"الوضع معدم والشتاء يعجّل موتنا".. هكذا يصف نازحو سورية في مخيمات البقاع (لبنان) حالهم، مع اقتراب فصل الشتاء. وتراهم يلملمون أغصان الشجر ويشعلونها في مواقد تقليديّة، للحصول على قسط بسيط من الدفء. إلى ذلك، تراهم ينتظرون أمام أبواب الجمعيات ومكاتب الخدمات الاجتماعيّة التابعة للأمم المتحدة، للتقدّم بطلبات من أجل الحصول على مادة المازوت التي قد تساعدهم على مواجهة الصقيع المتوقّع.
هنا في إحدى الخيم، تفرك هانية الصغيرة يدَيها بالقرب من وعاء مياه تغلي، علّهما تدفأان. وببراءة أعوامها الخمسة، تعبّر عن شعورها بالبرد ورغبتها بالنوم على فرشة مريحة، بعيداً عن القطط والفئران. فتقول: "بردانة وبدّي سرير". وتبتعد عن النار خوفاً من أن تحرق يدَيها الصغيرتَين، وتجلس على الأرض تنتظر والدها.. المتوفي. هي لا تملّ من طرح الأسئلة حول اختفائه.
ووالد هانية، كان قد قتل العام الماضي بصاروخ طيران سقط في القلمون، في خلال عمله في الزراعة. هو كان يقطف ما يلزمه من الأرض لإطعام أولاده الخمسة.
تروي خالة الصغيرة: "هربنا من بؤس الحرب، فاستقبلنا بؤس التشرّد والتهجير في بلد غريب لا أمان فيه. في الصيف نستخدم الورق للتهوية، وفي الشتاء نبحث عن أكياس نايلون لنسدّ بها الثغرات في شادر الخيمة، علنا نمنع مياه الأمطار من اختراق الجدران الخشبيّة لغرفتنا الصغيرة". تضيف: "كذلك نستخدم الحجارة لتثبيت زوايا الخيمة في الأرض. أما ثياب الأطفال، فلكل واحد غياران. نلبسه الأوّل ونخبّئ الثاني للضرورة".
وتشكو الخالة من قلّة ما يملكون. وتؤكّد على أن "ما من أحد قدّم لنا أي مساعدات لاستقبال الشتاء بشيء من التمكّن والراحة. ولا مال لدينا لشراء المازوت".
تضيف أن "المستوصفات في البقاع أبلغتنا قبل شهريَن بتوقفها عن تقديم الخدمات الاجتماعيّة للنازحين السوريّين، وبالتالي أصبح العلاج الطبي لقاء بدل". وتتابع: "قنينة شراب الأطفال سعرها 15 ألف ليرة لبنانيّة. ابنتي الصغيرة تعاني من الإسهال وسعر الدواء ثمانية آلاف ليرة، ولا قدرة لي على شرائه لمعالجتها".
في الخيمة المجاورة، طفلة ترقص من الفرح بعدما وضع والداها "الصوبيا" للتدفئة. تنادي على هانية لتخبرها بأنهما اشتريا لها لعبة جديدة للتدفئة. ترفض هانية تلبية الدعوة، وتؤكّد لها أن والدها (المتوفّي) اتصل بها وأخبرها بقدومه حاملاً معه لباس الشتاء وصوبيا جديدة بلون فضيّ جميل.
في مخيّم اللاجئين المجاور، ستون عائلة تنتظر المساعدات التي وعدت بها قبل شهور، والتي لم تحصل على أي منها حتى اليوم.
عبد الكريم، ربّ عائلة مؤلفة من ثمانية أفراد. يقول: "نعيش من الزراعة. فنجمع المبلغ الزهيد الذي نتقاضاه ونشتري به البرغل والخبز ومياه الشرب التي يتعدّى سعر الخزان الواحد منها 20 ألف ليرة. ويعلو صوت شقيقته الصغيرة جميلة التي تتذمّر قائلة: "أكره الفئران لأنها تأكل خبزنا. لماذا لا يعطوننا غرفاً جيدة مثل تلك التي كنا نعيش فيها في سورية؟".
قصص النازحين في المخيمات، تتشابه. فجميع هؤلاء يتشاركون الهموم والمعاناة ذاتها. رحاب مثلاً، أمّ لتسعة أطفال. تتمنّى الموت على رؤية أولادها يعانون من الأمراض، ويتألمون من دون أن تتمكّن من مساعدتهم. تقول: "ابنتي تعاني من الشلل ومن التهاب حاد في القصبات الهوائيّة. وهي بحاجة إلى علاج مستمرّ، خصوصاً مع نوبات الربو التي تصيبها"، علماً أن هذه النوبات تزداد حدّتها في البرد.
أما زوج رحاب، فيقضي وقته على رصيف طريق المخيّم، في انتظار أن يقصده أحدهم لتسليمه ورشة بناء أو دهان. يقول: "برد الشتاء لا يرحم. فتركيب الصوبيا يكلف 50 دولاراً أميركياً، ما عدا سعر المازوت الذي لا إمكانيّة لديّ على تحمّله".
وتستذكر رحاب فصل الشتاء الماضي عندما "سقطت الخيم فوق رؤوسنا وطافت المياه علينا، ولم يسأل أحد عن أحوالنا، باستثناء صاحب أحد المعامل المجاورة الذي أعطانا اللبِنات لإعادة إعمار ما قضت عليه الأمطار.
هنا في إحدى الخيم، تفرك هانية الصغيرة يدَيها بالقرب من وعاء مياه تغلي، علّهما تدفأان. وببراءة أعوامها الخمسة، تعبّر عن شعورها بالبرد ورغبتها بالنوم على فرشة مريحة، بعيداً عن القطط والفئران. فتقول: "بردانة وبدّي سرير". وتبتعد عن النار خوفاً من أن تحرق يدَيها الصغيرتَين، وتجلس على الأرض تنتظر والدها.. المتوفي. هي لا تملّ من طرح الأسئلة حول اختفائه.
ووالد هانية، كان قد قتل العام الماضي بصاروخ طيران سقط في القلمون، في خلال عمله في الزراعة. هو كان يقطف ما يلزمه من الأرض لإطعام أولاده الخمسة.
تروي خالة الصغيرة: "هربنا من بؤس الحرب، فاستقبلنا بؤس التشرّد والتهجير في بلد غريب لا أمان فيه. في الصيف نستخدم الورق للتهوية، وفي الشتاء نبحث عن أكياس نايلون لنسدّ بها الثغرات في شادر الخيمة، علنا نمنع مياه الأمطار من اختراق الجدران الخشبيّة لغرفتنا الصغيرة". تضيف: "كذلك نستخدم الحجارة لتثبيت زوايا الخيمة في الأرض. أما ثياب الأطفال، فلكل واحد غياران. نلبسه الأوّل ونخبّئ الثاني للضرورة".
وتشكو الخالة من قلّة ما يملكون. وتؤكّد على أن "ما من أحد قدّم لنا أي مساعدات لاستقبال الشتاء بشيء من التمكّن والراحة. ولا مال لدينا لشراء المازوت".
تضيف أن "المستوصفات في البقاع أبلغتنا قبل شهريَن بتوقفها عن تقديم الخدمات الاجتماعيّة للنازحين السوريّين، وبالتالي أصبح العلاج الطبي لقاء بدل". وتتابع: "قنينة شراب الأطفال سعرها 15 ألف ليرة لبنانيّة. ابنتي الصغيرة تعاني من الإسهال وسعر الدواء ثمانية آلاف ليرة، ولا قدرة لي على شرائه لمعالجتها".
في الخيمة المجاورة، طفلة ترقص من الفرح بعدما وضع والداها "الصوبيا" للتدفئة. تنادي على هانية لتخبرها بأنهما اشتريا لها لعبة جديدة للتدفئة. ترفض هانية تلبية الدعوة، وتؤكّد لها أن والدها (المتوفّي) اتصل بها وأخبرها بقدومه حاملاً معه لباس الشتاء وصوبيا جديدة بلون فضيّ جميل.
في مخيّم اللاجئين المجاور، ستون عائلة تنتظر المساعدات التي وعدت بها قبل شهور، والتي لم تحصل على أي منها حتى اليوم.
عبد الكريم، ربّ عائلة مؤلفة من ثمانية أفراد. يقول: "نعيش من الزراعة. فنجمع المبلغ الزهيد الذي نتقاضاه ونشتري به البرغل والخبز ومياه الشرب التي يتعدّى سعر الخزان الواحد منها 20 ألف ليرة. ويعلو صوت شقيقته الصغيرة جميلة التي تتذمّر قائلة: "أكره الفئران لأنها تأكل خبزنا. لماذا لا يعطوننا غرفاً جيدة مثل تلك التي كنا نعيش فيها في سورية؟".
قصص النازحين في المخيمات، تتشابه. فجميع هؤلاء يتشاركون الهموم والمعاناة ذاتها. رحاب مثلاً، أمّ لتسعة أطفال. تتمنّى الموت على رؤية أولادها يعانون من الأمراض، ويتألمون من دون أن تتمكّن من مساعدتهم. تقول: "ابنتي تعاني من الشلل ومن التهاب حاد في القصبات الهوائيّة. وهي بحاجة إلى علاج مستمرّ، خصوصاً مع نوبات الربو التي تصيبها"، علماً أن هذه النوبات تزداد حدّتها في البرد.
أما زوج رحاب، فيقضي وقته على رصيف طريق المخيّم، في انتظار أن يقصده أحدهم لتسليمه ورشة بناء أو دهان. يقول: "برد الشتاء لا يرحم. فتركيب الصوبيا يكلف 50 دولاراً أميركياً، ما عدا سعر المازوت الذي لا إمكانيّة لديّ على تحمّله".
وتستذكر رحاب فصل الشتاء الماضي عندما "سقطت الخيم فوق رؤوسنا وطافت المياه علينا، ولم يسأل أحد عن أحوالنا، باستثناء صاحب أحد المعامل المجاورة الذي أعطانا اللبِنات لإعادة إعمار ما قضت عليه الأمطار.