بعد استقدامه لآلاف العناصر الشيعية من إيران خلال الأيام القليلة الماضية من مطاري دمشق وجبلة، بدأ النظام السوري بنشر هذه القوات في المناطق التي يتوقّع قدوم الخطر منها، لتكون بمثابة الخزان البشري لتأمين خطوط الإمداد في المعركة المقبلة، خصوصاً أن الانسحاب أضحى سمة جيش النظام في المعارك الأخيرة مع قوات المعارضة السورية.
وأفاد مدير مركز حماة الإعلامي يزن شهداوي لـ "العربي الجديد"، بأن "قوات النظام نشرت مقاتلين من إيران وأفغانستان والعراق حول مدينة حماة لجهة مطار حماة العسكري غرباً، وقرية قمحانة بريف حماة الشمالي"، لافتاً إلى أن ذلك جاء "بعد أنباء عن بدء الثوار لعمليات عسكرية في ريف حماة".
ويبدو أن قوات النظام تسعى إلى تأمين مدينة حماة بتأمين المطار العسكري جهة الغرب، وقرية قمحانة جهة الشمال، لصد هجوم للمعارضة سيكون إما من جهة الجنوب أو الجنوب الغربي. وكان مطار حماة العسكري الهدف الأبرز لقوات المعارضة في وقت سابق، إلا أن معارك عدة لم تنجح في اقتحامه، واكتفت بتعطيل مركز القيادة.
ويُعدّ المطار، أحد أهم مراكز النظام في سورية، ومرتكزاً عسكرياً له في المنطقة الوسطى لمحافظتي حماة وحمص. كما أنّه يُعدّ المركز الأول لصنع البراميل المتفجرة في سورية، والمسؤول عن قصف عشرات المدن السورية في حماة وحمص وإدلب، في حين أن قرية قمحانة تتوسط عدة قرى كبيرة موالية للنظام، وتعتبر صمام أمان للنظام في ريف حماة الشمالي.
في سياق متصل، أشار شهداوي إلى أن "مكان تمركز تلك القوات أصبح في قرية دير شميل بريف حماة، أحد أهم وأكبر معاقل النظام في سورية، ويحوي بداخله معملاً للبراميل المتفجرة، بالإضافة إلى سجن كبير للمعتقلين السوريين".
ومن الواضح أن قوات النظام عمدت إلى نشر المقاتلين الجدد في قرية دير شميل التي تتوسط الجهتين الشمالية والغربية لمحافظة حماة، لتجنّب الخطر المقبل إما من ريف حماة الشمالي باتجاه المطار أو المدينة، أو من ريف حماة الغربي باتجاه سهل الغاب.
وتأتي هذه المخاوف بعد الانتصارات العديدة التي حققها مقاتلو "جيش الفتح" في إدلب، إذ انهارت خطوط الدفاع الرئيسية لقوات النظام مع سقوط مدينة جسر الشغور، وبلدة محمبل، والتي كانت آخر خط دفاع لهذه القوات عن القرى الموالية له في سهل الغاب بريف حماة والساحل السوري.
اقرأ أيضاً: موسم عودة المليشيات الإيرانية لنجدة الأسد
وتتهيأ قوات المعارضة في هذه الآونة لفتح معركة كبرى ستكون وجهتها سهل الغاب، دخولاً إلى جورين ومن ثم إلى وسط ريف حماة أو قمة النبي يونس الاستراتيجية من أقصى الجهة الغربية للساحل السوري.
وذكرت مصادر قيادية في "الفرقة الساحلية الأولى" (التشكيل الأقوى حالياً في ريف اللاذقية التابع للجيش الحر) عن "توفر معلومات لديها عن جاهزية ألف مقاتل، معظمهم عراقيون سيزج بهم النظام قريباً في قمة النبي يونس محور جبل الأكراد".
وأشارت هذه المصادر، التي فضّلت عدم ذكر اسمها لـ "العربي الجديد"، إلى "أن مقاتلي الفرقة لمسوا الوجود الفعلي للمليشيات الشيعية خلال المعركة الأخيرة التي سيطرت خلالها المعارضة على قرية جب الأحمر، إذ سُمعت من خلال أجهزة اللاسلكي أصوات مقاتلين يتحدثون باللهجة العراقية، في حين يتحدث آخرون بلغة يُرجح أنها فارسية أو دارية".
ويأتي ذلك بعد أيام قليلة على نشر "العربي الجديد" تقريراً عن قدوم آلاف المقاتلين من إيران، إذ وصل إلى مطار جبلة في ريف اللاذقية، ثلاثة آلاف مقاتل، معظمهم أفغان وعراقيون، أرسلوا عبر جسر جوي مباشر من إيران إلى المطار العسكري في ريف اللاذقية.
كما وصل المئات من عناصر مليشيات "لواء أبو الفضل العباس" وحركة "النجباء" العراقيتين، و"جيش الفاطميين" الأفغانية وقوات خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني، إلى العاصمة السورية عبر رحلات جوية يومية هبطت في مطار دمشق الدولي، لتستقبل القادمين حافلات خصصتها قوات النظام في دمشق، لنقلهم إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين جنوب شرق العاصمة السورية.
من جهة ثانية، دان نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري مصطفى أوسو، الحملة التي تهدف إلى جمع الأموال في بعض المحافظات العراقية "لدعم المليشيات الطائفية التي تساند نظام الأسد في قمع الثورة السورية"، قائلاً إن "الحكومة العراقية لا تزال مستمرة في تدخّلها السافر في سورية عبر مليشياتها الداعمة للنظام الأسدي".
واعتبر أوسو أن موافقة الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي على الحملة، التي جاءت تحت اسم "سورية والعراق جبهة واحدة"، والتي تهدف إلى جمع 10 ملايين دولار لمساندة المليشيات الطائفية التي تقاتل إلى جانب النظام الأسدي، بالأمر اللامقبول وغير الأخلاقي، ويسيء إلى علاقة الشعبين الشقيقين في كل من سورية والعراق.
واستهجن نائب رئيس الائتلاف، موقف القيادي في حزب "الفضيلة" العراقي محمد الزبيدي، الذي صرّح لوسائل الإعلام بأن هناك أكثر من 9 آلاف مقاتل عراقي في سورية يقاتلون إلى جانب نظام الأسد، والذي وصفه الزبيدي بـ "النظام الشرعي وعليهم دعمه".
اقرأ أيضاً: إيران تحشد في دمشق والساحل السوري