شارك المئات في حفل استقبال الأسير المحرر أمير مخول ابن قرية مخول البقيعة، من فلسطينيي الداخل والقوى الوطنية والأحزاب السياسية وممثلي الحركة الأسيرة. ونظم الحفل في قاعة كنيسة سيدة الجليل بالقرية كل من اللجنة الشعبية للدفاع عن أمير مخول، ولجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل والعائلة. وقدمت فقرة فنية للفنانة أمل مرقص.
وفي حديث لـ"العربي الجديد" قال أمير مخول: "اليوم اكتشف بعدا جديدا للحرية، وهو أبعد من الخروج من السجن فالحرية هي الناس الطيبة، أرض الوطن هي الوطن بأهله، هذا ما يشعره كل أسير وأسيرة محررين. السجن هو انقطاع كامل عن كل شيء هو مسعى لتقطيع أوصال الأسرى بينهم وبين شعبهم. فاليوم عمليا ما كنت أحاول أن أدركه أو أراه من خلال اجتهادي في داخل السجن أراه على أرض الواقع بأن الحرية هي الخروج إلى الناس".
وأضاف مخول "لا وطن إلا بأهله هذه هي الحرية. تركت رفاقي في الأسر يقفون ويرونني أغادرهم وقلبي يتقطع ألما وحسرة. كانت لحظة صعبة أنا أخرج إلى الحرية وأترك خلفي المحكومين بالمؤبدات وأمضوا عشرات السنين إلى الآن، وما زالوا يصارعون على بعض الأمل. دوري اليوم هو تعزيز هذا الأمل بشكل واقعي بالحملات الدولية والعمل الجماهيري والمساندة لإخراجهم من هذه الورطة".
وعن أسرى 48 قال أمير مخول: "هناك استحقاق دائما نتحدث عنه وهو الأسرى القدامى الذين تجاوزتهم كل الاتفاقيات والحلول وكل الصفقات، وهم اليوم استحقاق على شعبنا وقيادة شعبنا. لا أقول إن أحداً مقصر عن سوء نية، لكن لا يكفي أن نقول لا نستطيع. نحن نستطيع ولدينا قدرات".
وأضاف "حاولت الإسهام كثيراً في حالة الحركة الأسيرة وتعزيز الخطاب الحقوقي، وتطوير المطالب الدولية والتضامن الدولي، إذ أصبح لنا شركاء في كل العالم يتواصلون معنا باستمرار عبر الرسائل. هذا أتركه ورائي، لكن هناك رسائل سأوصلها إلى القيادة الفلسطينية أو الجماهير العربية في الداخل، وهم أفضل من يستجيب لندائنا ونداء غزة ونداء اللاجئين، والأسرى يعولون على ذلك".
من جهتها، قالت جنان مخول زوجة الأسير: "تسع سنوات لم تكن سهلة بكل تفاصيلها اليومية. لكننا منذ البداية كنا واقعيين وتعاملنا بأن الأسر مرحلة نريد أن نتخطاها. ليس بالبكاء والاختباء في البيت. بل نحن نقاوم بالحياة ونقاوم بالحب، ونحاول قدر المستطاع أن نستمر في حياتنا ندرس ونتعلم ونعمل ونحضر حفلات فهذا يقوينا. وبنفس الوقت نتواصل مع أمير ونحدثه عن نجاحاتنا، وبأننا قادرون على الاستمرار".
وتابعت "كان أمير يراني ويرى البنات في موقف قوة فيشعر بأنه أقوى. والشيء نفسه بالنسبة لنا عندما نراه صامداً وقوياً مستمراً في الحياة وينظم وقته ويقرأ ويكتب. فترة صعبة فقدت خلال سنوات اعتقاله والدينا".
وافتتح حفل الاستقبال عصام مخول شقيق الأسير المحرر، وقال: "هذا الكم من الحرية الذي يطغى على هذه القاعة اليوم هو الدليل القاطع على أن سجون الظلم والاضطهاد تعج بالأحرار وبالحرية. وهذا اللقاء غامر وسط هذا الحب الكبير الذي يجمعنا بهذا الأمير الحر".
أما محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة، فقال: "هذا الملف طال مع إسرائيل وحكومتها الظلامية، كان يجب ان يكون الأسرى ما قبل أوسلو على الأقل في فضاء الحرية. لكن حكومات إسرائيل المتعاقبة تتعامل بطريقة انتقامية خلافا للاتفاقيات الموقعة. أمير مخول الذي نعتز بوجوده بيننا سيشكل بالضرورة إضافة حقيقية لكل معركة الأسرى ومن أجل حريتهم. وملف أسرى 48 سيبقى مفتوحا حتى يصبحوا بيننا".
وكان الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية المحظورة، ورئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا للفلسطينيين في الداخل، في استقبال الأسير المحرر أمير مخول عند باب معتقل الجلبوع، بمرافقة عضو لجنة الحريات قدري أبو واصل.
وعرف الناشط الفلسطيني أمير مخول بنشاطه السياسي منذ أيام الدراسة الجامعية في ثمانينيات القرن الماضي، وكان من رؤساء الحركة الطلابية في الجامعات، ثم نشط في القائمة التقدمية للسلام والمساواة.
وأسس لاحقا في أواسط التسعينيات منظمة "اتجاه"، وهي اتحاد للجمعيات الأهلية وجمعيات المجتمع المدني في الداخل الفلسطيني. ونشط مخول أيضا في المؤتمرات والندوات الدولية للتعريف بأوضاع الفلسطينيين في الداخل، والدفاع عن حقوقهم، وتعرية سياسات التمييز العنصري لدولة الاحتلال، وشغل منصب رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل إلى أن تم اعتقاله.
اعتقل أمير مخول عام 2010 بعد منعه من مغادرة البلاد، ولفق له الاحتلال تهما أمنية بالاتصال بحزب الله والتجسس لصالحه. وجاء تلفيق الملف الأمني في سياق سياسة الاحتلال في تلك السنوات بتضييق الخناق على النشطاء الفلسطينيين من الداخل وتجريم أي اتصال بينهم وبين أفراد وجمعيات من الوطن العربي.
وأصدرت المحكمة المركزية في حيفا يوم 2011/1/30 حكمها على مدير "اتحاد الجمعيات الأهلية -اتجاه"، أمير مخول، بالسجن الفعلي مدة 9 سنوات، وسنة إضافية مع وقف التنفيذ.