جاء رفض اللجنة، عقب إدراج المشروع على جدول أعمالها، بشكل مفاجئ، فور إحالته من رئيس البرلمان، علي عبد العال، والذي أدخل تعديلات موسعة على قوانين السلطة القضائية، ومجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، والمحكمة الدستورية العليا، وشملت تعيين العشرين الأوائل من كليات الحقوق بجميع الهيئات القضائية.
ونصت التعديلات على أنه يُشترط فيمن يولى القضاء ألا يقل سنه عن ثلاثين عاماً ميلادية، إذا كان التعيين بالمحاكم الابتدائية، وعن ثمانٍ وثلاثين سنة إذا كان التعيين بمحاكم الاستئناف، وعن إحدى وأربعين سنة إذا كان التعيين بمحكمة النقض، وألا يكون قد حُكِمَ عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مُخل بالشرف، ولو كان رُدَ إليه اعتباره.
وفي ما يتعلق بتعيين القضاة بالمحاكم الابتدائية، أقرت التعديلات بتعيين نسبة من المحامين الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية، بشرط أن يكونوا مارسوا فعلاً مهنة المحاماة، لمدة تسع سنوات، وأعضاء هيئة التدريس بكليات الحقوق، والمشتغلين بعمل يعتبر بقرار تنظيمي عام يصدر من مجلس الهيئات القضائية.
ونصت على ألا يجوز عند التعيين في وظيفة رئيس بالمحكمة الابتدائية أو قاض بمحاكم الاستئناف أن تقل نسبة التعيين من المحامين المشتغلين بمهنة المحاماة عن العشر، وألا تقل عن الربع عند التعيين في وظيفة قاضٍ بالمحاكم الابتدائية، والعشر عند التعيين في وظيفة رئيس بالمحكمة الابتدائية أو قاضٍ بمحاكم الاستئناف.
وعلى الرغم من نص الدستور على إلغاء ندب القضاة بحلول عام 2019، إلا أن التعديلات نصت على جواز ندب القاضي مؤقتاً لأعمال قضائية أو قانونية، خلاف عمله، أو إضافة إلى عمله، بقرار من وزير العدل، بعد أخذ رأي الجمعية العامة التابع لها، وموافقة مجلس القضاء الأعلى، على أن يتولى الأخير تحديد المكافأة التي يستحقها القاضي عن هذه الأعمال.
وأشارت المذكرة الإيضاحية للتعديلات إلى أنها جاءت إعمالاً لأحكام دستور 2014، والتي اشترطت أن يكون تولي الوظائف العامة على أساس الكفاءة والجدارة، والمساواة بين المواطنين، وبهدف رفع الظلم عن أجيال من الشباب المتفوقين، والذين يُجرى تخطيهم في التعيين، دونما أية شائبة تشوبهم، إلا أنهم من أبناء الطبقة المتوسطة أو الفقيرة.
الكليات العسكرية
وعن منع خريجي كليات الشرطة والكليات العسكرية من التعيين في أي من الجهات والهيئات القضائية، أشارت المذكرة الإيضاحية إلى أن هذه الكليات تقصد تخريج الشباب القادرين على حمل السلاح، والتعامل معه وغيره من فنون القتال والدفاع عن الوطن، بما يُفوت على الدولة الكثير حينما يتقدم الشاب للعمل بسلك القضاة، وهو مؤهل للعمل بمهنة أخرى.
وقال مقدم مشروع القانون، أمام اللجنة، إن الجميع يعي أنه لا يحصل أي مواطن مصري على فرصة الدخول لكلية الشرطة أو الحربية "سوى بالواسطة"، وبالتالي هم يحصلون على فرصة عملهم، ومن ثم فرصة أخرى بالتحاقهم بالقضاء، بما يُهدر على المتفوقين الحصول على فرصة الالتحاق بالقضاء.
مشادات كلامية
وشهد اجتماع اللجنة مشادات كلامية بين الأخير، وعضو ائتلاف الغالبية، سوزي ناشد، والتي تحفظت على التحاق المحامين بالسلك القضائي، ورفع نسبة القبول بالنيابة، قائلة "يعني أنت عاوز ترفع سن دخول النيابة إلى 80%، وتدخل المحامين للقضاء، رغم أنهم بيطلعوا كل سنة بدور ثان"، وفق قولها.
وانفعل مقدم القانون، قائلاً: "إيه المشكلة؟ طب أنا محام، ورئيس اللجنة كذلك، والمحامين مش متخلفين يعني عشان مايشتغلوش في القضاء.. ومش حرام ولا عيب، في منهم متفوقين، وأولى من أصحاب الواسطات، وهذه الرؤية معمول بها في كثير من دول العالم، وأرى ضرورة الأخذ بها في مصر".
وعقبت ناشد قائلة "لا توجد أي ملاءمة سياسية أو ظروف اجتماعية لإقرار هذه التعديلات في الوقت الحالي، والقضاة أقروا مصلحة الوطن عندما أجرينا تعديلات على قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية"، متابعة "سلامة الدولة المصرية تتطلب رفض هذا المشروع".
وأيدها النائب عبد المنعم العليمي، قائلاً إن "القضاة قامة وقيمة، وأصحاب خبرة كبيرة، وبالتالي الإسراع في تعديل سن القضاة من خلال مشروع القانون أمر غير مطلوب".