أحالت اللجنة التشريعية في مجلس النواب المصري، رد مجلس الدولة، الرافض لتعديلات قانون السلطة القضائية، إلى الجلسة العامة للبرلمان، الأربعاء، لأخذ الرأي النهائي على القانون، الذي يمنح رئيس الجمهورية سلطة تعيين رؤساء الهيئات القضائية، عوضاً عن مبدأ "الأقدميات" الراسخ في القضاء المصري منذ عقود عدة.
وقالت مصادر برلمانية مطلعة، إن هناك اتجاها داخل المجلس النيابي لإقرار التعديلات التي انتهى إليها المجلس، وعدم الأخذ بتقرير مجلس الدولة برفض القانون، بدعوى أن رأي الأخير استشاري، وليس إلزامياً للنواب، على الرغم من نص المادة (185) من الدستور، على وجوب أخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها.
وينص مشروع القانون، المقدم من ائتلاف الغالبية (دعم مصر)، وترفضه جميع الهيئات القضائية، على إعطاء عبد الفتاح السيسي سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، من بين 3 نواب بكل هيئة ترشحهم الجمعيات العمومية لها، من بين أقدم 7 نواب لرئيس كل هيئة قضائية، بهدف إحكام سيطرة الرئاسة على السلطة القضائية وقراراتها.
وقال مقدم القانون، أحمد حلمي الشريف، عقب اجتماع اللجنة التشريعية، إن البرلمان سيقر القانون، بشكل نهائي، اليوم، على اعتبار أن القانون مستوف الشروط والضوابط الدستورية، وإرساله لرئيس الجمهورية، للتصديق عليه. وهو ما أيده عضو اللجنة، إيهاب الطماوي، قائلاً: إن "تكتل الأغلبية يؤيد تمرير القانون، ولا بد من احترام رغبة النواب، كون إصدار التشريعات يعد اختصاصا أصيلا لمجلس النواب".
في المقابل، قال نائب رئيس مجلس الدولة، محمد خفاجي، إن إقرار البرلمان للقانون قبل انعقاد الجمعية العمومية لمجلس الدولة بثلاثة أسابيع، لاختيار رئيسه، يمثل استبداداً برلمانياً. مضيفاً، في تصريحات صحافية، أن القانون "سيخلق حالة من الاحتراب بين السلطات، بديلاً عن مبدأ الفصل بين السلطات".
من جهتها، كشفت مصادر برلمانية، عن تواصل بين قضاة وعدد من النواب، خلال الفترة الماضية، من أجل تشكيل كتلة معارضة لتعديل قواعد تعيين رؤساء الهيئات القضائية. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن هذا التواصل حدث بشكل شخصي ولم يكن رسميا، لأجل عرقلة أي محاولة لتمرير مشروع القانون، رغم اعتراض مجلس الدولة.
وأضافت أن بعض الهيئات القضائية المعترضة على التعديلات المطروحة أرسلت نصوص المذكرات الرسمية على هواتف نواب في البرلمان.
وعن فحوى الاتصالات، شددت على أنها ليست من نوع توجيه النواب، ولكن فقط توضيح وجهة نظر الهيئات القضائية في رفض التعديلات المطروحة. وتوقعت حدوث انفراجة في الأزمة بعد ضغوط من نواب على علي عبد العال لطرح المشروع مرة أخرى للمداولة، وتنظيم جلسات استماع للقضاة للوصول إلى حل وسط.
وحول هذه الانفراجة المتوقعة، أكدت أن هذا يتحدد بعد جلسات استماع مع القضاة، مشيرة إلى أنه ليس من المنطقي فرْض تعديلات على قانون أي هيئة من دون الموافقة عليه.
وطالبت بضرورة وقْف أي أمر يمكن أن يؤدي إلى صدام بين السلطتين التشريعية والقضائية، والتي يمكن أن تمتد إلى السلطة التنفيذية ممثلةً في رئيس الجمهورية حال إصرار الأغلبية البرلمانية على تمرير تلك التعديلات وإرسالها للسيسي.
وفي وقت سابق، قالت مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار، إن رئيس اللجنة التشريعية، بهاء أبو شقة، لعب دورا كبيرا في الدفع بقوة لتمرير تعديلات اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وهو ما جاء متوافقا مع رغبة النظام الحاكم.
وتلقّى مجلس النواب مذكرات رسمية من هيئات قضائية لرفض تعديل قواعد تعيين رؤساء الهيئات القضائية، التي تقدّم بها وكيل اللجنة التشريعية، أحمد حلمي الشريف.
وتقضي التعديلات باختيار الجمعية العمومية لكل هيئة قضائية ثلاثة من نواب الرئيس، على أن يختار رئيس الجمهورية رئيس تلك الهيئة من بينهم، بالمخالفة لمبدأ "الأقدمية" التي كانت تعتمد عليه الجهات القضائية سابقا.
وذهب مراقبون، إلى أن تلك التعديلات مقصود بها عدد من القضاة بعينهم ومنعهم من تولي رئاسة الهيئات القضائية، أبرزهم نائب رئيس محكمة النقض، أنس عمارة، ونائب رئيس مجلس الدولة، يحيى الدكروري.