استأنفت طائرات النظام، اليوم الجمعة، غاراتها على قرى وبلدات درعا، وذلك بعد انتهاء الهدنة التي توصلت إليها روسيا مع فصائل المعارضة السورية الليلة الماضية، فيما يستمر تدفق المزيد من النازحين إلى المناطق الحدودية مع الأردن وفلسطين المحتلة هربا من عمليات القصف الكثيفة.
استئناف القصف
وشنت طائرات النظام، اليوم الجمعة، غارات عدة على قرى وبلدات درعا، وذلك بعد انتهاء الهدنة التي توصلت إليها روسيا مع فصائل المعارضة السورية الليلة الماضية لمدة 12 ساعة.
وقالت مصادر محلية إن مروحيات النظام ألقت براميل متفجرة على كل من درعا البلد وبلدة كحيل ومدينة نوى، كما شنت طائرات النظام غارات على بلدة كحيل بريف درعا الشرقي.
كما شنت الطائرات الحربية غارات على بلدتي طفس ونوى، بريف درعا الشمالي الغربي، بالتزامن مع دوي انفجارات ناجمة عن قصف على مناطق أخرى في الريف الشرقي لدرعا.
ودارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل المعارضة إثر هجوم من قبل الأخيرة على منطقة تل حمد بغرب بلدة الشيخ مسكين، في محاولة لتحقيق تقدم على حساب قوات النظام وإشغالها عن جبهة الريف الشرقي. وترافقت الاشتباكات مع استهدافات متبادلة على محاور القتال بين الطرفين.
من جهتها، قالت "غرفة العمليات المركزية في الجنوب" في حسابها على "تويتر"، إن وحدات الإسناد الناري في غرفة عمليات "صد الغزاة" دمرت دبابة ثانية لقوات النظام في منطقة الزمل، غرب درعا، وذلك بعد استهدافها بصاروخ تاو مضاد للدروع خلال التصدي لمحاولة تقدم تلك القوات.
وأوضحت الغرفة أن قوات عمليات "البنيان المرصوص" وعمليات "صد الغزاة" تخوض معارك قوية لصد "محاولة تقدم لمليشيات الأسد وإيران باتجاه القاعدة الجوية، غربي درعا البلد، في ظل قصف مدفعي وصاروخي عنيف".
وكانت فصائل الجيش السوري الحر قد أعلنت، في وقت سابق، أنها تصدت لمحاولات تقدم جديدة من جانب قوات النظام باتجاه قاعدة الدفاع الجوي، غربي مدينة درعا، وتمكنت من محاصرة إحدى مجموعاتها وقتلت جميع عناصرها، وأسرت عنصرا ودمرت عربة جنود.
كذلك، استهدفت وحدات المدفعية والصواريخ مواقع قوات النظام في منطقة البانوراما بصاروخ "عمر 2"، وتبع ذلك سماع أصوات سيارات الإسعاف في المكان.
وتمكنت قوات النظام، أمس، من السيطرة على بلدة الحراك في ريف درعا الشرقي، بعد معارك مع الفصائل المسلحة، إضافة إلى قريتي علما والصورة في الريف الجنوبي الشرقي.
نازحون
إلى ذلك، يستمر تدفق النازحين إلى المناطق الحدودية مع الأردن وفلسطين المحتلة هاربين من عمليات القصف الكثيفة التي تشنها قوات النظام السوري على مناطقهم وقراهم في محافظة درعا، جنوبي غرب سورية.
وقالت مصادر محلية متطابقة إن أكثر من 120 ألف نازح يهيمون على وجوههم هرباً من قصف قوات النظام السوري، بعد عشرة أيام من بدء عملياتها العسكرية في المحافظة، خاصة من بلدات الريف الشرقي لدرعا، والذي بات تقريباً خالياً من المدنيين، حيث نزح عشرات الآلاف إلى الحدود السورية – الأردنية.
ولجأ بعض النازحين إلى مناطق سيطرة "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش" في حوض اليرموك بريف درعا الغربي، عند الحدود مع الجولان السوري المحتل، في حين نزح آخرون إلى مناطق سيطرة قوات النظام بعدما فتحت الأخيرة معبرين و3 مراكز إيواء في ريفي درعا الشمالي والشمالي الغربي.
أما المدنيون في الريفين الغربي والشمالي الغربي لدرعا، فقد نزحوا إلى الحدود مع الجولان المحتل في ريف محافظة القنيطرة.
وأوضحت المصادر أن عمليات القصف الجوي والمدفعي التي قام بها النظام، أمس، على الريف الغربي، وخاصة مدينة نوى، تسببت في موجة نزوح شملت آلاف المدنيين.
وفي السياق، توفي خمسة أطفال نازحين بريف درعا الشرقي، الخميس، نتيجة عدم توافر المواد الطبية اللازمة لإسعافهم.
وقال ناشطون إن الأطفال تعرضوا للدغات عقارب في السهول المحيطة ببلدة الطيبة، شرقي درعا، على الحدود السورية الأردنية.
الأردن متمسك بإغلاق الحدود
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن عدد اللاجئين وصل إلى الحد الأقصى الذي يمكن لبلاده استقباله، معتبراً أن الأمم المتحدة باتت تستطيع العمل داخل سورية لحل الأزمة، ومؤكداً أنّ بلاده تبذل جهوداً للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في جنوب سورية.
وقال الصفدي، في مؤتمر صحافي عقب لقائه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم الجمعة: "وضعت الأمين العام في صورة جهود المملكة مع جميع الأطراف لوقف النار، وضمان حماية المدنيين، وأيضاً ضمان تقديم كل الدعم الممكن لأشقائنا السوريين في بلدهم وعلى أرضهم".
وأضاف أنّ "الوضع صعب كما تعلمون، ولكننا في المملكة مستمرون في العمل بكل ما نستطيع من قوة، ونبذل كل ما هو متاح من جهد، ونتحدث مع جميع الأطراف القادرة والمؤثرة من أجل وقف إطلاق النار".
كما أشار إلى أنّ "الأمور تطورت بصورة لم نكن نرغب بها، ونحن الآن في وضع لا نملك معه إلا أن نستمر فيه في العمل مع كل الأطراف من أجل وقف النار وحماية المدنيين، وتقديم الدعم والإسناد لهم في بلادهم".
وكان الجنوب السوري الذي يضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، يشهد وقفاً لإطلاق النار أعلنته موسكو مع واشنطن وعمان، منذ يوليو/تموز الماضي، بعدما أُدرجت المنطقة في محادثات أستانة برعاية روسية وإيرانية وتركية، كإحدى مناطق "خفض التصعيد" الأربع في سورية.
وأجبرت العملية العسكرية للنظام السوري وحليفته روسيا، في محافظة درعا، عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار من بلداتهم وقراهم، خصوصاً في الريف الشرقي، وتوجّه معظمهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن الذي أكّد أنّه سيبقي حدوده مغلقة.
وحضت الأمم المتحدة، الخميس، عمان على فتح الحدود، إلا أن الصفدي قال، خلال المؤتمر الصحافي اليوم: "لا نرى ضرورة أو سبباً في أن يتحمّل الأردن وحده هذه المسؤولية"، مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بعدم الضغط على الأردن.
وأضاف "تحمّلنا ما فيه الكفاية بكل صدر رحب. نقدّم كل ما نستطيع لأشقائنا، لكن على الآخرين تحمّل مسؤولياتهم أيضاً، ونحن الآن في مرحلة نعتقد أنّ معالجة الأزمة الإنسانية ممكنة في سورية، وبالتالي يجب أن يكون التركيز على معالجتها في سورية".
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدّر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1.3 مليون شخص منذ الثورة السورية في 2011. وتقول عمان إنّ كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت عشرة مليارات دولار.
ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأردني موسكو في الرابع من يوليو/ تموز المقبل لإجراء محادثات مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، حول منطقة "خفض التصعيد"، جنوب سورية، وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.