تسعى بعض الأوساط الغربية، في بحثها عن أسباب تدهور أسعار النفط بهذا المعدل الكبير، إلى تفسيره، خارج إطار العرض والطلب، واللجوء إلى نظرية المؤامرة.
من جهة، تقول أوساط إن السعودية وأميركا تتحالفان لخفض أسعار النفط حتى ينهار الاقتصاد الروسي، وبالتالي ينهار نظام الرئيس فلاديمير بوتين، ومن جهة أخرى تعتقد أوساط أخرى أن السعودية تركت أسعار النفط تتهاوى، حتى تتمكن من ضرب الاقتصاد الإيراني.
أما نظرية المؤامرة الثالثة فتدور حول تآمر الرياض وباقي دول الخليج على ثورة النفط الصخري الأميركية، التي كادت تسحب البساط من تحت أقدام هذه الدول وتقلل أهميتها الاستراتيجية في أمن الطاقة العالمي.
والنظريات الثلاث لها مبرراتها ولها من يدعمها ويصدقها، ولكن هل هي صحيحة؟ وهل تدعمها بيانات إنتاج النفط وأرقام التصدير؟
صحيح أن أميركا، وربما السعودية، ليست على وفاق مع روسيا بشأن قضية أوكرانيا، التي يعبث بها الرئيس بوتين، وصحيح أن أميركا وحلفاءها الغربيين في الاتحاد الأوروبي يسعون عبر الحظر الاقتصادي لإجبار الرئيس بوتين على التخلي عن سياسات إجتياح أوكرانيا.
وحتى بعض الخبراء في جامعة هارفارد اقترحوا، أكثر من مرة، على إدارة الرئيس أوباما، استخدام سلاح النفط ضد روسيا، وذلك عبر فتح باب تصدير النفط الصخري، أو حتى الاتفاق مع السعودية لاستغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لإغراق أسواق الطاقة، وتركيع الرئيس بوتين عبر إفلاس الخزينة الروسية.
ومعروف أن دخل الخزينة الروسية يعتمد بنسبة 80% على مبيعات الطاقة، كما هو معروف أن السعودية قادرة على إغراق السوق بالنفط وخفض الأسعار إلى مستويات أقل كثيراً عن 70 دولاراً للبرميل، لأن لديها طاقة فائضة.
وتقدر الطاقة الإنتاجية الكاملة للسعودية بحوالى 12.6 مليون برميل يومياً، منها 2.6 مليون برميل غير مستغلة وتعد طاقة جاهزة، تستخدم عند الحاجة.
لكن المؤكد أن السعودية لم ترفع إنتاجها النفطي، كما أن إدارة الرئيس أوباما لم توافق على مقترحات بعض أعضاء الكونجرس برفع الحظر عن تصدير النفط الصخري.
وتؤكد أرقام الإنتاج، التي تنشرها منظمة "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية في انتظام ، أن الإنتاج السعودي تأرجح طوال الفترة من يونيو/حزيران وحتى الآن، بين 9.6 و9.7 مليون برميل يومياً، وهو المتوسط المعتاد لإنتاج المملكة، وبالتالي فالأرقام تؤكد أن السبب الرئيسي وراء تدهور الأسعار هو تباطؤ النمو العالمي، الذي أدى إلى انخفاض الطلب على النفط وليس نظرية المؤامرة.