ألف شخص على الأقل يعمل مع التنظيم سنوياً. وهذه النسبة العالية تجعل التنظيم حياً في هذه المدينة، وقادراً على المقاومة والمطاولة والبقاء.
من الناحية الاقتصادية، لا شك أن الموصل مدينة غنية بالثروات، أهمها النفط والغاز الموجود بوفرة في شمال وجنوب غرب المدينة، كما توجد فيها أكبر شركة لإنتاج الكبريت في العالم، فضلاً عن مصنع للألبسة والنسيج ومصنع إنتاج السكر، كما أنها المحافظة الأولى لإنتاج القمح على مستوى العراق، وتنتج كميات كبيرة من البقوليات والخضروات، بفضل نهر دجلة الذي يشطر المدينة إلى نصفين ووفرة الأراضي السهلية الخصبة فيها.
جميع هذه الثروات تجعل المدينة مكتفية ذاتياً، على الأقل في تمويل نفسها غذائياً واقتصادياً، كما تجعل تنظيم الدولة قوياً بما فيه الكفاية، وتزيح عن كاهله توفير المستلزمات الأساسية في الحياة لأهالي المدينة، من مياه صحية ومواد غذائية ومحروقات، باعتبارها متوفرة بشكل كبير في المدينة.
وفي المقابل، تحاول الحكومة العراقية إنعاش جسد يحتضر من خلال إطلاق فقاعات عبر وسائل الإعلام المختلفة أن اﻻستعدادات العسكرية لمعركة تحرير الموصل قد اكتملت، وإنها بانتظار ساعة الصفر لبدء الهجوم، وتدعو أهالي المدينة للتعاون مع القوات المسلحة العراقية في محاولة منها لإبقاء أهالي المدينة على تواصل مع الحكومة حتى ﻻ يقطعوا الأمل ويعتبروا وجود التنظيم تحصيل حاصل، ومن ثم تتحول الموصل بأكملها إلى داعش، وربما هذه المحاولات لن تكون مجدية في المستقبل القريب، كما أن ما قامت به المليشيات الشيعية في ديالى وتكريت قد أرعب أهالي الموصل، وجعلهم يتوجسون من هذه القوات، وعزز موقف تنظيم الدولة في المدينة.