ومن الطبيعي أن يبدأ النظام الاعتماد على المساندة الروسية الجديدة في الساحل، بهدف تأمينه أولاً من أي هجومٍ مضادٍ، خصوصاً أن "جيش الفتح" أضحى على الأبواب. وهو ما يكشفه عضو الهيئة العامة في الساحل مجدي أبو ريان لـ"العربي الجديد"، بعد لجوء ضابط منشق إليه، كان أحد المسؤولين عن فوج المدفعية في لواء درع الساحل، في منطقة صلنفة بريف اللاذقية.
وينقل أبو ريان عن الضابط المنشق قوله إن "النظام يُحضّر حالياً لمعركة كبيرة من محورين، الأول يبدأ بالسيطرة على مدينة سلمى في جبل الأكراد، والثاني، وهو الأهم، ستحاول من خلاله قوات النظام السيطرة على تلال جب الأحمر، لأن ذلك سيضمن لها السيطرة على التلال الكاشفة على سهل الغاب وجبل الأكراد، وسيساعدها على استعادة بقية المناطق".
ويُضيف أبو ريان أن "المشاركة الروسية ستكون حاضرة في هذه المعركة، عبر خبراء فقط، من دون استقدام قوات"، مبيّناً أن "المعركة جاءت بناء على خطط روسية مدروسة، تستهدف استعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها لصالح جيش الفتح".
ويشير إلى أن "أكثر ما يخيفنا في لواء درع الساحل هو مدفع جهنم وجرات الغاز والهروب الجماعي وحالات عصيان الأوامر بسببه"، مشيراً إلى أن "هناك 137 حالة فرار من لواء درع الساحل خلال شهر بسلاحهم، نصفهم من الطائفة العلوية، في ظل إيقاف الرواتب الإيرانية والتي تُقدّر بـ 25 ألف ليرة سورية (133 دولاراً أميركياً) للعنصر شهرياً".
اقرأ أيضاً: مسؤولان أميركيان: سبع دبابات روسية في مطار قرب اللاذقية
ومن المعروف عن لواء "درع الساحل" أنه تأسس قبل نحو أربعة أشهر، بعد حشد النظام أبناء الطائفة العلوية، نتيجة الخسائر المتوالية في إدلب. ويتبع اللواء لقوات الحرس الجمهوري، ويضمّ بضعة آلاف من المقاتلين، يُقدّم لهم النظام رواتب شهرية عالية، يقاتلون في الساحل السوري فقط. وقد انتشر هؤلاء بادئ الأمر في قرية الصنوبر، على طريق جبلة ـ اللاذقية وبلدة أسطامو، 20 كيلومتراً شمال غرب القرداحة، قبل أن ينتشروا في مناطق سيطرة النظام في جبال التركمان والأكراد في ريف اللاذقية، إلى أن تركّزوا حالياً في منطقة الصلنفة ومحطيها.
من جانبه، يقول قائد "كتائب الفاروق" التابعة للجيش السوري الحر في الساحل، بلال أوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "المشاركة الروسية لن تكون جديدة، ولكن هناك أخباراً دائمة عن الحشود العسكرية للنظام. ونحن دائماً نأخذ احتياطاتنا في هذا الشأن". ويضيف أن "تلال جب الأحمر كبّدت النظام خسائر عديدة، وبصفتها مطلة على سهل الغاب، فهي كانت دائمة هدفاً مهماً له".
ويبدو أن قوات النظام من خلال سعيها إلى فتح معركة كبيرة في تلال جب الأحمر ستحقق مجموعة من الأهداف، لأن سيطرتها على التلال ستعني فتح الطريق باتجاه بلدة السرمانية في سهل الغاب. وبالتالي حماية المعقل العسكري الأبرز للنظام المتمثل بقرية بمعسكر جورين، ومنع فصائل المعارضة من الوصول إليه. كذلك يعني ذلك أن النظام يستطيع فتح معركة في مدينة جسر الشغور، فضلاً عن تحول هذه التلال لمركز للقصف على معظم مناطق سهل الغاب وجبل الأكراد.
في السياق، فإن هجوم النظام على بلدة سلمى سيحقق له فائدة معنوية بالدرجة الأولى، مقابل كسر معنويات المعارضة مع الحديث المتكرر عن الدعم الروسي. وتُعتبر بلدة سلمى، أبرز معاقل قوات المعارضة، وهي من أولى المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام في الساحل. وتبعد البلدة عن مدينة اللاذقية نحو 48 كيلومتراً، وترتفع عن سطح البحر 850 متراً، وبالتالي فإنها تكشف مساحة واسعة من جبل الأكراد. وتُعدّ سلمى مفتاح سيطرة النظام على الجبل، ومن خلالها يتقدّم ليسيطر على جبل النوبة وبرج القصب، ثم يمكنه فصل جبل الأكراد عن جبل التركمان.
اقرأ أيضاً: روسيا تسلّم النظام السوري طائرات استطلاع ومقاتلات حربية